المقالة

حنظله، لست وحدك، القوافل تترا…

الشهيد الفنان ناجي العلي (الصورة: عن الشبكة)

الغرب، لا يؤمن بحرية التعبير، لم يسلم ابنائه من القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الحقوقي الشهير مارتن لوثر كنج، المدافع عن حقوق الانسان الداعي الى رفع التمييز العنصري الذي كان سائدا في امريكا بلد الديمقراطيات، فكان ان اغتيل، لأنهم لم ترق لهم كلماته التي تنادي بالمساواة بين كافة الاجناس، ا ليس القائل:

لست فقط محاسبا على ما تقول بل انت محاسب على ما لم تقل حينما كان لابد ان تقوله

رعايا دول ما كان يطلق عليها جزافا “العالم الثالث”، الذين لهم رأي مخالف لسلطة هذه الدولة او تلك، لم يسلموا من جبروت الانظمة القمعية، بل لربما طالت اصحاب الرأي يد الغدر من قبل استخبارات دول اخرى، ولأن اصحاب الآراء يدافعون عن غيرهم من المسحوقين، وليس لديهم ما يحمون به انفسهم ولا يتكئون على اي من اركان الحكم، لذلك فان تصفيتهم تكون جد سهلة، حياته من وجهة نظر المتسلطون لا تسوى ثمن رصاصة، يسقط مضرجا بدمائه مجرد خبر تناقله وسائل الاعلام، وتسجل القضية ضد مجهول ويطمس الملف الى الابد.

الذي جعلني اكتب هذه الكلمات هي ذكرى اطلاق النار على الفلسطيني المقاوم ناجي العلي الرسام الكاريكاتيري اللاذع، المعروف لدينا بحنظلة “22 يوليو 1987 ،واستشهاده في 29  أغسطس من نفس العام ” لا لشيء إلا لأنه لم يرق للبعض، فقيل ان استخبارات دولة اجنبية هي التي قامت بتصفيته في ارض يفترض فيها ان جريمة القتل تكون ليست بالأمر الهين.لا اريد ان اغوص اكثر بشان من قتله فالجميع كانوا يكرهونه لأنه ينتمي الى حركة القوميين العرب، فكل الزعامات آنذاك كانت تخشى على نفسها والقومية العربية تعني لها فقدان عرشها.ومن اقواله ” اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو: ميت.  “

في الانظمة الشمولية، كانت توضع خطوط عريضة امام المواطنون بشان حرية الرأي فلا يتعدوها، ومن يتعدها فقد ظلم نفسه وعليه وزره، وغالبا ما كان هؤلاء يودعون السجون، وقد ينعمون بزيارة منظمة حقوقية دولية لهم في السجون، ويطالبون السلطة بتخفيف الحكم عنه، قد يطلق سراحه ويظفر بالحرية، لكنه يظل رمزا لحرية التعبير من قبل الجميع، فلا يتم التعدي عليه ثانية.

جلب لنا الربيع العربي اناس اكثر فظاظة وعنفوان من سابقيهم، لا يحتملون اية كلمة بحقهم، وان من باب النصح، يعتبرون انفسهم منزهون عن الاخطاء، ظل الله في الارض ان لم نقل كلمته، أما والحالة هذه فليس مسموحا لأحد بان يقول ما من شانه ان يزعج اصحاب المعالي والفخامة والفضيلة الجدد، الكلمة الفصل لأولياء امورنا، سواء اولئك الذين انتخبناهم وأمرناهم علينا او اولئك الذين نصبهم الغير علينا، لأننا من وجهة نظر هؤلاء وبغض النظر عن الكيفية التي جاؤوا بها الى الحكم، ينظرون الينا على اننا قصر، وفترة الكفالة “الوصاية” تطول حسب رؤية ولي الامر فقد تستمر الوصاية الى ما لا نهاية، كيف لا وأنهم آلوا على انفسهم بان يتحملوا وزرهم ووزر الرعية، فمن اين لنا ان نجد مثل هؤلاء البررة المضحون بأنفسهم من اجلنا.

لذلك فان اولياءنا الجدد لا يجدون غضاضة في ان يقتلوا كل من يرفع صوته في وجههم اليسوا هم ولاة امورنا طاعتهم واجبة والخروج عليهم كفر بل شرك والعياذ بالله، لذلك كثرت اغتيالات اصحاب الرأي في دولنا المتحررة حديثا (2011)، لا يتسع المجال لذكرها، اما المحظوظون الذين يودعون السجون فأعدادهم لا تحصى ولا تعد ممنوعون من كافة انواع الزيارات، فسلطاتنا لا تعترف بمنظمات حقوق الانسان الدولية  وتعتبرها تدخلا في الشأن الداخلي.

يبقى القول بأنك يا حنظله لست وحدك، بل نزف اليك كل يوم شهيد كلمة، امثال، شكري بلعيد، محمد البراهمي .المسماري ،ابوزيد، والقوافل تترا، لتشكلوا: “منتدى قتلى الرأي” او ما يحلو لحكامنا تسميته:  ” منتدى القتلى الخارجين عن طاعة ولي الأمر”. المصيبة اننا العامة، اصبحنا لا نحترم الرأي الاخر بل نكفر بعضنا، ونكيل الاتهامات الجزاف انطلاقا من مبدأ، من لا يوافقني الرأي فهو عدوي، يبدو ان ذلك اقتداء بأولياء امورنا.

مقالات ذات علاقة

حكايات للكبار فقط

سالم العوكلي

عبد المولى البغدادي ظاهرة شعرية واجتماعية لن تتكرر!!!

رضا محمد جبران

غياب المنهـج

مفتاح قناو

اترك تعليق