طيوب عربية

لنتخيل هذا المشهد لنفكك هذي الصورة

كمرآة بكماء تحدق … نص لـ: محيي الدين جرمة

من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني
من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني

مرآة – بكماء- تحدق ،،

التقابل/ التضاد

بكماء- تحدق وهي مرآة يتراءى فيها ماتراه… والذي تراه

في صخور معشبة؟

أيضا نحن هنا بإزاء صورة تؤكد حالة المرآة (.تحدق) وفيما… (صخور معشبة)هي البكماء لن تخبرنا عن الدهشة التي تراها (.صخور صلدة قد نظن لأول وهلة أنها موطن قسوة وجفاء، لكن (معشبة) تمنح صورة مبهجة توحي بكثرة هذا الاخضرار في تلك الصخور الصماء،

ك مرآة، والكاف للتشبيه والذي سيكون في الصورة التالية:

أجلس متأملا ذبالة الصمت السائل في الجوار البعيد.

الصورة تحيل إليه هذا الذي مثل (مرآة بكماء تحدق)..

هو جالس متأملا

(ذبالة صمت)، لو عدنا لدروس البلاغة سنجد التشبيه البليغ والتورية والاستعارة، إذا قصيدة النثر (التي مازالت تخوض معركتها)، هذه القصيدة موشاة بروح البلاغة العربية. (ذبالة الصمت) آخر نفس لشمس تغرق، لشمعة تحترق، لقمر يترصد عاشقين آسفا لغيابه، هذا (الصمت) يتأمله هو (يجلس) متأملا كأنه في صلاة …

السائل في الجوار البعيد…

هذا صمت غريب (السائل) إذا هو ضاج مثل (.الصخور المعشبة)، ذبذباته تصك.ّروح هذا المتأمل … في الجوار البعيد؟ .. تضاد مفارقة (جوار/ بعيد) والصمت ضجيج هذا المتأمل.

لكن الأكثر حنوا من عائلة حمام تطعم صغارها بمناقير تهدل بحنجور أليف…،

لكن؛ استدراك  يشي باعتذار لقارئة مثل تنظر لهذا ( الجالس، متأملا ” ذبالة الصمت” السائل في الجوار البعيد)، رغم الانطفاء والتبعثر في الجوار البعيد لهذا الصمت ..  لكن، صورة / قصة … مشهد بكماله (عائلة حمام تطعم صغارها) وليكتمل حنو المشهد يتأنق الشاعر في اختيار الفاظه (بمناقير تهدل بحنجور اليف) يمكنني (الصمت) وأنا أرقب هذا المشهد اتذوق عذوبته، سريانه مثل جدول مبتهج بالعشب الذي ينتظر قبلته الماء، و(الصمت) يوغل في القصيدة ، التي في قبضة الشاعر يؤلف ويوالف مفردات حميمة وقريبة:

كصوت خشبِ

الشاعر اليمني محيي الدين جرمة

يبكي في الخارج. يبكي الخشب دفئا يشع على مشهد أليف لمناقير تهدل ولروح الدفء التي غمرت الجالس (يتأمل) الصمت يفكك أبجديته ويزرع أسئلة في مشهد مألوف، الشجر يئن من البرد والخشب يبكي، المفارقة / التضاد نار دفء وبكاء، هي القصيدة تتسع شباكها وهو الشاعر يرسم مشهدا حميما وينشيء صورة (الصمت) الذي يوغل في تشظيه حتى يغمر هذا الذي في جلوسه المتأمل يسبر غور اللحظة  منتشيا بالصمت الذي يطوى في عباءته هذه اللحظة.

الصمت الصمت

هذا القلب الهادئ

لصنوج بعيدة،

هيمنة الصمت الواشية باتساع دلالته حين يكرر الشاعر هذي اللفظة، يردفها بجملة مغرقة في بساطتها

هذا القلب الهادئ

تراه قلب هذا الجالس متأملا، ولكن … الصمت / قلب هادئ، والإشارة دليل قرب … فأي قلب هذا الذي يواسي المتأمل  يغدو في التأمل( قلب هادئ) ولكن

لصنوج بعيدة،

هذا التضاد مفعم ..الصمت يسيل، يتشابك مع رؤيا حمام ثم يشي بدفء الاقتراب وها ( هذا القلب الهادئ ) توصيف آخر لهذا الصمت الذي يتأمله شاعر ويغرينا بصور قريبة مكتظة بالدهشة.

صنوج بعيدة … ولكن ضجيجها يملأ الأركان، هي ماضٍ يهيمن على اللحظة والصمت ذوبان في مشهد أليف، كأن ثمة هروبا والشاعر الذي يرصد حالة المتأمل، يبسط اللحظة حال (هذا القلب الهادئ). نعم هي الضجيج الذي استغرقنا حتى أكل لحظاتنا، والمتأمل في الصمت يحاول ان يفهم، نعم الصمت حالة عجز تحاول الوشاية بازدهار الحاضر حيث (الصخور معشبة) والحمام أليف يغرينا بالهديل الاليف، والقلب الهادئ هو الواشي الذي دلّ على (هذا الصمت / الموت)

من قلب القرون تتحدث …ربما يزعجني أن يمنحني الشاعر هذا المفتاح لسبر القصيدة ولكن ضغط اللحظة يقتنص الشعرية ويفضح المعنى بلا تورية …

لصنوج بعيدة

من قلب القرون .تتحدث …

وما حديث الصنوج إلا هذا الضجيج الذي يقتل اللحظة، فماذا يفعل الشاعر …

هو يجلس متأملا ..

وهذا يكفي .


 نص محيي الدين جرمة:

كمرآة بكماء تحدق
في صخور معشبة،
اجلس متأملا ذبالة الصمت
السائل في الجوار البعيد،
لكن الأكثر حنوا من عائلة حمام
تطعم صغارها بمناقير تهدل
بحنجور اليف،
كصوت خشب
يبكي في الخارج.
الصمت الصمت
 هذا القلب الهادئ
 لصنوج بعيدة،
من قلب القرون تتحدث.

مقالات ذات علاقة

يافا في الرواية الفلسطينية

المشرف العام

تفسير التاريخ والمعنى الوجودي للحياة

إبراهيم أبوعواد (الأردن)

آية في سورة ال عمران

نعمان رباع (الأردن)

اترك تعليق