د. مفيدة جبران
تعتبر المتاحف واقع الذاكرة الحية للشعوب.. والرابط بين الماضي بالحاضر.. وهي الاداة الفاعلة لترسيخ الهوية. فالمتاحف حسب تعريف منظمة “اليونسكو” هي مؤسسات دائمة غير ربحية، لعرض التراث وتعمل لخدمة المجتمع وتطويره، كما أنها مفتوحة للجمهور لتحقيق عدة اغراض الترفيه والتعلم والبحث.
وهنا لابد ان ندكر ان الاهتمام بالتراث الحضاري اوجب بطبيعة الحال الاهتمام بإنشاء المتاحف لعرض التراث الثقافي للشعوب.
التراث الثقافي هو التعبير الحقيقي العاكس لعلاقة الانسان بالبيئة المحيطة وما تمخض عن هذه العلاقة من أصالة في العمران وفي المهارة الحرفية والفنون مما اكسب هذا التراث شخصية متفردة. سعت كل الدول على تحديد قيم تراثها وحددت قيمته تلك القيمة التي لعبت دورا هاما في وضع الإطار العام لعملية التنمية المستدامة، وعملت على اتخاذ التدابير اللازمة لحمايته وصونه، وليبيا ليست بمنأى عن هذه الدول حيث حددت قيمة تراثها الثقافي بشقية المادي والغير مادي بقدم تاريخها المرتبطة بالذاكرة.
تفردت ليبيا بتنوع تراثها الحضاري التي لاتزال شواهده وأطلاله منتشرة في كل ربوع الوطن، وترجع إلى مراحل وفترات تاريخية موغلة في القدم.
فالطابع المعماري التقليدي الليبي مؤلف مـزيج متعـدد ناتج من التفاعل الديموغرافي العرقي المتنوع والمتأثر بالبيئة وبالسمات الطبوغرافية البحرية والبرية والصحراوية، وكذلك بالمؤثرات الوافدة من الحقب التاريخية الفينيقية والاغريقية الرومانية والإسلامية و العثمانية والايطالية، وانصهارها ضمن النسيج المعماري المتباين في المدن الذي ترجع تاريخها الي ما قبل 3000 سنة وبالرغم من ذلك فقد صارعت من أجل البقاء محتفظة بكيانها المعماري والتراثي، وساعد علي استمرارية البقاء ان بعض تلك المدن كانت المأهولة بالسكان، وظلت تحتفظ ببعض الأنشطة الدينية والإدارية والاجتماعية والثقافية التي أعطتها استمرارية الحياة وان تعرضت لبعض من الإهمال والعبث.
واجه التراث الثقافي المتنوع تحديا كبيرا مما استدعي للحفاظ عليه وضع التدابير اللازمة لصونه واستدامته بأسلوب رشيد يتناسب مع امكانيات العصر، بسن التشريعات القانونية المتوافقة في نصوصها مع القوانين والمواثيق الدولية، والتي تكفل صيانة وترميم وإعادة تأهيل المباني العتيقة بأسلوب رشيد.
في اليوم العالمي للمتاحف شاركت في مؤتمر دولي في الايام المغاربية للمتاحف وهده النثرات جزء من مقدمة الورقة البحثية