– انهض ياوليدي . قالت أمه.
انهض بيش تجيب لنا شوية خضره، انهض الله يرضى عليك .
حاضر يا أمي.قلت لها.
أغمضت عيني كي يستمر حلمي.
تراءت أمامي قمم هضاب بعيدة، تناثرت بينها سحب أتخذت احداها شكل جمل بسنامين، فيما امتد مرج أخضر يتخذه الاطفال والعجائز متنزها أيام الشمس.
– انهض ، يا ابن الكلب، وين تحسب روحك؟.
ركلني بحذائه العسكري ببطني ، فيما حلمي ينأى.
كنت نائما بجوار الباب الحديدي ألمصمت التحف نصف بطانية وأتوسد حذائي.
هرولت مسرعا فيما السجان ينعل سلسفيل اجدادي الأباعد ارتطمت جبهتي بقفل باب الساحة ، استلمت علبتي حليب وخمسة أرغفة كفطور لتسع زملاء لي في الغرفة.
حين دخلت صفعني الحارس وأقفل الباب بقوة ارتج صداها في العنبر كله.
كان هذا الحارس اسوأ من رأيت ، كتلة من الغباء والعنف تمشي على قدمين.
جلست على مقعد خشبي بمواجهة نافورة على هيئة فرس جموح تحيط بها سبع سباع حجرية يخرج من افواهها الماء. جلست العجائز في حلقات يثرثرن بطمأنينة وسرحت كلابهن ذوات الاحجام والفصائل المختلفة في المرج الأخضر ، فيما كان الاطفال يمرحون ضاحكين تحت شمس الضحى.
تلقى رفيقي – اثناء وقوفنا بطابور الغداء – صفعة قوية ومفاجئة على رقبته من الخلف أتته من كف حاذقة ترنح لها قليلا لكنه لم يسقط .
– تضحك يا ابن ألزانية .قال الحارس.
خلق الله رفيقي بوجه ضاحك . أخرجه الحارس من الطابور وأمره أن يقف ووجه الى جدار الساحة حتى المغيب.
أتاني صوت أمي من جديد لتحثني على الذهاب الى السوق لجلب احتياجات البيت.
استسلمت لدفء صوتها ، ولكن لم أنهض لأنها ماتت وأنا مرمي في زنزانتي منذ ثلاث سنوات لم أر خلالها ضؤ الشمس.
غبت في اغفاءة بين يأس فاجع وأمل خادع.
انتبهت حين ارتطمت بي كرة الأطفال الذين يمرحون في المرج ألأخضر ارجعتها إليهم قال أحدهم
( ميرسي مسيو).
تركت الحديقة ووقفت تحت مظلة محطة الحافلات.
عند المغيب خرجت لاستلام وجبة العشاء.
– تحرك ينعل … أمك. قال الحارس.
دلق اّخر بمغرفة وسخة حساء تعلوه طبقة من الزيت والكيروسين.
عندما هممت بالرجوع رميت الحساء على وجه الحارس.
تجمع مع اّخرين وانهالوا علي ضربا بأسلاك نحاسية مفتولة جيدا.
راوغتني صور عديدة ، فيما صوت أمي ينأى.