طيوب البراح

من أنا؟

ريم القماطي

من أعمال التشكيلية خلود الزوي
من أعمال التشكيلية خلود الزوي

_ أنا ابنة الأندلس القديم،

_ ابنة الحُب الذي نما في قلوب الصّادقين،

_ صديقة البُسطاء، الذين يُسعِدُهُم رغيف خبزٍ ساخن، ويُحزِنهم غياب الشّمس…..

_ أنا أوجه التّناقض، أحب ما أكره، و أكره ما أحب….
أنا بذرة الأمل في قلوب البائسين،

 وأنا البائسة التي ذبُلَتْ بِذرةُ الأمل داخلها

_ أنا كَ عاقِرٍ رَزقها الله بحملٍ بعد ثلاثون عام، عانَت وَيْلات المخاض لساعات، وانتهت ولادتها بوفاة الجنين….

_ أنا غيمةٍ مُشحونَة أصابت رُقعةً قاحِلة، فأخرجتها بُستاناً،

_ أنا حزنُ عجوزٍ مُلقاً بدار المُسنّين زوجته توفّت ولا يملك أبناء

_ أنا القويّة التي لم ولن تسقُط ولن تستسلم

_ أنا العاديّة جدّا، والغير مألوفة

_ أنا التي لا يعرفني جيّداً سوا من يحمل قلباً نقي

_ أنا التي ترى القتل مُباحاً، إن تعدّى أحداً على فردا من عائلتها

_ أنا القريبة من الصّادقين، والبعيدة جدا عن المنافقين

_ أنا فرحة الأطفال بالعيد

_ أنا قشعريرة النّجاح في قلوب المُرهقين

_ أنا المُتعجرفة التي لا يرغب بصحبتها الكثيرون

_ أنا العنيدة إن اقتنعت بشيء ما

_ أنا قلب أمي ونقاء أبي

_ أنا الفخر بإخوتي

_ أنا الاصرار بعزم أخواتي

_ أنا دمعة الفرح التي شقّت طريق اليأس

_ أنا سجدة القائم، التي انقضتْ بالتّحقيق

_ أنا كلمة جارحة أخذتْ مساراً خاطئاً وقتلتْ قلب أحدهم دون قصد، لأُسجَنَ في زنزانةَ التأنيب مؤبّدًا

_ أنا المُتسرّعة، التي تكاد تُنهي أصابعها، وهي تقضمها ندماً، بعد كل قرار

_ أنا ذات الوجه الواحد، الذي لا يلقى مجالاً مع المتعدّدين

_ أنا المُفرِطة في العَطاء، والحُب، فينتج عنه إفراطاً في الأذيّة إن أُوذِيتْ

_ أنا التي لا أعرف عن النّاس سِوا ما قالوهُ لي، لا أسأل ولا أتدخّل…

_ أنا المُنطوية، الوحيدة، المُنعزلة، التي تكون في قمّة استرخائها وسعادتها، حينما تشارك اللحظات مع ذاتها

_ أنا المحكمة القائمة، التي لا تُغلَق، تحاكم على أدنى سوءٍ أو تقصير

_ أنا الواثقة بذاتي حد الجنون، والمُشكّكة بي حد الاحباط

_ أنا المَرتع الحقيقي للخيبات

_ أنا رجفة القلب عند اللقاء الأول

_ ارتعاش الأقدام عند تلقّي الصّدمة الأولى

_ أنا البشوشة، والبائسة

_ أنا ليلة طويلة أسدلت ستائر مُعاناتها على فقيرٍ دون مأكلٍ او مشرب

_ أنا التي لم تُؤمن بالحُب يوماً سِوا حبّها لأبيها ، وترى أبيها سيّداً وتاجاً على رؤوس الرّجال… وحين بادرها أحدهم بالود أهدتهُ قلبها بلا مُقابل

_ أنا السّند، والعضد، والمُتَّكَئ، والأمان، والمودّة

_ أنا الكاتبة والقارئة، وأنا التي لا تجيدهما

_ أنا ابنة السّلف، أنتمي لهم بشدّة، قلبي مُتيّمٌ باتّباعهم، ولكنّهُ لايزال غير مُتّزن

_ أنا من كتبت أول كتاباتها، على شموع المتنبّئ وأحمد شوقي

_ أنا صديقة القلم والدّفتر وابنة الأفكار

_ أنا كثيرٌ من قليل، وقليلٌ من كثير

_ أنا الخير والشّر

_ أنا الجدّيّة واللامُبالية

_ يعرفني الكثيرون، و يفهمني القليلون

_ أنا أنا، بقلبٍ واحد، وعقلٍ واحد، وجسدٍ واحد، لا أتغيّر،
وأنت من تصنع منّي الشّخص الذي سيُقابلك

_أنا صديقة أنا، أنا منّي و إلَيْ

مقالات ذات علاقة

فضاءات

مهند سليمان

فما بعد العسر إلا اليسر

سمية أبوبكر الغناي

صلاة جماعة

المشرف العام

اترك تعليق