من أعمال المصور أسامة محمد
قصة

مزرعة الإنتصار


سوف يعقد إجتماع تقابلي يضم قطاع الزراعة بالفرع ورئيس المجلس البلدي مع عدد من الشركات الخاصة المحلية والدولية للبحث في إستثمار مزرعة الإنتصار ومن الضروري توفير كافة البيانات والمعلومات ذات العلاقة بالمزرعة،
منذ تولي م / محمد الناجح منصب مدير مكتب الإستثمار الزراعي بالفرع وهو في حالة عمل دائم ومستمر إيمانا منه بقيمة العمل و أثره الكبير في دفع عجلة التنمية وتطوير المنطقة و البحث وتوفير مشروعات إستثمارية ناجعة تخلق فرص عمل مهمة وتحقق إنتاجية عالية وذات جودة من مختلف المحاصيل والفواكه والخضروات.

لذلك كانت فرصة ذهبية لإنقاذ مزرعة الإنتصار من الفوضي والخراب والإهمال عن طريق عرضها كمشروع إستثماري مهم.
كان م / محمد مهتما غاية الإهتمام وحريصا اشد الحرص ليعد التقرير الفني و يكون كاملا، شاملا ومستوفيا لكل صغيرة وكبيرة حول المزرعة موضوع البحث علي طاولة الإجتماع ليوم الغد، لذلك كان غارقا في مجموعة من الملفات والأوراق عن يمينه وشماله، عيناه علي شاشة الحاسوب وأصابعه علي لوحة المفاتيح في تزامن مستمر لا يفصله إلا تناول بضع رشفات من فنجان القهوة، الذي يمده بطاقة إضافية للإستمرار والتركيز في العمل ، او هكذا يظن.

توقف عن العمل لسماعه بعض الجلبة الخارجية لأصوات مختلطة تسأل عنه وعن مكتب الإستثمار الزراعي.
نهض من علي كرسيه متجها إلي باب المكتب الذي تفاجا به يفتح امام وجهه بقوة ويدخل مجموعة من الشباب في سنوات عمرية متفاوتة يعلو وجوههم مسحة من الغضب والسخط ولسان حالهم لا يبشر بخير.
وينه المهندس محمد وينه مدير الإستثمار؟؟.. صاح أحد الشباب مرددا
رد م / محمد: نعم تفضلوا يا شباب.. إن شاء الله خير.. خيركم شن فيه.
أحد الشباب: انت م / محمد الناجح مدير مكتب الإستثمار الزراعي
م / محمد: نعم أني هوا.. تفضلوا
الشاب: أني منذر بوهدة.. وهاذوم الشباب معاي.. إحنا نسكنوا جنب مزرعة الإنتصار، وسمعنا أنكم تبوا تعطوا المزرعة لشركة اجنبية.
م / محمد: أهلا بيكم.. تفضلوا.. خلونا نجلس ونحكي مع بعض بخصوص هذي المزرعة
منذر: لا أهلا ولا سهلا.. مش ح نجلس ومش ح نسمع أي حاجة..إنتي اللي تسمع منا.. إحنا طول عمرنا جيران هذي المزرعة وطول عمرنا وإحنا مستفيدين منها.. نعملوا فيها كعمالة موسمية.. ناخذوا في حصتنا من الزيتون بعد ما نلقطوه ونعطوا للزراعة نسبتها.. شواهينا ترتع في العشب زي ما تبي، نزردوا فيها ونلعبوا في الكورة زايطين نديروا ما نبوا، وتوا جاي حضرتك تبي تحرمنا من هذا كله وتعطوها لبرانية يستفيدوا منها.
 والله.. والله الكلام هذا ما هو صاير منه. ولو لقينا فرطاس في المزرعة نقصوله رجليه، والله ما يخشها واحد وإحنا حيين، نتشوا فيها النار ولا ياخذوها البرانية.
بهت م / محمد لسماع هذا التهديد و الوعيد من قبل هذا الشاب والمجموعة التي معه.

لم يكن له قدرة علي مواجهة هذا المد الغاضب السافر الذي تجاوز كل خطوط اللياقة والكياسة والأدب والأخلاق،
أسقط في يده، تبخرت كل أحلامه و أمنياته بإعادة الحياة من جديد إلي مزرعة الإنتصارالميتة.
لم يجد ما يقوله لهؤلاء الشباب الغاضبين، فمهما قال أو وضح وجهة نظره العلمية والإقتصادية فلن يفهم هؤلاء هذه اللغة ولا هذا المنطق، ان شهادته العلمية و كل ما تعلمه من كلية الزراعة طيلة خمس سنوات لا قيمة لها مطلقا.
رجع إلي مكتبه أخرج ورقة قام بكتابة بعض الأسطر ثم خرج مسرعا في إتجاه مكتب مدير الفرع.
إستأذن طارقا الباب ثم دلف إلي الداخل.
حيا مدير الفرع مبتسما علي مضض: السلام عليكم.. تفضل يا مهندس / منصور
م / منصور: شكرا بارك الله فيك.. إنت فعلا مهندس ممتاز يا م / محمد. زي عوايدك أكيد تقرير مزرعة الإنتصار كامل وشامل ومستوفي لكل البيانات.
رد م / محمد الناجح: لا يا مهندس منصور.. هذا مش التقرير اللي طلبته عن مزرعة الإنتصار.
.
.
.
.
.
. هذه إستقالتي من مكتب الإستثمار الزراعي

مقالات ذات علاقة

رســـم

كريمة الفاسي

ضباب

أحمد يوسف عقيلة

عن المدينة والبحر وبرنيس

محمد العنيزي

اترك تعليق