في الذكرى الثالثة لرحيله كان الشاعر المرحوم السنوسي حبيب حاضراً بإبداعه ونضاله وذكراه الطيبة، في الندوة التي نظمها أصدقاء دار حسن الفقيه حسن بمقر الدار في طرابلس مساء الثلاثاء 5 ابريل 2016م، وذلك كأحد رموز الحركة الطلابية التي شهدتها جامعتا بنغازي وطرابلس وأحد ضحايا ما تخللها من قمع وارهاب تعرض له الطلاب في عامي 75 و76م.
انطلقت الندوة التي ادارها بدر الدين الورفلي الطالب بجامعة طرابلس عند الخامسة والنصف حيث استهلها مقدمها بنبذة مقتضبة حول موضوعها ثم قام بتقديم المشاركين الأساتذة محيي الدين الكريكشي، رضا بن موسى، ومنصور ابوشناف الذين ألقوا على الموضوع أضواءاً تناولته من جوانبه التاريخية والثقافية والأدبية، وتحدثوا باستفاضة حوله، وقد تطرق الأستاذ رضا بن موسى الذي كان آنها طالباً بالسنة الرابعة بكلية الآداب بقسم علم الإجتماع بجامعة بنغازي عن محاولات سلطات انقلاب 69م الاستحواذ على اتحاد طلبة ليبيا، وتجييره لرؤيتها الايديولوجية التي كان يجسدها في ذلك الوقت ما يسمى الاتحاد الاشتراكي، وذلك عبر مراقبة ورصد التوجهات الفكرية والأيديولوجية التي كان لها وجودها وفاعليتها داخل الجامعة، و تحدث عن قيام الطلاب بانتخاب ممثليهم لرابطة طلاب جامعة بنغازي عام 75م.. والتي لم تكن مرضية للسلطة الحاكمة ولما سبق للقذافي أن أعلنه من رفضه للمؤسسات الطلابية.. واعلنوا بعد انتخاباتهم تلك قيام رابطة طلاب جامعة بنغازي، رابطة مستقلة عن اتحاد الطلاب الحكومي، مما اغضب السلطات ودفعها إلى شن حملة اعتقالات كان من بين ضحاياها الطالبان رضا بن موسى ومصطفى نصر وغيرهما من القيادات الطلابية، وتعرض الطلاب المعتقلىن إلى التعذيب على أيدي عناصر النظام، كما تم استدعاء الطالبين عمر دبوب ونصرالدين الماقنّي من قبل آمر الحرس الجمهوري وتهديدهما بالتصفية جسدياً مالم يعملا على تهدئة الطلاب كما قام رجال النظام باحراق مرآب ببيت الطالب خالد الترجمان أحد قياديي رابطة الطلاب المستقلة مما أدى إلى احتراق سيارته.
وصعد النظام موقفه العدائي والقمعي، ففي اليوم التالي اعلن محمد الحجازي أمين التنظيم في الاتحاد الاشتراكي حل الاتحاد العام للطلاب، وذلك بناءاً على أوامر مباشرة من معمر القذافي، مما دعا الطلاب إلى التظاهر سلمياً تنديداً بقرار حل اتحادهم، مطالبين كذلك برفع الوصاية السياسية عنه، وقابل النظام تلك المظاهرات باقتحام رجاله المسلحين للحرب الجامعي وكان على رأسهم محمد الحجازي وابراهيم البشاري، حيث اعتدى المهاجمون على الطلاب والطالبات وأحرقوا سيارات بعضهم، وهددوا بتصفية قادتهم مالم يتخلوا عن أفكارهم ومطالبهم.
وفي مناسبة لاحقة اقتحم عبدالسلام الزادمه الحرم الجامعي واطلق النار باتجاه الطلبة الذين أصيب بعضهم إصابات بليغة مما دفع الطلبة إلى الخروج إلى قلب مدينة بنعازي للتظاهر احتجاجاً، وعلى الرغم من أنهم كانوا قد ابلغوا امر الحرس الجمهوري عن ذلك قبل أن يتظاهروا فقد حاصرتهم قوات الحرس الجمهوري وأطلقت النار عليهم ليسقط من بينهم شهيدان.
وقد جاء التصعيد من النظام مجدداً مع ما عرف بخطاب سلوق، الذي اشبه بكلمة سر متفق عليها بين القذافي واجهزته القمعية للشروع في القضاء على أي حراك طلابي لا ينضوي تحت عباءة نظامه واجهزته الرسمية، وبدأت مطاردة الطلاب الشرفاء الذين لم يهادنوا ولا انصاعوا لإملاءاته، فسجن كثير من الطلبة وطُرد آخرون ليحرموا من استكمال تعليهم وعلقت المشانق في الحرم الجامعي في طرابلس وبنغازي ليشنق العديد من الطلبة الذين عرفوا بماوئتهم لرؤى النظام وتوجهاته، وأشار الاستاذ محيي الدين الكريكشي الذي كان في ذلك الوقت طالبا بقسم اللغة الانجليزية بكلية التربية في جامعة طرابلس والذي طرد من الجامعة وكان من الذين حرموا من استكمال تعليمهم، إلى ماسمي بندوة الفكر الثوري التي كانت خطة مخادعة تمكن من خلالها النظام من سبر ورصد التوجهات الفكرية والايديولوجية للمثقفين ولأساتذة وطلبة الجامعة، وكذلك إلى خطاب زوارة بنقاطه الخمس المعروفة، والتي جاءت كإعلان حرب من النظام على كل من يختلف معه في الرؤى والتوجهات.
لينتقل إلى الحديث عن موقف طلاب جامعة طرابلس مما كان يتعرض له زملاؤهم في بنغازي ورفضهم له، حيث قرروا بعد علمهم بالقمع الذي مارسه النظام الاعتصام أمام مكتب المدعي العام مطالبين بمحاكمة الجناة من أجهزة النظام في أحداث بنغازي، وكذلك عن اعتصام الطلاب بكلية الهندسة وسيطرتهم على الجامعة لمدة خمسة أيام، وقال في سياق حديثه: أنه بعد خطاب سلوق الذي دعا فيه القذافي إلى تصفية من اسماهم بالخونة والرجعيين، جاء عبدالسلام جلود ليطلق النار في الحرم الجامعي، ليبدأ بعد ذلك مسلسل التصفيات والإعدامات.
وقد رصد الاستاذ منصور أبوشناف الاهتمامات والنشاطات الثقافية التي عرفتها الجامعة في ذلك الوقت، وتحدث عن كتابات الطلبة الفكرية والادبية التي تعبر عن الانشعال بالقضايا التي تمس المواطن الليبي وتمس الوطن ككل.