فائزة محمد بالحمد
التقيت ببعض الأقارب لي في مناسبة اجتماعية، وتجاذبنا أطراف الحديث وتسامرنا وضحكنا، ولكنني كنت أحس بالغربة، وكأنني لا أعرفهم منذ زمن!! استمع إليهم كلهم، وأظل صامتة وعيناي تلاحق تلك الشخصيات المتحدثة في سرعة غريبة، ومن ثم احاول ان أشارك في الحديث بطريقة أو بأخرى حتى لا يلاحظ أحد ذلك الملل وعدم الانسجام الذي ينتابني بين الفينة والأخرى.
لست أدري، لما تغيرت الأساليب؟ والأحاديث أصبحت أحاديث فارغة ليست من المنطق في شيء، وكل منا يحس بالغربة التي تسكن داخل روحه. وبعد أن قضينا ذلك الوقت المخصص لتلك المناسبة، ودعنا بعض بمشاعر تبدو لي وأنها باردة، وغادرت بعد أن أعطيت الوعد لتلك الوجوه بأن اكرر الزيارة.
غادرت وعدت ادراجي الي بيتي، وانا أفكر فيما حدث؛ هل كان الجميع يتحدث في مرة واحدة ولا ينصت أحد؟ وهل تحدثوا عن المناصب والسيارات الفارهة والثراء الفاحش الذي ظهر فجأة على فلان وفلان وفلان؟ وأيضا تحدثوا على فيروس كورونا، على أنه وهم وليس له وجود وتحدثوا عن المساجد التي لم تعد كالسابق، وتحدثوا عن الدراسة وعن تلك الأسئلة التي سيمتحن فيها الطالب، وكان كل واحد يبدي رأيه بامتعاض ويعتقد بأنه على صواب، ولا يريد من أحد أن يختلف معه ابدا لأنه على صواب.
أحسست بأنني لا أعرف هؤلاء، لم تعد المشاعر دافئة حين لقائنا كالسابق، بل التقينا كالغرباء وودعنا بعض كالغرباء على أمل اللقاء الذي لا نريد له أن يتكرر، إنما هي مجاملة فرقتنا الآراء والأهواء والمادة والتيارات الفكرية.
فاشتقت لصديقاتي في الصف أيام الدراسة، عندما كنا نضع كل ما أحضرنا من فطور على مقعد واحد لنتشارك كلنا في لقمة واحدة، وتغمرنا السعادة ونلملم الفضلات لتذهب إلى سلة المهملات. واكون سعيدة أكثر عندما يحين وقت لعب تنس الطاولة، فأخرج المضرب الخاص بي لأتفوق على استاذتي وصديقاتي فقد كنت موهوبة جدا والعب باليد اليسرى، وكنت بطلة مدينتي وتحصلت على الترتيب الثاني على مستوى المنطقة الشرقية، وبذلك أتيحت لي الفرصة لألعب في بطولة الجماهيرية وكانت مقامة في مدينة بنغازي في صالة الهلال، وكان عدد الطاولات ما يقارب التسع طاولات، يا له من حدث عظيم وجميل تلك كانت هي السعادة والطمأنينة وانا مع صديقاتي..