يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…
2
تقول احدى الروايات انها نست تعليق التميمة في ذلك الصباح.. خاصة انها وجدتها في سحارتها الخاصة.. بعد بحث مضنٍ.. يقول بعض اصحاب هذه الرواية ايضا ان التميمة اختفت للأبد.
أما الرواية الأخرى فتصر على أن الأب هو من اكتشف التميمة.. يضيف اصحاب هذه الرواية أن الأب تأخر في ذلك اليوم عن الذهاب للمسجد.. استغرب وجود رضيعه نائما في الكوبت.. اعتقد انها لن تصلي في المسجد.. اقترب من الطفل ليغطيه.. استوقفته رائحة غريبة تنبعث من الرضيع.. فلما تفحصه اكتشف التميمة.. كانت تلك رائحة الجلد حسب اصحاب هذه الرواية.. وبعضهم يقول انها رائحة الجلد واشياء اخرى.
ما اتفقت عليها الروايتان هو ما اكتشفته الأم بعد عودتها من المسجد.. لم يعد طفلها كما كان عليه قبل مغادرتها..
اشياء كثيرة لاحظتها فيه تؤيد هذه الفكرة.. بكاؤه توقف تماما.. لم يعد يبكي كسابق عهده.. كما أنه لا يأكل شيئا ولا يشرب سوى حليبها.. هذا عدى نظارات عينيه لم تعودا كما كانت.
في عينيه شيء مخيف بالإضافة إلى لون حدقته.. لم تكن سوداء كما كانت.
تحسست قلبه.. تأكدت مخاوفها حين لم تسمع لقلبه ضربات…
ناحت طويلا.. بكت كما لم تفعل من قبل.. بكت على تفريطها واهمالها.. بكت على رضيعها الضائع.. سفحت دمعا عزيزا غزيرا.. تذكرت كل ما روته لها الجدة عن اهمال بعض النسوة لاطفالهن في زمن الرضاعة.. ها هي تضاف لضحايا امة الخفاء.. احداهن استبدلت رضيعها برضيع من تلك الأمة الخفية.
لكنها قررت أمرا..
كان قرارها خطيرا.. الأمر الذي فشلت النساء فيه على مر العصور: الكتمان.. لن تخبر أحدا.. حتى زوجها.. أبدا
عند الضحى توقفت عن نواحها.. مسحت دموعها.. احتضنت الرضيع قبلته بحرقة ثكلى.. قبلته كما لم تفعل قبل مع رضيعها الحقيقي.
يصر بعض الرواة ان ضياع التميمة هو السبب في ما جرى للرضيع.. اما البعض الآخر فيصر ان الأمر كان محض مصادفة.. يضيف هذا الفريق أن تلك الأمة لم تكن تأبه للتمائم..
بعدها ظهر فريق ثالث يصر أن العجوز خدعتها وباعت رضيعها لأمة الخفاء في صفقة مجهولة.. يؤكد هذا الفريق هو اختفاء تلك العجوز بعد أيام من تلك الحادثة.
أجابت زوجها باقتضاب عن سبب احمرار عينيها:
- إنه دخان التنور.
- احترسي ان تدخلي الرضيع معك إلى المطبخ.
- لن افعل..
بالكاد تحكمت في نفسها.. حمدت الله في سرها انه لم يطلب رؤية الرضيع.. الغريب انه لم يستيقظ طيلة النهار.. على الرغم من انها خرجت به إلى المسجد لتغسله وتبدل له ثيابه.
لم تظهر في مجلس النسوة ذاك المساء.. جلست تراقب الرضيع.. تبكي رضيعها الضائع دون دموع ولا نوح.. تبحث عن حل.. تخشى افتضاح امرها.. قد يكون مصيرها الطلاق في احسن الاحوال.. اما رضيعها فلن تراه ابدا.. كانت تبحث عن حل.. عقلها يعمل بأقصى طاقته.