متابعات

طرابلس تحتفي بالكتب المستعملة

تقرير: محمد مصراتي

 صحيفة كاف الإلكترونية

ليس مستغربا أن نرى اليوم مهرجانا للكتب المستعملة في ليبيا، كما هو ليس مستغربا أيضا ان نرى هذا الحراك الثقافي في بلد عانى من النظام الشمولي طيلة اربعة عقود.

مهرجان الكتب المستعملة

فقد قام مجموعة من الشباب المتطوعين بدعم من “وزارة الثقافة والمجتمع المدني” و”حركة تنوير” و”مجموعة تكوين” بافتتاح مهرجان للكتب المستعملة تحت شعار “امنح كتابك حياةً جديدة”، دام فترة ثلاثة ايام شهدت خلالها طرابلس احتفالاً ثقافيا واسعًا في خطوة لدفع الناس للقراءة واقتناء الكتب واستبدالها من خلال تبرعات قام بها بعض الشباب والمثقفين والكتاب والادباء الليبيون، وذلك بميدان الشهداء في الفترة ما بين 21 وحتى 23 من شهر ابريل. وقد لاقى الاحتفال اقبالا واسعا طيلة الثلاثة آيام، عبر خلالها العديد من الرواد في مواقع التواصل الاجتماعي اعجابهم بالتنظيم والبرامج والخدمات. كما عبر القائمون على المهرجان عن رضاهم وفخرهم بالنتيجة، قائلين عبر صفحاتهم بموقع فيسبوك انهم لم يتوقعوا هذا الاقبال الكثيف على مهرجان للكتب المستعملة.

في حديثنا اليها، تقول “نهلة العربي” الكاتبة ورئيسة حركة تنوير والمسئولة عن المهرجان أنها طرحت الفكرة في العام 2010، الاّ أن أنها وجدت صعوبة في تنفيذها “في الزمن الأخضر”.

وتضيف العربي أنه بعد أن أسس الكاتب “أحمد البخاري” حركة تنوير الثقافية وتمّ انتخابها كـ رئيسة لها، “تمّ احياء الفكرة من جديد”.

انطلق العمل للمهرجان والاعلان عنه منذ منتصف شهر فبراير على ان يكون في اوائل مارس، ثم تم تغيير الموعد حتى اواخر ابريل، وقد يكون السبب في ذلك ان الفكرة التي ظهرت في منتصف فبراير كانت تعتمد على جهود فردية، ولكن بعد دراسه الموضوع وعرضه على جهات مختصة، من بينها “وزارة الثقافة” تم الاعلان على ان المهرجان سيكون بين الـ 21 وحتى 23 ابريل، وقد ادى ذلك لانضمام العديد من الشباب المتطوعين من نشطاء وصحفيين للعمل في المهرجان وادارته، كما ساهمت فترة الاعلان التي استمرت طيلة خمس اسابيع في وصول الدعاية الى اكبر قدر ممكن من الناس، وهذا ما لم تعتد عليه العديد من الانشطة الثقافية في ليبيا سابقا، اذ ان معظم الاعلانات حول مشروع ثقافي او امسية ادبية وشعرية تظهر قبيل اسبوع او ايام قليلة من حدوثها، وبذلك يكون الحضور قليلاً ومحرجا، حتى بات معتادا عليه، الا ان الاعلان المبكر جدا لمهرجان الكتب المستعملة ساهم في هذا الاقبال الواسع طيلة الثلاثة ايام. وقد تم الاعلان على المهرجان بالعديد من الطرق. فقد انطلقت صفحة على فيسبوك مخصصة باسم المهرجان واخرى لحركة تنوير، والتي بدأت أعمالها فور انطلاق فكرة المهرجان، بالاضافة لانضمام عدد كبير من الناشطين والصحفيين والمخرجين والمصورين الشباب لفريق العمل، وتم تصوير دعاية قصيرة حول المهرجان ونشر العديد من الصور حول التطورات في العمل والاعداد للبرامج، مما سمح للعديد من الصفحات الليبية الشهيرة على فيسبوك اقتباس هذه الاعلانات ونشرها مجددا ليزيد عدد المتحمسين للفكرة وزيارة المهرجان.

وقد حضر حفل الافتتاح وزير الثقافة “الحبيب الامين” ووفد من السفارات الاجنبية في طرابلس، القت خلاله كلمة الافتتاح وحفل لموسيقى المالوف.

وكانت سياسة المهرجان معتمدة على عرض الاف الكتب القديمة والمستعملة للتبرع او البيع او التبادل والاستعارة، داعية الناس للتبرع بكتبها القديمة ليستفيد منها الغير، بالاضافة الى امكانية بيعها باسعر زهيدة. لتخصص اموال الكتب المتبرع بها للبيع لانشاء مكتبة متنقلة.

ومعظم الكتب التي تم التبرع بها لها اهمية وذات قيمة ثقافية كونها من مكتبات كتاب وادباء ومثقفين ليبيين، في العديد من المجالات الادبية والفلسفية واللغات، وبذلك ايضا صار المهرجان نقلة في تبادل المعلومات والكتب النادرة من على أرفف مكتبات اسماء مهمة في الادب الليبي. هذا ويذكر أيضًا أن كتبًأ باللغة الامازيغية عرضت كذلك في المهرجان.

وتقول رئيسة لجنة حصر الكتب في المهرجان “انتصار الحصائري” أن الكتب الاكثر مبيعاً هي الفلسفة والرواية والقصص القصيرة ومن ثم الشعر.”. وتضيف: “هناك اقبال ايضا على بعض الروايات الانجليزية والكتب المتعلقة بالدراسة الجامعية. كتب العلوم السياسية أيضا عليها إقبال”.

وقام فريق العمل باعداد بورتريهات ضخمة لادباء وفنانين ليبيين وعالميين وضعت على خيمة المهرجان، من بينهم “جورج اورويل” و”سالفادور دالي” و”علي مصطفى المصراتي” و”ليو تولوستوي” و”جبران خليل جبران” وغيرهم.

وعن الجهات المساعدة في المهرجان، تقول نهلة العربي أنهم تلقوا مساعدات من “فريق المكتبات فى عملية التصنيف والفرز ورعاية المهىجان كانت لوزارة الثقافة و مجموعة “تكوين”، وهى مؤسسة مجتمع مدنى تترأسها “ايمان الغول” وقد شارك اعضاءها معنا فى الشغل و التنظيم”.

وتضيف: “الى جانب المتطوعون الذين شاركوا فى البيع والفرز والتجميع. هناك فى المنظمين لجمعيات او مؤسسات وهناك الافراد الذين قدموا للمساعدة، بالاضافة الى مجموعة كبيرة فوق الثمانين شخصًا قدموا من مؤسسات مختلفة منها “احسان” و”حبها ابنيها” و” h2o” و” لبدة” و”الفرسان” وغيرهم”.

وتقول انتصار الحصائدي أن “هناك من أتى من بنغازي وهناك من مصراتة ومتطوع من درنة”.

ومن المفاجئات السارة والمحزنة في المهرجان، الغاء الفترة الصباحيه في اليوم الثاني، وذلك لنفاذ الكتب المتوفرة في اليوم الاول، فقرر فريق العمل على استغلال صباح وظهيرة اليوم الثاني لتوفير كتب لليومين الاخيرين.

كما تخلل المهرجان حفلة توقيع لرواية “الساحر” لـ نهلة العربي، والصادرة حديثا عن دار الرواد، بالاضافة الى حكواتي للاطفال في اليوم الثالث وحفلة موسيقية في الحفل الختامي.

وضمّ فريق العمل العديد من الأسماء الناشطة في المواقع الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني. عبروا معظمهم عن المعنويات الايجابية التي خلقها لهم المهرجان وكمية الكتب والمتطوعين والحضور، معلنين في الوقت ذاته عن العديد من الأفكار الأخرى التي باتوا اليوم مؤمنين بنجاحها.

والجدير بالذكر أن بعض الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في بنغازي تبنت الفكرة وانطلقوا بفعاليات “مهرجان بنا للكتب المستعملة”.

مقالات ذات علاقة

الصحافة الأدبية في ليبيا

المشرف العام

الجامعة الليبية 75/1976م (في ذكرى رحيل السنوسي حبيب)

علي عبدالله

فضاء السجن: جدلية القمع والحرية

المشرف العام

اترك تعليق