ناريمان الطشاني
كيف حالك اليوم ، أتمنّى أن تكون بخير ..
مضى على فراقنا شهر ، لا أدري كيف مضى وأنا أختنق ، شهر كامل من دون صباح الخير خاصّتك ، ونبرة صوتك الحنونة رغم خشونتها ، لم أعلم أنّني بطلة إلى هذا الحدّ ، لا أظنّ بأنّني سأتمكّن من أن أنساك يوماً ، لكنّني سأحاول..
مرحباً يا أنفاسي الضائعة ، أشتاق إليك كثيراً ، عام كامل من غيرك هذا جنون حقّا ، لم أتمكّن من حرق صورك والتّخلص من صندوق الهدايا بعد ، قد أتمكّن من التخلص منها في العام المقبل ، لا أعلم ، ربما قد تحدث معجزة ما كأن نعود معاً ، سيكون هذا رائعاً أليس كذلك.
عامان ! هل يعقل هذا ، لم تحدث المعجزة بعد ، هذا مؤسف ، أمسكت العلبة الحمراء وشرعت في حرق الصّورة الأولى ، هل تذكرها ، إلتقطناها في المقهى القديم ، لم أستطع إحراقها، أنا جبانة حقّاً ، قررت أن أعطي معجزتي الصغيرة فرصة أخرى ، عام آخر بعد ، أنا متفائلة.
العام الثالث ممل جدّاً، لم أنساك بعد ، إلى متى هذا الحال ، هل نسيتني حقّا؟ كيف استطعت ، اليوم تقدّم خالد لخطبتي ، إنّه طيّب وابن حلال كما يقول والدي، يحبّني كثيراً ، سأعطيه فرصة ، أنا أعلم أنّني لن أحبّه كما أحببتك ، ولكنّني سأكون لطيفة معه..
أربعة أعوام مرّت بسرعة ، تزوّجتُ الشهر الفائت ، خالد طيّب جدّاً ، إنّه يستحقّ الفرصة الّتي أخذها ، لكنّني لن أنساك.
العام الخامس ، مجنونة هذه الحياة ، رُزقت بطفلة جميلة أسميتها زهرة ، لا تشبهني ولكنّها جميلة ، لازلتُ أحتفظ بصندوق ذكرياتنا ، لكنّني لم أعد أنتظر أيّ معجزات.
عشرة أعوام مضت ، لازلت أتذكّر لقائنا الأخير ، صرتُ أمّاً لثلاثة أطفال ، خالد فاجئني الأسبوع الفائت بهديّة جميلة جدّاً ،طوق فضّي ساحر يشبه ذاك الطوق الّذي أهديتني إيّاه إلاّ أنّني لم أنبهر به كما إنبهرتُ بهديتك .
خمس وعشرين عاماً ، توفّي خالد منذ عامين ، كم أشعر أنّني وحيدة جدّاً ، زهرة تزوجت برجل أعمال وسافرت معه للخليج ، الحسن والحسين يدرسان القانون في ألمانيا ، وأنا هنا رفقة العلبة الحمراء ، وصورتنا الأولى أراقبهما تحترق.
ثلاثون عاماً من دونك ، وخمسة أعوام بلا العلبة وصورتنا ، أيّامي معدودة جدّاً ، هذا ما أخبرني به الطبيب ، زهرة والأولاد بجانبي، أسمعهم يبكون خلف الباب قبل أن يطرقوه ، رأيتك على التّلفاز قبل يومين ، أنت لم تتغيّر بالرغم من شعرك الأبيض ، لا تزال وسيماً ، ستنتهي هذه الحكاية أخيراً ، وسأكون أنا المغادِرة الأولى هذه المرّة.