النقد

المرأة في كتاب القصص القومي لزعيمة الباروني – الجزء الأول

زهرة سليمان أوشن

القصص القومي للرائدة زعيمة الباروني


تحدثنا في مقال سابق عن كتاب القصص القومي لزعيمة الباروني، أول مجموعة قصصية تصدر لامرأة ليبية. وأتحدث في هذا المقال والذي يليه عن المرأة الليبية كما رسمتها الكاتبة في هذه المجموعة القصصية الرائدة.

عندما نقوم بجولة عامة في هذه المجموعة ذات الأحدى عشرة قصة، نجد أن خمسة منها كان للمرأة دورا مميزا فيها.

وهذه القصص هي:- قدسية الأمومة، الأب الحكيم، وشاح الشجاعة، الرجوع إلى الله، بنت الحاضرة.

في قصة: قدسية الأمومة، بطلة القصة هي أم القرب أو نانا تالا كما يسميها الأمازيغ، وهي انموذج للمراة الصالحة الصابرة،  فهي الأرملة التي ضحت بالغالي والنفيس ونذرت حياتها لتربية ابنها الوحيد، حتى كبر وصار زوجا وأبا، واستمرت في إعانته وهي الماهرة في صناعة المنسوجات الصوفية وبيعها، وفي يوم من الأيام صدرمن وحيدها ما فهمت منه متضايق من وجودها معه، فما كان منها إلا أن حملت مغزلها وخرجت من البيت إلى مكان قصي عن البلدة، رافضة العودة اليه بعد ذلك رغم كل المحاولات من ابنها وأهل قريتها.

وهنا تظهر كرمات هذه المرأة والتي تناقل أخبارها الموروث الشعبي وقدمته الكاتبة بقلمها المبدع، لتصور لنا انموذجا للتضحية وعزة النفس، وقدوة في سمو الروح ورقي الاتصال بالله.

وفي قصة الأب الحكيم التي تروي فيها الكاتبة جانبا من سيرة اسرة غدامسية في زمن موغل في القدم قبل الفتح الإسلامي لليبيا، أيام كانت الأصنام تعبد من دون الله في تلك البلدة، وقد نقلت لنا القاصة جانبا مما يصيبهم بين فترة وأخرى من السيول التي تغمر بيوتهم فيخرجوا فارين منها إلى أطراف البلدة، وكيف كانوا يجأرون إلى تلك الأصنام التي يحرصون على حملها معهم، وتستمر تفاصيل القصة حتى نقف عند مفترق مفصلي فيها، وإذا بتلك البنية الذكية تساءل والدها عن جدوى تلك الأصنام التي يعبدونها والتي لم تنفعهم بشيء في تلك المحنة التي مروا بها، وما ترى لها قدرة ولا أثرا في حياتهم، وتصف الكاتبة ردت فعل الأب الحكيم على أسئلة ابنته فتقول: (غطى الأب الكهل عينيه بكفيه هنيهة وهو يبتسم راضيا من نجوى ابنته وإن كان هاله بعض الشيء التفكير العميق منها ) ,,, ليطلب من ابنته وكل أسرته أن يجتمعوا ليحدثهم عما يجول في نفسه مما أخفاه زمنا في صدره حول نظرته لدين أجداده، وأنه لا يراهم إلا على ضلال، ثم ليبشرهم أنه سمع بنبي سيظهر في آخر الزمان يأتي بالدين الحق وأن اتباعه سيقدمون إلى هذا البلد. ويأخذ الأب عهدا على أولاده أن يكونوا من أنصار ذلك النبي الكريم.

وفي قصة وشاح الشجاعة تتصدرغالية تلك الفتاة النفوسية مشاهد القصة التي تنقلها الكاتبة باقتدار وهي تسرد الأحداث وتلتقط الصور الجميلة لتلك البلدة الجبلية في موسم الحصاد، وما فيه من أجواء التعاون والسعادة رغم التعب، وتظهر بطلة القصة بخلقين جليلين هما خلقي الحياء والشجاعة،

فها هي تخرج بعباءتها الساترة وتأبى أن تخترق صفوف الرجال وهي تحمل الغداء لأبيها والعاملين معه في الحصاد، وتأخذ طريقا أطول لتصل إلى والدها دون أن تمر في وسط الرجال، وفي رحلتها تلك خرج لها ثعبانا في الطريق فالقمته بدلا الحجر أحجارا حتى قتلته.

وشهد شاهد دون أن تراه غالية تلك الحادثة فذهب إلى مجلس والدها ليقص عليه الخبر ويشكره على حسن تربيته.

 وتكريما لها، نقش نقش خاص بها وببنات أسرتها في عباءات الصوف النسائية التي يرتدينها.

وللحديث بقية في المقال القادم.. إن شاء الله تعالى

مقالات ذات علاقة

المفارقة في الرواية (علاقة حرجة)… الواقع والطموح

المشرف العام

الروائي الليبي سالم الهنداوي.. سيمفونية العطش إلى الحياة الحرة الكريمة

المشرف العام

رواية عن مأساة الزّنوج في بنغازي العهدين العثمانيّ والإيطاليّ

المشرف العام

اترك تعليق