طيوب عربية

متشائل إميل حبيبي.. بصيص نور

الكاتب الفلسطيني أميل حبيبي وروايته المتشائل

“تأﺧﺬﻧﻲ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻧﺤﻮ ‘ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩ’، ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺮﺗﻬﻨﺔ ﺑﻮﻋﺪ ﻣﻐﺮﻭﺭ. ﻋﺒﺮ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﺗﺴﻠﻠﺖ ﻭﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﺁﺧﺮ ﺭﻣﻖ، ﺳﺎﻛﻨﺔ ﻓﻲ ﻇﻼﻝ ﺷﺠﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﻭﺑﻴﻦ أﻛﻮﺍﻡ ﺧﺮﺍﺋﺒﻪ، ﻟﻦ أﺗﺮﻙ ﻭﻃﻨﺎ ﻋﺎﺵ ﺑﺪﺍﺧﻠﻲ ﻣﻨﺬ أﺛﻠﺠﺖ ﺭﻣﺎﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺗﺠﻮﺱ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ.

‘ﺑﻠﺪﻱ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺎﺡ’ ﺳﻴﺘﻨﻔﺲ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﺠﺮﻙ ﺍﻟﺼﻌﺪﺍﺀ، ﻭﺗﺰﻏﺮﺩ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻛﻤﺎ ﺣﻠﻢ ﺃﺑﻨﺎﺅﻙ ﻭﺍﺷﺘﺎﻗﺖ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﻜﺎﺑﻮﺱ، ﻭﻋﻮﺩﺓ ‘ﺍﻭﺭﺷﻠﻴﻢ’ ﻗﺪﺳﺎ ﻣﻘﺪﺳﺎ .

ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﻋﺪ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻧﺘﺸﺎﺋﻢ ﻟﻄﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺍﻣﺘﺪﺍﺩﻩ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﺍﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﻟﻨﺎ ﻛﻤﺘﺸﺎﺋﻠﻨﺎ!

“ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ ………” ﺗﻤﺜﺎﻝ ﻣﻦ ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺗﻔﺎﺧﺮ ﺑﻪ ﺃﺭﻓﻒ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺎﺕ، ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺣﻘﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺻﻮﺭﺕ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺤﺘﻞ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﻭﺗﺸﺮﺩﻩ ﻓﻲ “ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻷﺧﻀﺮ” ﺗﺤﺖ ﻓﺮﺍﺳﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ‘ﺍﺳﺮﺍﺋﻴﻞ’.

ﺭﻭﺍﻳﺔ “ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻔﺎﺀ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻨﺤﺲ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ” ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺔ بـ”ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ” ﻟﻜﺎﺗﺒﻬﺎ ﺇﻣﻴﻞ ﺣﺒﻴﺒﻲ.. ﺗﺒﺪﺃ بـ’ﻣﺴﻚ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ’ ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ بـ’ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ’ ﻭﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﺎﻓﺮﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﺩﻏﺎﻝ ﻋﺠﻴﺒﺔ، ﺍﺳﺘﻨﻄﻘﺖ ﺣﻘﺒﺔ ﺍلأﺭﺑﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ، ﺃﻱ ﻣﻨﺬ ﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ‘ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ …’ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺛﻼﺙ ﻛﺘﺐ ‘ﺭﺳﺎﺋﻞ’ ﺣﻤﻠﺖ ﺇﻣﻀﺎﺀ “ﺳﻌﻴﺪ ﺃﺑﻮﺍﻟﻨﺤﺲ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ” ﺑﻄﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﻣﺤﺮﻛﻬﺎ ﺍﻻﺳﺎﺱ.

ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺍﺟﺘﺎﺡ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻣﺘﺰﺝ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﻣﻌﺎﺵ، ﻟﻮﻣﺲ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ ﻭﺍﻟﺘﺮﺣﻴﻞ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻀﻨﻚ ﺍﻟﻤﺴﻴﺲ، ﺣﻴﺎﺓ ﺫﻝ ﻭﻣﻬﺎﻧﺔ ﺃﺭﺍﺩﺗﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﺸﻌﺐ ﺍﻧﺘﺰﻋﺖ ﺃﺭﺿﻪ ﻭﺷﺘﺖ ﻓﻲ ﺑﻘﺎﻉ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ،ﻓﺎﻗﺪ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ .

“ﻳﻌﺎﺩ”.. ﻗﺪ ﻻ ﺗﻌﺮ ﻟﻼﺳﻢ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺪﻩ ﻣﻬﻤﻼ ﻟﻮﺣﺪﻩ، ﻭﻗﺪ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻚ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻋﺮﻳﻀﺎ…. ﺃﺟﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻟﻰ ﺭﺳﺎﺋﻞ “ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ” ﻟﻠﻤﺤﺘﺮﻡ، ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺘﺪﺉ ﻣﺸﻮﺍﺭ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﻣﻊ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ… ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪﺃ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺷﺪ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻭﺗﺸﻮﻳﻖ ﻗﺎﺭﺋﻪ ﻟﻠﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺩﻫﺎﻟﻴﺰ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﻭﻓﻚ ﻃﻼﺳﻢ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﺎﺀ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.

ﺃﻣﺎ “ﺑﺎﻗﻴﺔ” ﻛﺴﺎﺑﻘﺘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺣﻤﻠﺖ ﻋﺠﺒﺎ ﺧﻠﻒ ﺣﺰﻧﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻟﻠﺤﺮﻣﺎﻥ ﻭﻓﻘﺪ “ﺍﻟﻜﻨﺰ” ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ… ﺛﻢ ﺧﺘﻢ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺑﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﻨﻮﻧﻬﺎ بـ”ﻳﻌﺎﺩ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ” _ﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﺑﻬﺎ ﻳﺨﺘﻤﻬﺎ_ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻋﺠﺐ ﺍﻟﻌﺠﺐ، ﺭﺳﻤﺖ ﺃﻭﺟﺎﻋﺎ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻭﺣﺪﻳﺜﺔ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﺍ ﻷﻭﻝ ﻣﻔﺘﺘﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻢ ﺍﻻﺧﺘﻔﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﺧﺎﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻲ.

ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻟﻠﺮﻭﺍﻳﺔ ﺳﻴﺠﺪﻫﺎ ﺑﺴﻴﻄﺔ، ﺃﻣﺎ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻔﺤﺺ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ، ﺣﻴﺚ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻘﺮﺃ ﺗﺠﺪ ﺭﻭﺣﻚ ﺗﻌﻴﺶ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ، ﺗﺘﺴﺮﺏ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺣﻴﻔﺎ ﻭﺗﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﺩﻳﺎﻣﻴﺲ ﻋﻜﺎ، ﺗﺄﺳﺮﻫﺎ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺗﺮﺣﻠﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻨﻬﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﻛﻼ ﻭﺭﻓﺴﺎ ﺑﻼ ﺭﺣﻤﺔ.

“ﺇﻣﻴﻞ ﺣﺒﻴﺒﻲ” ﺍﺣﻀﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺳﻄﻮﺭﻩ، ﺻﻨﻊ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻓﻠﺴﻔﺘﻬﻢ ﺍﻃﺮﺍ ﺩﻣﺞ ﺑﻬﺎ ﺑﻄﻞ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﻭﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ، ﺷﻜﻞ ﻓﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﺮﻭﻋﺔ، ﺧﻔﻴﻔﺔ ﺍﻟﺴﻄﺮ، ﻣﻌﺒﺮﺓ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﻬﺎ ﻣﺘﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﺑﺘﻨﺎﺳﻖ ﻭﺩﻗﺔ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻤﺰﺡ ﻭﺍﻟﺠﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻭﺗﺮ ﺍﻻﺣﺴﺎﺱ ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻻ ﻭﻫﻮ “ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ”.

ﻓﻬﻨﻴﺌﺎ ﻟﻜﺎﺗﺒﻬﺎ ﺇﺑﺪﺍﻋﻪ ﻭﻫﻨﻴﺌﺎ ﻟﻘﺎﺭﺋﻴﻬﺎ..


6 فبراير -2017.

مقالات ذات علاقة

لا تصدّقوا أبدا أنّ الكتب تغني عن الإنسان

فراس حج محمد (فلسطين)

مسلسل الحي الشرقي

نعمان رباع (الأردن)

كنتِ أقربَ ما يكون

فراس حج محمد (فلسطين)

اترك تعليق