الأغنية “نعيم الحب” يبدأ مطلعها بـ ”إلتقينا.. لم يعُد للحزن معنى” وهي قصيدة poem للشاعر خالد زغبية من استثناءات الرومنطقيات الليبية التي شدت ومازالت تشُد بزخم صوت المطربة نازك وبراعة لحن الموسيقي حسن عريبي وجدان جمهور الستينات الليبي الذي مازال يحيا فينا دوقاً رهيفاً وسماعاً شائقاً، الجيل الدي ما أبعدته الأغنية الدارجة عن فصاحة الكلمة وموسيقى القافية في ديوان الحب في ستينيات ليبيا بلد طيوب الفن والطرب.
فالقصيدة التي تُقرأ في ديوان الشاعر، تحولت أغنية في لحن الموسيقي إد انزاحت قوافيها إستعارات هيأت شطر القصيدة المفتتح لتنويعات الفنان حسن عريبي اللحنية حيث أضحت المقدمة النغمية غنائيةً لائمها الـ”lyric“ فطابق اللحن الـغناء.
والتقينا وبعدها جملة “لم يعد” تتكرر بنفي جزمي لسيرورة الماضي المهزوم في النسيان بفعل المضارع الدي يحضر فيه الحب وقد انتصر على العوائق من جديد في تراكم الكم مع الكيف، فيستعاد الحب خطوة بعد خطوة، فباللقاء يصدح الشاعر بصوت العندليب: ”لم يعد للحـــزن معنى.. لم يعد قلبــي خفاقا مُعــنّى.. لم تعد أحــلامنا العذراء وهما.. وتباريح وأنّــات وحــزنا.. لم تعد آمالنا الأبكار طيفا.. نحن صيرنا الهـوى لحنا مُرنّا.. يا حبيــبي قد كفانا ما لقينا.. من تباريح الهوى إنا ثملنا.. يا حبيـبي قد كفانا ما لقينا.. من عذابات الهوى هجرا وغُبنا.
من كل شطرة أولى في القصيدة نلحظ تكرار معنى يتتبعه اللحن الموسيقي بخصائص نغمية مميزة.. تقابلها خصائص شطرة ثانية من الأغنية إذ يتدافع اللحن راقصا في مغناة قافيتها باللحن تتكلم بضمير العاشقين في سيرورة تحوّل نوعي تُرفق التقدم بالتتالي في ثنائية أمس يتجاوزها اليوم تحوّلاً نوعياً من كينونة “الذي كان بالأمس” إلى سيرورة “صار اليوم..”: ”نحن صيرنا الهوى في راحتينا.. ألف دنيا ألف رؤيا ألف معنى.. فالذي قد كان بالأمــس ضراما.. من جحيم الحب صار اليوم أمنا.. والذي قد كان بالأمس نحيبا.. من صميم القلب صار اليوم لحنا“.
من الكينونة عبر السيرورة إلى الصيرورة ومن البدء إلى الخاتمة يكتمل التعبير الموسيقي بإيقاع راقص رشيق ينقلنا من الـ ”lyric“ الذي يضمرُ معنىً في حزن وعناءً في خفقة قلب، ووهما في عذرية الأحلام، وحزناً وتباريح تلفظها الأنات، إلى زخم الأغنية وقد تجاوز فيها الشعر ذاته في مغناة الـ ballad مطوراً لحنه بإيقاعات الأغنية الفرنسية chanson balladée بمعناها المعاصر. إذ ترتبط موسيقى تشانسون الحديثة بموسيقى الكاباريه من القرن التاسع عشر في باريس بموسيقى البوب المعاصرة.
”يا حبيبي قد كفانا ما لقينا.. من تباريح الهوى إنا ثملنا.. يا حبيـبي قد كفانا ما لقينا.. نتشهّى نترجى نتمنى.. أن يجود الدهر يوما بلقانا.. قد كفانا أننا اليوم انتصرنا.. قد مضى عهد النوى لا كان هجر.. مذ صبا قلبانا عدنا فاعتنقنا.. فإذا الدنيا حوالينا رياض.. وإذا نحن طيور نتغنى.. فارتشفنا من رُضاب الحب عذبا.. ونهلنا من سلاف القلب دنّا.. والتقينا.. لم يعد للحزن معنى.. فانثـنينا وانتشـينا وطربنا“.