الأب يوسف جزراوي
أيُّهَا القارئُ
أنعى إلَيْكَ ظِّلّي
الَّذي قرأتَهُ وشعرتَهُ
قريبًا مِنْكَ جدًا
لحدٍّ وكأنّكَ الَّذي يكتُبُ
أو هُوَ مَنْ يكتبُكَ!
أجَلْ
لَقَدْ انتَحَرَ ظِّلّي
بِجُرْعَةِ حُزنٍ زائِدةٍ
عَلَى صديقِ الرُّوحِ
الَّذي اِنْتَقَلَ إِلَى العالمِ الآخرِ
عَلَى بِساطِ” الكورونا”
فعبرَ ظِّلّي فِي بَغْتَةٍ
إِلَى الضِّفَّةِ الأُخرى مِنَ الحَيَاةِ
لِيتفقَّدَهُ ويردَّ الزِّيارةَ أيضًا
لأصدقائهِ مِنَ المَوْتَى
الَّذِينَ زاروه مِرارًا
فِي الذَّاكِرَةِ وَالمَنَامِ وَالكِتَابَةِ…
لكنّهُ لَمْ يَعدْ حَتَّى الآن!
ربُّمَا قَدْ طابتُ لَهُ الحياةُ هُنَاكَ؟!
أو لعلّهُم أقْنَعَوهُ بِالمُكُوثِ وعدمِ الْعَوْدَةِ؟!.
فمُنذُ أنْ غادرني إِلَى دارِ البَقاءِ
وأنَا أقيمُ حَزينًا وحيدًا فِي غيابِهِ!
فأحجُّ إِلَى مزارِهِ فِي الرُّوحِ
وَفِي كُلِّ مرّةٍ أسألُ:
هَلْ أحْببَتَ المَوْتَ يَا رفيقَ العَمْرِ!؟
أمْ وجدتَ فِيهِ استراحةً مُمَكِّنةً
مِنْ شقاءِ الحَيَاةِ وتعبِ التَّرْحَالِ؟!!.
وَكَمَا بَكَى كلكامشُ صاحبَهُ إنكيدو
هَكَذَا بكيتُ ظِّلّيَ الحزينَ
الَّذي لطَالَمَا ضحكتُ بوجهِ دموعِهِ
وَهُوَ يُردّدُ:
إنَّ الشَّجَرَةَ لَا يستمرُّ نُمُوّها
دُونَ سقوطِ الكثيرِ مِنْ أوراقِ أغصانِها…
لَكِنّهُ ماتَ كشجرةِ الخريفِ!
وبِموتهِ غادرَ النّبضُ قَلْبِي
فكَانتْ دموعي
فِي خاصَّةِ نَفْسِي رِثاءً
فِيهِ أنبلُ العِبَارَاتِ الوَدَاعيّةِ!
وَلَكِنّي كُلّمَا رِثَيتُهُ
أسمعُهُ يهمسُ فِي مَسامِعي:
عَلَى فكرةٍ يَا خِلِّيَ الْوفِيَّ
الْمَوْتُ لَا يخبّئُ العُظَمَاءَ!.