من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي
شعر

بــلادكــم لكـــم

الاهداء: الى اطفالى، اسامة خديجة وعزيزة، وكل الاطفال النازحين فى وطنهم. هذه المرة اهدى هذه القصيدة الى اطفالى ايضا، اطفال صديقى الشهيد عبد السلام المسماري. الرصاصة التى اخترقت قلب عبد السلام المسماري اخترقت قلوبنا جميعا. ايها السادة : نحن الآن مجرد جثث تسير!

Fathia_Jeroshi (6)

أريد أن أخلق للأشياء في جذورها معنى فصيحاً غامضاً،

ما حلمت به،

يعيدها سيرتها الأولى إلى بداية التكوين،

أريد أن أعيد خلقها سوية،

نقية،

طاهرة،

كيما تعود الدهشة الأولى إلى عينيّ،

أريد أن أراها تتكى على ضفاف الحلم من جديد،

وتفتح الأبواب للأطفال نحو جنة الفراشات وموطن الطيور،

أريد أن أراها حرة، تطير،

 

أريد أن أخلق في سمائي وطناً،

ما غضّنته الحرب،

أو تكالبت على أحلامه ثقافة القبور،

أريد أن أختط في أوراقي وطناً مزدهراً بالضحكات،

لم يسقط أمام نار الحقد والصراخ،

أو يتيه في بلاهة الذهول،

أريد أن ينهزم المغول،

الراكبون فوق دبابات جهلهم والممتطون الغضب المجنون نحو حتفهم،

والضاربون دون خجل للهمجية الطبول،

أريد أن تزدهر الحدائق الغنّاء،

في صدور الناس،

قبل سطح الأرض،

أن نستعيد لذة الإحساس بالإحساس،

كيما نرى نزيفنا مندفعاً في غفلة منا إلى المجهول،

أريد أن ينتصر الشهيد،

ذاك الذي ليس لدينا من زخارف الدنيا ومن ضجيجها ما سوف يستهويه،

ليس لدينا غير عارنا المفضوح ما نعطيه،

يسمعنا نصيح كل يوم حاملين نعشه على أكتافنا،

لكنه يشعر في السماء بالخديعة،

فحلمه الذي نقسم: لن نبيعه،

بعناه بخساً بالثرى،

بسرعة فظيعة،

 

أريد أن ينتحب الحمام تحت رأس قلمي،

ويقبل الأطفال مني هذه الوديعة:

(وهي هنا وديعة لأنها تعطى إلى أصحابها، وليس تعطى أحداً، مسبقاً، أية بيعة)

بلادكم لكم،

بلادكم ليست لهم،

بلادكم – كي تستحيل جنةً – لكم

وهي التي تئن تحت وطأة الأطماع دائماً لكم

لا تقبلوا،

مهما اشتاط الهم أو تفرعن البغاة،

لا تقبلوا شيئاً يقل عن أحلامكم،

لا تستكينوا للوعود الكاذبة،

وانتبهوا حين يراق في الطريق دمكم،

وحين يغلق الكبار فتحتي آذانهم،

ويفتحون – دون خجل – أفواههم،

لا تحفلوا بهم،

هم ينتهون،

غير أنكم باقون،

هم يصرخون،

غير أنكم بالغد تحلمون،

هنا بلادكم تحبكم،

وتستعد أن تحضنكم من اجل غدكم وغدها،

لكنها تغسل في المياه جرحها،

كي تطرد الأمراض والذباب والجنون.

 

بلادكم لكم،

 

لا تستكينوا لرياح الخوف حينما يطلقها الطغاة في وجوهكم،

جربت قبلكم أن أتصدى للرياح العاتية،

لكنني لا زلت حتى الآن حياً، واقفاً،

واندحرت عواصف الرياح،

 

الورد للأطفال رغم أنف كل بندقية،

ورغم أنف كل طامع سيشرق الصباح،

 

بلادكم لكم،

 

أنتم لها،

 

تستنطقون الماء في آبارها،

حتى يصيح:

ها أنا هنا،

فتحضرون كالعصافير وتشربون من رحيقها،

تسقط من حسابكم خطيئة الأوزار حين يرتكبها الكبار

 

وعندما أموت وأقابل الشهيد،

إن كنت أصلاً قد أقابل الشهيد،

سوف أقول له:-

لا تلتفت إلى الكبار حين يعبثون،

وحينما تقتلهم أحقادهم،

وانظر إلى الأطفال حين يحلمون،

وانظر إلى ما سوف يورثونه أحفادهم،

 

ومن هناك سوف يدعو خاشعاً لكم،

وسيقول دائماً لكم:

بلادكم ليست لهم،

بلادكم لكم.

 

 

أما أنا،

آت إليك الآن يا حبيبتى،

فاستقبليني كيفما شئت،

بوردة،

زغرودة،

أو برصاصة.

 

 

مانيلا 22/5/2013

 

مقالات ذات علاقة

لك الصوص.. لنا علفة التاريخ

ربيع شرير

عَـــمَّدتُ في رَيَّــــاكِ … حِسِّي

علي الجمل

سفر التكوين

عمر الكدي

تعليق واحد

nsr salm 13 أغسطس, 2013 at 15:09

لتدعو الله ان يحفظ ليبيا من اطماعنا نحن وجهلنا ومن سوء اخلاقنا قبل اطماع الأخرين

رد

اترك تعليق