سالم البرغوتي
كلما لمسته صدح بنغم طري تسمعه على شاطيء الشعاب في ذات الوقت الذي تسمعه على حافة وادي مسوجي.
علاقة القاصتين بالنص كعلاقة عود القماري بالياسمين .عبق صحراوي وعطر حضري
لست ناقدا ولا أجرؤ على فعل ذلك .فالنقد تم احتكاره من جيل يرفض التجديد وعلى غيره الاقتراب. لكنني أحاول أن أجد العلاقة بين الاثنتين كونهما قاصتين من طراز رفيع .أين تلتقي أفكارهن وما سر الاندفاع والهيجان الكبيرين في إبتلاع هذا الكم الهائل من التوصيف وكأنهما لا يريدان ترك أي محسنه لفظية تحت الحجر للأجيال القادمة .
الغريب أن الكاتبتين أو القاصتين من بيئتين مختلفتين لا تنتميان إلى ذات النطاق الجغرافي وكلتاهما تستخدمان ذات التعابير والتوصيفات التي تتماهى مع ذات البيئة.
فعزة تستغل ضيق الأماكن لتركيب أكثر عدد من الصور البلاغية بينما تستغل عائشة إبراهيم سعة الأمكنة بإستخدام غزارة الصور لتقريب المساحة في ذهن القاريء .
عائشة قدمت روايتين قصيل وحرب الغزالة وفي اعتقادي أن قصيل هي من مهدت لنجاح حرب الغزالة وكأنها بقصيل تكون عائشة قد خرجت عن صمتها وخوفها وألقت بالحجر في الماء للأعلان عن بداية حرب الغزالة وكسر حاجز الخوف في كشف المجهول .
أما عزة المقهور فإنها اندفعت بقوة في مجموعات قصصية لم تتشابه في نصوصها وكانت مختلفة في الشكل والمضمون مما يؤكد قدرتها الفائقة في صناعة حدث لا يشبه الاخر وكأن مخزونها البلاغي لا ينضب ولا يجف وكلما حاولت أن تلقي بقلمها المتعب عاد ليلتصق بأصابعها من جديد مجددا العهد بأنه لن يجف طالما أنها تجدد التوصيف وتنقله في زوايا وأزقة طرابلس وبيوتها القديمة .
لو قدر لي تصوير المشهد سنيمائيا سيتعين علي أن اتصور أحداهما تقف على صخرة قرب كهف الجنون تنتظر الغزالة التي سرقت والأخرى تنتظر ميلاد ياسمينة من على شرفة السرايا….