مختار دريرة
مقهى (عبدالله شوشان)
حيث يقع هذا المقهى في شارع الوادي في عمارة وفندق الحصايري، التي تم إزالتها. وكان هذا المقهى قريبًا من مبنى جريدة الرائد وجريدة الميدان، وبالقرب من سينما همبرا وسينما لوكس، وقريبًا من أهم المكتبات في المدينة؛ مكتبة الفرجاني.
هذا الموقع، جعل هذا المقهى قبلة للكثير من رواد الأدب والفكر والثقافة من الداخل والخارج، حيث كان من رواد هذا المكان، الأديب الفذ والإعلامي المفوه والكاتب الرائع والأزهري علي مصطفي المصراتي، والكاتب والمؤلف الكبير علي فهمي خشيم. كما كان من رواد هذا المقهى، المفكر والفيلسوف العربي وصاحب مشروع نهضوي حضاري، العالم الجزائري مالك بن نبي، والاستاذ الدكتور فلسطيني الأصل أمين توفيق الطيبي، المحاضر في الجامعات الليبية، والصحفي والكاتب والشاعر علي بشير السوكني، وفاضل المسعودي؛ اليساري الشهير، والكاتب عبد القادر بوهروس صاحب الرواية الشهيرة (نفوس حائرة)، ومن رواد هذا المقهى، محمد أحمد الزوي الكاتب والمؤلف المعروف، وأيضاً كامل المقهور، وكامل عراب. كما كان من أهم رواد هذا المقهى شاعر الوطن؛ أحمد رفيق المهدوي.
كان المكان زاخرًا بالحوار والادب والثقافة، رغم اختلاف الافكار لكن ثقافة الحوار كانت أصيلة، أصالة المكان، كنت في هذا المقهى تستمع الي الشعر والنقد والبلاغة في كثير من الوقار واحترام الاخر.
مقهى (القنبرينوس)
وهو مقهى وحانة من أول سنة 1930 الي 1969م، يرتاده السكان علي اختلاف جنسياتهم، فهناك الليبيين والإيطاليين واليهود واليونانيين، وكل هذه الجنسيات تلتقي علي طاولة ريمينوا واحده، يمارسون القمار، حتي أقفل في 1969م، وافتتحه الحاج محسن وأوقف فيه بيع الخمور والقمار، واختار له اسم مقهى (زرياب)، وأصبح المكان منتدى وملتقى للإعلاميين من السودان ومصر وسورية وملتقى الادباء والشعراء والفنانين من ليبيا.
كان أشهرهم الأديب رضوان أبوشويشة، والمؤرخ الأديب علي مصطفى المصراتي، والأديب زياد علي، والشاعر الجيلاني طربشان، وأحمد إبراهيم الفقيه، كاتب القصة القصيرة ورئيس تحرير الأسبوع الثقافي. وكان أحد رواد مقهى زرياب الشخصية الحزبية، لطفي خالد، الذي انتقل بين العديد من الأحزاب من الإخوان المسلمين إلي الحزب الشيوعي، ومنها الي الفكر الوجودي..
كانت ليبيا عامةً وطرابلس خاصة في تلك الفترة، تمر بكثير من الأطياف الفكرية والأدبية والسياسية، تحولت فيها المقاهي إلى منتديات وصالونات ثقافية تناقش فيها الأفكار والاتجاهات السياسية تصنع فيها القصائد الشعرية، وتخرج منها الألحان الموسيقية واللوحات الفنية.
Caffe Commerciale
المكان يتوسط مدينة طرابلس، إنه Caffe commerciale. تأسس هذا المقهى في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، وكان يطل علي ميدان الشهداء، وليس ببعيد علي نافورة الخيول الاسطورية والتي هناك مثيلتها في ڤيلا برقيزي في روما.
فوق مبنى المقهى تأسس نادي الاتحاد النادي العريق، وبجواره مبنى بريد الميدان.
يطل المقهى من الجانب الشرقي علي شارع الاستقلال، وبجانب هذا المقهى أشهر محرر عقود للأستاذ أورخان القرمالي، الذي وثق بيع أكثر عقارات وسط طرابلس، وكان سابقاً مجاور لجامع سيدي حموده.
هذا المقهى يرتاده الكثير من أهل الفن والثقافة، وكان الأستاذ محمد حقيق يعزف البيانو في جنبات هذا المقهى، وفي هذا المقهى كان اللقاء التاريخي بين شيخ المالوف علي منكوسة والموسيقار حسن عريبي، الذي اهتم كثيراً بهذا الفن، وأنشاء فرقة مالوف بصورة جديدة، وكان من رواد هذا المقهى كاتب الأغنية الليبية الأستاذ عبدالله بوسنوقة، كما كانت تخرج من هذا المقهى المظاهرات، وتجسد موقف الشارع الليبي في ذلك الوقت.
هذه هي مقاهي طرابلس فيها يلتقي الفنانين والشعراء والأدباء والمفكرين، ومنها تتكون الفرق الموسيقية ويعبر فيها الشعب عن مواقفه السياسية.
مقهى شيخ البلد
يقع مقهى شيخ البلد في سوق الترك، في العهد العثماني الأول الذي حُبكت فيه الكثير من المؤامرات، حتي وصل صاحب هذا المقهى لتولي ولاية طرابلس.
مقهى مرسال
الذي يقع جانب كوشة الصفار داخل المدينة القديمة، وهو مقهى تقليدي، يشتهر بتقديم الشاهي والقهوة والسحلب في الشتاء، كما يشتهر بتقديم الشاهي بالكاكوية، ويحضر القهوة علي الفرن التركي (اللوجاك )، وقد رسم هذا المقهى الاستاذ فؤاد الكعبازي.
مقهى الهوني
ويقع بسوق الترك محاذيًا لمطعم اليهودي (ديدو)، يشتهر هذه المقهى بتقديم الزبادي (اليوغورت)، وقيل إن خميرة هذا الزبادي توارثتها الأجيل كما توارثوا هذا المقهى.
هذا المقهى كان مجاورا للإيطالي صانع المقص والسكاكين، وبمحاذاة سوق الفرامل والصنايعية اليهود، وبجانب مطعم الحصلة، ذلك الإفريقي بائع الفول المدمس.
مقهى سعيد الجبالي
ومكانه بالحي اليهودي المالطي اليوناني، كان المقهى يغلب عليه النمط الأوربي واشتهر بأنه أول من ادخل لعبة الجطوني للبلد. وعند تأسيس الأسطول البحري التجاري الليبي، ذهب سعيد الجبالي في أول رحلة له كطباخ علي أحد السفن التي غرقت علي سواحل الجزائر، وتوفي عمك سعيد رحمه الله.
مقهي البريد – Caffè della posta
ويقع خارج أسوار المدينة القديمة، وهو مجاور للبريد القديم. رواده العديد من الجنسيات ويطل علي شارع الاستقلال، ومجاور(لبركليز بانك)، وقريبًا من المركز الثقافي الأمريكي..
مقهى وحانة (ليليوس)
تقع هذه المقهى في كورسو سيشيليا، عمر المختار حالياً، اشتهر هذا المقهى بالتقاء كتاب الأغنية والملحنين في الستينات مثل، الكاتب أحمد بشير، وأحمد الحريري، وعلي السني، وكاظم نديم الملحن الشهير، وعلي ماهر أيضاً، إلي جانب العديد من تجار العقار، وكانت تقام بالليليوس دوريات في لعبة البلياردو ،والكرومبولا.
مقهى (البومبنييرا)
وهو يطل علي ميدان الجزائر، يدار من قبل شخصية يونانية من عائلة ديمتري، كان رواد هذا المقهى الرجال المؤسسين للاستقلال والسياسيين بالبلد، مثل الزقعار، والبقار، وفاضل بن زكري، ومحمود البشتي، الذي تقلد العديد من المناصب، منها وزير الداخلية وعميد جامعة طرابلس، والطاهر باكير، وزير المعارف، وعبد الحميد البكوش، رئيس الوزراء ووزير العدل السابق.
المقاهي لم تكن مجرد أماكن لتناول القهوة والشاي، بل كانت مركزًا حيويًا للحياة الاجتماعية والثقافية. في زواياها الهادئة، تلاقت الأرواح وتبادلت الأفكار، وصُقلت العلاقات الإنسانية. كانت مجالسها منابر للحوارات العميقة والأحاديث الفلسفية، حيث تلتقي مختلف الأطياف الفكرية والثقافية. ، كما لعبت دورًا بارزًا في نشوء التجارة المحلية، إذ أصبحت نقطة جذب للتجار والمبدعين على حد سواء.
القهوة التي كانت تُحتسى في هذه المقاهي، لم تكن مشروبًا فحسب، بل كانت وسيلة لتبادل الأخبار والمعلومات، مما ساهم في نشر المعرفة. هكذا، كانت المقاهي تمثل شريانًا نابضًا يعبر عن الحياة بتنوعها وثرائها، جاعلةً من كل فنجان قهوة قصة تُحكى.
المصدر: منشورات للأستاذ مختار دريرة، قام بنشرها على حسابه الشخصي على الفيسبوك، على حلقات.