قصة

عجوز القايلة….

(الصورة: من اختيار الكاتبة مقبولة ارقيق)

كانت جارتنا  تهددنا بعمتي  الغولة… لتدخلنا من الشارع وقت القيلولة، بصوت مخيف تقول لنا:

– ستأتي عجوز القايلة وتخطفكم!!

فى كل مرة نهدد فيها نصاب بالهلع، وندخل مهرعين لبيوتنا… أنا فقط من كنت رغم الرعب ألتفت محاوله لمحها حتى… كنت أتمنى أن أراها.. أن أشاهدها وهى تطوف الشوارع بملابس رثه بالية ودون حذاء، تحمل على اكتافها كيسا كبيرا تضع فيه ضحاياها كم يقولون…

كنت حين يفر الجميع لبيوتهم، أغافلهم و أجلس انتظرها.. أحمل معي كسرة خبز وجبن، كنت أخطط أني حين تأتي نحوي أسرع واعطيها إياها لتطمئن لي.

كانوا يقولون لنا: أتسمعون صوت الأواني والعلب الفارغة التي يصدرها كيسها الذي تحمله، ها هي تقترب ادخلوا بسرعة..

يومها أنتظرتها فى زاوية الشارع، ألتفت يميناً ويساراً خبئت لها قليلاً من الفول السوداني وسندوتش أعطتني إياه أمي بعد أن تحججت بالجوع قبل أن ينضج الطعام، حملت قنينة ماء وخرجت بهدوء… رغم صوت جارتنا المهدد لأبنائها، كنت أنتظر على ناصية الشارع قدومها، اسمع صوت ضجيج الكيس المهترئ الذى تحمله..

القيلولة لا ترى أحد خارج منزله من الأصدقاء، البعض خائف والآخر عائد من المدرسة متعب، وآخرون يغطون فى النوم بعد غذاء دسم.. أنا فقط كنت أنتظر وأنتظر، وهناك أرى خيال شخص قادم يجر اقدامه بتعب وخلفه يسحب كيسا يبدو ثقيلا، وكلما أقترب مني أحسست بالخوف والقلق.. أحاول إدارة جسدي والهرب إلى البيت، لكن كلما اقترب الصوت تتجلى الشخصية أكثر… امرأة بملامح بسيطة وملابس عادية وحذاء قديم، أخجل من نظارتها نحوي وكأنها قرأت ما يدور فى عقلي من خوف ودهشة، فتبتسم لي وقالت بصوت هادئ:

– سلم وليدي.. توا وقت القايلة والشمس قوية.. فيش ادير فى الشارع ابروحك هيا روح للحوش

راني انحطك فى الشوال وندير عليك غداء بكرا…

دون أن انبس ببنت شفاه استدرت راكضاً تاركاً ما وددت إعطائه لها خلفي محاولاً إنقاذ نفسي و ظلت عجوز القايلة تضحك بصوت عالي مواصلة طريقها تاركه الشارع خاوٍ إلا من صوت ذاك الكيس الذى ضجيجه لم يغادرني حتى الآن (وقت القايلة)

مقالات ذات علاقة

البيت

فتحي نصيب

الوعـــــــــــــد

المشرف العام

إختــــفاء

محمد ناجي

اترك تعليق