الحزن بضاعتنا جميعا*
يا صادق …
فرسان هذا العصر
مازالوا بلا معارك
والنسر لم يمت
النسر صار ببغاءً مدهشاً
يغني للخليفة
أشعاره قد جعلت حياتنا
سخيف
***
فى زمن الغربة والنواح
تبكيك بنغازي كل مساء
تبكيك حتي مقدم الصباح
قنديلها مدينتك ماعرف التوهج
قاموسها حبيبتك لايعرف الأفراح
ولا شموعها أضاءت رغم الاحتراق
***
ما كنا يوما ً أبداً
نملك خيالاً واسعاً
أحلامك كبيرة علينا
حياتنا نعيشها أحزانا ً وتعاسة وهموم
طعامنا مسموم
مطفأة فى بلدي بيادر النجوم
سماؤنا لاتعرف الغيوم والمطر
أفكارنا مضحكة كنزق التتر
***
فى سوق الحشيش هزنا الخبر
“النيهوم مات”
الحاج الزروق أيضا ً هزه الخبر
“النيهوم مات”
و ” ف.م” ترجلت من سيارتها
وجاءت لتقدم العزاء
الحاجة”أمدلله” لم نرها
منعها أولادها بحجة ابتعادك
عن تعاليم السماء
تصور
أولادها قد أصبحوا وعاضاً أغبياء
***
لاتغضب الحاجة”امدلله” لم تنكرك
فى صمتها جالسة وحيدة
تبكيك وغيابها فى المدن البعيدة
أوقدت حزنا عليك شمعة
وبادلتها دمعة بدمعة
مافهمت يوماً جراءتك
لكنها ككل بنغازية ً أصيلة
أحبتك
***
رحلتنا طويلة
همومنا ثقيلة ثقيلة
الموت والضياع فى دروبنا
الخوف والأحزان فى قلوبنا
الصمت يحتوينا
الليل فى دوامة النسيان
يطوينا
ذاك الذى كان صفاء وفرح
صار يا صديقنا الكبير
يشقينا
***
جراحنا عميقة
رددتها لنا مراراً فى مدرسة “الحقيقة”
طرقت بوابة أحزاننا بعنف
لم نفتح
تركناك ترحل وحيداً
صلينا صلاة العشاء
دخلنا كعادتنا أقبية النساء
لم نر فى عينيك
سرها الحياة يأتلق
لم نر وجه الله فى الأفق
لم تصل أسماعنا ترانيمك الرقيقة
لقصة الإنسان والخليقة
فى ساعة الغسق
***
تركتنا قراءك القدامي لمن ..؟
فكل كتاباتهم نفاق وهراء
وكل زراعاتهم تذروها فى حقولنا
عواصف الأنواء
كم غزلنا بنورك ياقرص الضياء
آلاف الحكايات للصغار
عن طيور وصحاري وبحار
عن غربة الفصول وبقايا الاندثار
فى موعدنا المعهود كل ليلة
نتلاقي – نتحاكي – نتسامر
نهيم عشقا ً داخل الأشياء
ونذزف الدمع فى أخر السهرة
***
وداعاً
يا أجمل زهرة كانت بوادينا
يا قارباً ظل شواطينا
يا أعذب لحن شجي
غنته طيور روابينا
يؤسفني أن أخبرك
بأننا فى وطني لم نفهمك
لكننا على المدي سنذكرك
_________________________________
* الصادق النيهوم
بنغازي 18 نوفمبر 1994