المهدي جاتو
الأشجار في الغابة، في انتظار ليلة عيد الميلاد، تضع على رأسها قلنسوة من غيوم، تزينها نجوم شاءت الرحيل بعيداً…
جلس الأمل تحت إحدى الأشجار، هاله هذا الجذع الكبير المتقشر الذي يفوقه أضعافاً مضاعفة في الحجم، فبدأ ضئيلاً، وهو يزاحم تلك الأشجار العظيمة.. لم يسبق له أن شاهد خطوات زمن كما شاهدها في هذه الغابة…
اختفت الزواحف عندما أرعدت السماء، كما عادت الأطيار إلى أعشاشها وهي هلعة، والحيوانات صارت تركض في كل اتجاه.. فجأة حل السكون، جمد كل شيء، ولا ورقة تتحرك، سار الأمل ببطء وهو يتطلع إلى الأعالي.. إلى الأشجار السامقات.. ويمد نظرهُ بامتداد الأفق، فأحس بأنه الوحيد الذي يتحرك في هذه الغابة المنفلتة من الزمن، الذي واصل الركض وراء صديقة اللدود المستقبل.. فراراً من شبح الموت الأزلي ربما؟ أو رغبة في إدراك المجهول طمعاً في نيل المزيد من السطوة؟…
لكن الحقيقة دائماً تختفي اختفاء الزواحف والحيوانات والأطيار.. لكنها ما تلبث أن تظهر أمام العيان كالصباح الجديد…
أبتسم الأمل عندما عثر على النجوم التائهة المتلألئة مختبئة في عيون الدواب الضعيفة المتواجدة في الجحور والأعشاش. توقف الأمل بعد أن طاف أرجاء الغابة، تأمل وجه السنابل ملياً، ومجرى السيل اليابس. وبينما يوجه نظرهُ إلى السماء رافعاً يديه، سقطت من عينيه دمعة على الأرض، انفلق منها عين ماء، أعادت الحياة في كل الأماكن التي مر بها سلسبيلها…