قصة

الجرو الصغير

من أعمال التشكيلي علي المنتصر

كان للفلاح مزرعة بها بقرة يحلبها ويبيع حليبها لأهل القرية، وكلبة كبيرة معها جروها الصغير يرافقانه في رعي الأغنام.

كل يوم يغادران مع القطيع إلى المرعى يحرسان الغنم ويمنعان اقتراب أي خطر منه.

الكلبة إلى جانب قيامها بالحراسة كانت تعلم جروها الصغير كل أصول العمل حتى يستطيع القطيع الاعتماد عليه وتلاعبه وترضعه من وقت لآخر، والجرو فرح مسرور بأشعة الشمس والهواء النظيف ويظل يجري خلف الخراف الصغيرة ويشاكسها، ويتمرغ على العشب الأخضر، وأحيانا ينام في ظل شجرة من شدة التعب فتوقظه أمه بنباح رقيق آخر النهار عند العودة إلى البيت.

إن الكلبة تحب ابنها كثيرا وليس باستطاعتها أن تفارقه لحظة واحدة كما هو الحال مع الجرو الذي كان متعلقا بأمه التي تمنحه الحب والحنان والعطف وتسهر على حراسته وحمايته من المخاطر.

كما كانت تحب الفلاح الطيب لمعاملته الحسنة لها ولابنها، كما تحظى بمحبة الجميع ومحبة الفلاح خصوصا؛ لأنها انقذت البقرة من السرقة ذات ليلة، فقد كان بيت الكلبة بالقرب من حظيرة البقرة، عندما شعرت الكلبة بأن أحدهم يقترب من البقرة ويريد سرقتها، ارتفع نباحها الغاضب ليصل إلى الفلاح الذي خرج وامسك باللص، وشكر الفلاح الكلبة بأن قدم لها وجبة دسمة من اللحم والحليب، وفرحت البقرة بنجاتها.

في أحد الأيام وكالعادة جاء ميعاد الذهاب إلى المرعى، اخرج الفلاح القطيع وانتظر خروج الكلبة وابنها لكنهما لم يخرجا، استغرب الفلاح تأخرهما ودخل إلى بيتهما لينظر ماذا هناك؟

تفاجأ كثيرا عندما وجد الكلبة مغمى عليها وحرارتها مرتفعة جدا والجرو في حضنها يرضع.

أعاد الفلاح الأغنام إلى الحظيرة وذهب لإحضار الطبيب للكلبة.

أخذ الطبيب يبعد الجرو عن أمه وقام بحقنها بالدواء وقبل أن ينصرف الطبيب قال للفلاح:

– عليك أن تبعد الجرو عن أمه ولا تدعه يرضع منها لمدة أسبوعين.

شكر الفلاح الطبيب وقام بوضع الجرو الصغير في زاوية من حظيرة البقرة، فيما كان الجرو لا يكف عن النباح مناديا أمه، وأمه لا تستطيع الرد عليه وهي تعاني الوجع وتئن من الألم.

قدم له الفلاح الحليب في إناء واسع لكنه امتنع عن شربه وحزن الفلاح لأجله ولم يعرف ماذا يفعل بشأنه خصوصا أن حالة الكلبة ازدادت سوءا ولم تنفعها حقن الطبيب ليومين متتاليين، واستمر الجرو في نباحه مطالبا بأمه ولكن لا فائدة.

في صباح اليوم الثالث ماتت الكلبة تاركة جروها الصغير يبكي وينبح بشدة، وشعر الفلاح بحزن عميق لموتها وهو يضم الجرو إلى حضنه محاولا اسكاته، كما تعاطفت البقرة والأغنام معه وبكت على الكلبة المخلصة.

لم تستطع البقرة النوم تلك الليلة بسبب بكاء الجرو المتواصل وبحثه عن أمه في الحظيرة، وهو ينظر إلى ضرع البقرة يزداد نباحه، يذكره بضرع أمه، فلم يكن في وسعها إلا أن اقتربت منه وانثنت على ركبتيها وقالت له بعطف:

– تعال أيها الجرو وارضع حتى الشبع فلدي حليب كثير.

جرى الجرو إليها واختفى تحتها يمتص الحليب.

منذ تلك الليلة توقف الجرو عن النباح وامتنع الفلاح عن بيع الحليب من أجله.

مقالات ذات علاقة

ريحانة والشباك

المشرف العام

لا شيء يدوم

رشاد علوه

هـكـذا أتذكر هنـد

اترك تعليق