الترجمة في ليبيا
مثل باقي الدول العربية.. لا يختلف وضع الترجمة في ليبيا عن الآخرين.. من عدم اهتمام المؤسسة إلى النقص في الإمكانيات حتى صار الأمر إلى ماهو عليه اليوم من تخلف عن ركب الدول الأخرى لنصبح نحن العرب في أدنى مستوى.. ومايصلنا من إحصائيات عبر الوسائل الإعلامية أمر مؤلم ومذهل عندما نعرف أن ما يترجم سنويا من كتب في دولة أوروبية مثل إيطاليا أو أسبانيا يعادل أضعاف ما يترجم من كتب في الدول العربية مجتمعة…
كل هذا نتيجة لتكاسل أبناء هذه الأمة التي تتغنى بحضارة الأجداد وتتخلف عن ركب الحضارة الحديثة.. ولعدم وجود مشروع حقيقي تتبناه المؤسسات العلمية لنقل ما يمكن نقله من الإنتاج المعرفي والثقافي المتواصل من اللغات الأخرى.. ورغم ما تعانيه حركة الترجمة والنقل من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية.. تظل هناك جذوة تضيء العتمة من حولنا.. تتجسد في الجهود الفردية التي يبذلها البعض من أبناء هذا الوطن بمساهماتهم في نقل ثقافة وعلوم الآخر إلى المكتبة الليبية لتعم الفائدة على كل باحث وقاريء وأستاذ جامعي أو طالب يعد رسالة التخرج…
وفي جميع الأحوال تمد الترجمة جسرا للتواصل مع العالم الآخر وتفتح لنا النافذة على كل ما هو جديد.. وعلى الساحة الليبية برزت أسماء لكتاب وأدباء اقتحموا حقل الترجمة واستطاعوا أن يمتلكوا أدواتها ويثروا المكتبة الليبية بعديد المؤلفات العلمية والأدبية والتاريخية التي كتبت باللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية.. ومن هؤلاء المترجمين علي فهمي خشيم وخليفة التليسي وفؤاد الكعبازي وعبدالكريم الوافي وإبراهيم النجمي وفرج الترهوني وسالم بن عامر وإبراهيم المهدوي ورؤوف بن عامر وغيرهم..
رحلة إبراهيم المهدوي…
يبرز اسم الدكتور إبراهيم المهدوي كمترجم وأستاذ جامعي ومؤلف لعديد الكتب عبر مسيرة من العطاء المتواصل لهذا الوطن الذي أحبه وأخلص له…
الدكتور إبراهيم أحمد المهدوي حفيد المجاهد الشهيد امحمد حمد المهدوي.. شهد النور في منطقة القوارشة بمدينة بنغازي عام 1944 في عهد الإدارة العسكرية البريطانية أيام كانت البلد قد خرجت من محنة الحرب العالمية بين قوات الحلفاء والمحور…
وتفتحت مداركه في عهد استقلال الدولة الليبية.. وكان من الجيل الذي تلقى تعليمه الأولي في سنوات التأسيس وبناء الدولة.. حيث درس المرحلة الإبتدائية في مدرسة البركة بين أعوام 1952 ــ 1956م وكان من المدرسين في تلك المدرسة مسعود الغرياني وعلي العبيدي والسنوسي الغرياني ويوسف الشريف.. إضافة إلى المدرسين المصريين الذين شاركوا في العملية التعليمية ضمن البعثة القادمة من مصر…
التحق ابراهيم المهدوي بكلية الآداب والتربية وتحصل على شهادة الليسانس (فلسفة وعلوم اجتماع) بتقدير جيد جدا خلال العام الدراسي 1968 ــ 1969م.. وتعين بعد تخرجه معيدا بكلية الآداب.. وخلال عامي 1970 ــ 1971 درس اللغة الإنجليزية بجامعة بتسبرج بولاية بنسلفانيا الأمريكية…
كما تحصل على ماجستير علوم مكتبات ومعلومات من جامعة اللينوي الشرقية بالولايات المتحدة عام 1972م.. ولم يكتف بدراسة اللغة الإنجليزية.. لأن شغفه بتعلم اللغات الأجنبية دفعه للسفر إلى إيطاليا وتعلم اللغة الإيطالية بجامعة بيروجيا للأجانب خلال عامي 1976 ــ 1977م.. ونال شهادة الدكتوراه في (الأرشيف الجاري والتاريخ) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من كلية الآداب بجامعة روما (لاسبينزا) عام 1980…
وأكمل الدكتور إبراهيم المهدوي مسيرته العلمية كأستاذ ومحاضر بقسم الإعلام وقسم المكتبات والمعلومات ورئيسا للقسم ليحتل بعد ذلك مكانة بارزة بين المترجمين الليبيين والعرب وذلك بترجمة الكتب الآتية من اللغة الإيطالية إلى العربية:
1. العلاقات البحرية مابين ليبيا وإيطاليا.. للمؤلف كاميللو مانفوري 2. استيطان برقة قديما وحديثا.. للمؤلف غوليم ناردوتشي 3. سكان برقة.. للمؤلف هنريكو دي أوغسطيني 4. المصادر غير المنشورة لتاريخ طرابلس.. للمؤلف باول توسكي 5. عرض للوقائع التاريخية البرقاوية.. للمؤلف فرنشسكو روفيري 6. دليل الفن الصخري في الصحراء الليبية.. للمؤلف باولو جراتسيوسي 7. سكان الإقليم الطرابلسي (دراسة اثنوغرافية تاريخية).. للمؤلف هنريكو دي أوغسطيني 8. بنغازي من خلال عدسة مصوراتي 1912 ــ 1943.. للمؤلف فرنشسكو برستوبيني 9. الأيام الأخيرة لمتصرفليك بنغازي.. للمؤلف جوليو بوناتشي 10. كتابات عربية وتركية في متحف طرابلس.. للمؤلف ايتوري روسي 11. كتابة التاريخ والمصادر الغربية حول ليبيا.. للمؤلف سالفاتور دي بونو 12. على بعد خطوة من حبل المشنقة.. للمؤلف انجلو ديل بوكا 13. سكان برقة (دراسة اثنوغرافية انثروبولوجية).. للمؤلف ألدو ماي 14. مباديء وقضايا علم الأرشيف.. للمؤلف اليو لودليني 15. محاضرات في علم الأرشيف.. للمؤلف دا آداريو 16. مستقبل برقة من الناحية الاقتصادية.. للمؤلف جوتهولد هيلدبراندت 17. استيطان ليبيا.. للمؤلف هنريكدي ليوني 18. مع الطوارق في تمبكتو والصحراء.. للمؤلف كلاوديو باتشافيكو 19. ماذا فعل الإنجليز في برقة.. للمؤلف ليساندرو بافوليني 20. مائة يوم من الأسر في واحة الكفرة.. للمؤلف جوفاني بريتسي 21. قضايا وأحكام المحكمة العسكرية الإيطالية ببنغازي 1913ــ 1915م…
وإضافة إلى الكتب السابقة ترجم المهدوي من اللغة الإنجليزية إلى العربية الكتب الآتية:1. تجوال في شمال افريقيا.. للمؤلف جيمس هاملتون 2. حفظ الأرشيف.. للمؤلفة آنا بيدرسون 3. برقــــة.. للمؤلف بونتفت 4. برقة.. القبائل البرقاوية وتفريعاتها.. للمؤلف ايفانز بريتشارد 5. واحة البركة.. الإسلام في مجتمع واحة ليبية.. للمؤلف جون ماسون.
خاض الدكتور إبراهيم المهدوي تجربة سنوات طويلة في الترجمة واستطاع أن ينقل إلى المكتبة العربية زخما من الكتب التي يفتقدها الباحثون وطلاب العلم.. وأن يضع بصمته ويحتل مكانة بين المترجمين العرب الذين أسهموا في نقل المعارف والعلوم.. إضافة إلى تأليفه لعدد من الكتب في الأرشيف والمكتبات.. ونشره للعديد من المقالات في الصحف والمجلات رغم مسئولياته العلمية كأستاذ جامعي ومحاضر ومشرف على الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراه.
* سبق نشر المقال في صحيفة الحياة الليبية الثلاثاء 26 أكتوبر 2021.