الشاعرة عفاف عبدالمحسن
حوارات

عفاف عبدالمحسن: ”نحن نكتب لأننا بحاجة للنسيان“

نبض العرب، (حوار/ ريم العبدلي)

صوت اذاعي مميز عند سمعه يلتف حوله العقول والقلوب وشخصية متميزة ومتنوعة الأداء كتبت الشعر وللمسرح أيضا تتلمذ الكثير على يديها خلف مايك فلم تبخل على أحد بعطاءها اللا محدود…
صديقة الجميع جميلة الطباع رصيدها حافل من أعمال الشعرية والبرامج الإذاعية ربما خانني التعبير في تقديمها كما يجب ولكن عبر هذه المساحة سنتعرف عليها أكثر من خلال حوار معها:

الشاعرة عفاف عبدالمحسن
الشاعرة عفاف عبدالمحسن في أمسيتها بمنتدى السعداوي.

– جميعا يعلم بأنك صاحبة مشوار طويل ومميز ولكن في بداية حورانا نحب أن نعرج معك عن بدايتك ومسيرتك الاعلامية والشعرية والقصصية؟ وهل انبثقت بداياتك الشعرية والقصصية مع بدايتك الإعلامية؟
> تحياتي لكم قبل البدء وشكرا لقلم صحفي ذاكرته من النقاء بحيث تظل تحمل هم الآخرين ربما غبار الحسد البشري أو عوامل الذاكرة السمكية لبعض المحيطين عمل على تعمد أو تناسي أو تساقط ذكرهم كمؤثرين بأعمالهم وليس كأثر كان فعبر…
أما عن مشواري فسأستهل بشطرة من قصيدة كتبتها في 1998 واستهللت بها ديواني الأول وشوشات (لماذا؟ كلما يهفو الظلام إلى السنا ينأَ؟) هكذا بداياتي لم تكن تلك السلسة فلم تكن كلية الاقتصاد اختياري إذ حلمت بطب الأسنان.. وتخرجت من جامعة قاريونس 1990 وكان السلس في الأمر تعييني حيث مناشطي الجامعية كتابة في صحيفة الجامعة ومجلة الكلية والأصابيح والأماسي الشعرية ومناشطي الجامعية الأخرى كما في المسرح الجامعي وبعض الأعمال الإذاعية المسموعة والمرئية التي ساهمت فيها قبل الانخراط رسميا أهلتني لأن أكون أمين مساعد الإعلام والثقافة بالفرع البلدي البركة وحينها الفاضلة نورية الشريف والفاضل المرحوم إبراهيم بكار قاموا بتعيين كل الجامعيين المصعدين لتلك المواقع ولم يعملوا بعد وهكذا حالفني الحظ لأن أنخرط رسميا في الثقافة والإعلام كموظفة تزامنا مع عام تخرجي من الجامعة بعد استكمال فترة تصعيدي.. وأقول ريم الأسرة هي المعول وهي المساند وهي القادرة على اكتشاف موهبة الطفل طالما هناك اهتمام وأسرتي الجميلة المتفاهمة المتفانية بكل أعضائها أب وأم وإخ كبير حنون وأخوات مساندات ومكتبة بيتنا العامرة بكل تصانيف الكتب وتنوع القراءات وخاصة القرآن الكريم بصوت أمي وأبي دائما كانت هي الأسس التقويمية والقيمية التي صقلتني وعلمتني وأخذ الجميع بيدي لأكون عفاف الآن الإذاعية والكاتبة الصحافية والشاعرة لأنهم آمنوا بقدراتي منحوني ثقتهم واستمديت ثقتي منها وخرجت من عالمي الصغير للحياة وكلي أمل أن أكون شيئا أثرا وتأثيرا ولا أخذل أسرتي ونفسي…
في الإذاعة تعثرت بعد أول دورة إذاعية رسميا انخرطت عبرها واجتزتها بامتياز ولم يشأ المسؤولون آنذاك تعييني في الإذاعة أسوة بزملائي لأسباب لا أرغب بسردها في هذا المقام كونها جارحة .. وجبر الله خاطري بعد ذاك بتعييني في الثقافة كما ذكرت سالفا وظللت متعاونة في العمل الإذاعي بألوانه جميعها إعدادا وتقديما ومشاركات تمثيلية باللغة العربية واللهجة الدارجة وحالفني الحظ أن اعمل مع جهابذة الثقافة والإذاعة وقامات فنية أحترمها وتعلمت منها الكثير.. عدا الأخبار لم أكن أحب أن أكون قارئة نشرة وكذا صوتي الصغير لا يتناسب معها…
أما بالنسبة للشعر فقد كانت موهبة ربانية حباني بها الله مذ نعومة أظفاري حيث كتابات متعثرة تبكي لها أمي في بطاقات المعايدات بعيد الأم والأعياد المختلفة ويفرح بكتاباتي أبي الغالي الحنون ويشجعني على الاستزادة بالقراءات المتنوعة أخي وأستاذي الحبيب عبد الله عبد المحسن.. وكبرت والجميع ينادونني شاعرتنا حتى في المدرسة وأول فرحة شعرية حين فزت بالترتيب الأول وأنا في الصف الثاني الثانوي بقصيدة باللهجة (شعر محكي) كانت لليبيا الحبيبة وفي الصف الثالث الثانوي ذهبت بقصيدتي الفائزة على مستوى (الجماهيرية) ليبيا طرابلس وألقيتها على منبر صاحبني الخوف والارتباك وكانت بداية الجرأة للتلاقي مع جمهور كبير ثم في عيد الأرض الفلسطينية الشاعر أحمد بشير العيلة يستضيفني كشاعرة ألقي قصيدتي الوطنية الجريئة ( تفجيرات ثورة في زمن الثأر والطوفان ) في مدرج كلية الآداب بجامعة قاريونس وكم كبير من الأساتذة والشعراء يسمعني والفرحة تجاوزت حدود الأماكن يومها وأنا لم أكن طالبة جامعية بعد…
أستاذه ريم أنا لم أكتب القصة بل كتبت للمسرح مسرحيتي الأولى باللغة العربية الأدبية الاجتماعية ( تهاويم تعاريج ) التي أخرجها للمسرح الوطني طرابلس الفنان المخرج عبد السلام التريكي وجسدها الفنانة هدى عبد اللطيف والإذاعي الفنان مروان الخطري وكان لها صداها الذي أوصلها للعرض على مسرح مدينة الدار البيضاء بالمغرب بعد عرضها ضمن مسرحيات ليالي سبها الثقافية.. ومسرحيتي الثانية التي بدأنا فعلا قراءات أولية فيها مع فريق العمل وهي (أزمة ثقة) وهي مسرحية شعرية باللهجة (شعر محكي وغنائي) وأخيرا بين يدي نص مسرحي (منيودراما – مسرحية الفرد الواحد) باللغة العربية بعنوان (كن بخير لأكون) وحقيقة بدأت هواية وموهبة كتابة الشعر والكتابة التعبيرية قبل فترة طويلة من موهبتي الإذاعية التي أحببتها قطعا وأنا أتطلع لأخوي أستاذي (عبد الله وعزيزه عبد المحسن).

– كيف توفقين بين كافة الأنواع الكتابية وفي أي من تلك الحقول تجدين نفسك أكثر؟
> الأمر حقا لا يستحق المعاناة فالشعر مثلا حالة لا تأتي دائما ولا تأتي بسهولة فهو ليس صنعة بل إحساس وهزة وجدانية يحركه الموقف أو الحالة أما الكتابة التعبيرية فتلك أيضا لها تواقيتها وحالاتها إذا دخلت في إطار عملي فسأحدد لها زمنها لإنجازها أما إذا كانت خاصة فتندرج تحت حالات الشعر أيضا ولأنني مسهبة جدا فأجدني في الكتابة الأدبية التعبيرية أكثر من القصائد أو النصوص الأدبية التي لا تحتمل الإطالة فجميل أن تكون الفكرة موجزة بشفافيتها وعذوبة الأحاسيس التي تندرج عبرها خاصة وأنني لا أكتب شعر مقفى بل تستهويني التفعيلة برشاقتها وتقبل الحالات الإنسانية المشابهة لحالتي الشعرية فيها. أما الكتابة الإذاعية فتلك تندمج بين الإعداد أي استقاء معلومات حسب نوعية البرنامج مع كتاباتي الخاصة لأصبغ لوني وتركيباتي الجملية التي تميزني كمعدة ولأنها عملي اليومي والرسمي فتلك في مصاف المهام اليومية التي أخصص لها معظم وقتي ولا أنكر أن الإعداد الإذاعي هو الذي يعيدني للكتب والقراءة وأنا مدينة له بذلك لأننا جميعا في ازدحامات التقنية والمهام الحياتية نبتعد عن القراءات المتعمقة اليومية التي كانت هي ديدننا وصديقنا وصاقلنا في المجال الإبداعي.

– حضرتك من الكاتبات المميزات في جانب كتابه الشعر في أنواع الشعر تفضلين؟ وماهي أقرب كتاباتك إليك؟
> أكتب التفعيلة في العربية الفصحى – وأكتب المحكي في العربية اللهجة وحقيقة كتاباتي كلها قريبة لنفسي بلا مبالغة فالشعر إن لم يكن نابعا من جوف المشاعر الذاتية والإنسانية لمن يحيطون بي ومن لا أعرفهم لن يعني أي ملمح إنساني شفيف من روحي لأرواح كل من يقرأ لي الآن وبعد مائة عام.. أحببت في المقالات الأدبية مجموعاتي (بين الفكر والقلم – أوراق تحترق – غدا يبدأ باكرا – ترانيم في محراب الوطن – رسائل على قارعة الشوق) وفي النصوص الأدبية (عواهن – أحايين).
عواهن /
* المئخاذ يتواكل ونحن نصدق أنه يتوكأ علينا لضعفه فنعطيه حصة المعطاء.. نظل نقول إن العطاء جُبل على هذا وسيموت بطبعه فلا ننصفه.
* أحلامنا.. ترتقي مدارج الرؤى.. أشلاؤها تحت أقدام الواقع تهرس.. كونها هوت دون أن ندري تلقفتها أسنة أشواك الدروب .
أحايين /
* حين تبتر المقصلة الخديعة أسميها نقاء.. بعدها يتلبسنا طهر يؤنقنا بوضوح
* حين تسافر الحقيقة حيث المجهول..يودعها البعض عند محطة اللامبالاة.
أما قصائدي المحكية فقريبة من روحي جدا قصيدة (متلاقيين) وقصيدة (أرياف في روح الوطن) ولاقت استحسانا كبيرا كونها تذاع بشكل مستمر على راديو الميعاد ومعظم المستمعين والرفاق يحفظونها وكانت لي تجربة جميلة مع الشاعر محمود إكنيش الفاخري أسميناها (بين العين والخاطر).
#عفاف (العين) المشاعر في انصياع وفي تخاذل وف خنوع.. المحبة قيدتها وعودتها ع الخضوع.
#محمود (الخاطر) المشاعر في تمرد ع الحواجز والقيود.. والمحبة مش مجرد همس واشعار او وعود.
قصائدي العربية بين القديم والحديث عناوين محددة تقترب من روحي (سؤال / لماذا / سيان / خسائر / قصيدة وحيدة / غياهب)…
* (لماذا؟)
لماذا كلما يهفو الظلام إلى السنا ينأ
لماذا كلما لا مست إصباحا بإبهامي
أمارس رقة الأنثى.. أجرجره إلى
دنيا من النشوى
يقهقه عمري النائم
تجلجل رنة الفرحة
وحين أفيق من حلمي
أرى إصباحنا أمسى
لماذا !!!!!؟؟؟؟
* (غياهـب)
أرسمني.. فتش في غيهب حلمك عني
علبة ألوانك قوس قزح.. لا تفتحها
أبعثني لونا لم يتكرر
فوضى الفاقع تفجعني
وشحوب الباهت
يشعرني بالموت المحتوم
وخليطها مألوف
اقتفي أثر هيادب يثقلها الماس
ابحث عن لوني.. في ظلة ليل شتوي
في قلم رصاص
في شفة الصبح الطالع إبهار
في خفر الشمس المنسابة للبحر
في تعب الليل المُسّْهَدِ
يطرق باب الفجر
حدد ملمح جسدي الحساس
واحذر أن يخترق رصاصك قلبي
ظلل أعماقيَ بالشفاف
واظهر لون الخجل النازح عني كهتون
أهدابي مرج مجنون
شعري.. لونه بعطري العابق
وأناملي.. لونها بالدافيء
وجوارحي.. لونها بالصادق
ومفاتني.. بالصارخ بالغاضب باللاهث بالمفتون
أرسمنـــــــي
لا تبحث عن لوني بعيدا عني
خذ لوني مني
فيَّ الألوان جميعا
مبعث سحري..
سر العبث بهذا الكون

– مشوارك الإذاعي حافل ببرامج ولكن هناك بالتأكيد برنامج مقرب اليك؟
> ريم برامج كونت في مجملها شخصية مميزة تقول للمستمع العادي والمتمعن والمتخصص هذه عفاف.. خاصة الثقافية ومسلسلات أيضا أحببتها كثيرا وصقلت موهبتي الإلقائية بتنوعها وهذا جيد للمذيع التنويع وعادة المسموعة المعلم الأجود لصوت المذيع وتلوينه الإلقائي.. من البرامج ذات الأهمية في مسيرتي وتعلمت فيها كثيرا وأنا حديثة عهد بالعمل الإذاعي (ما يكتبه المستمعون) حيث كان إخراجه وتقديمه لشقيقي وأستاذي عبد الله عبد المحسن وكان يعمل بطريقة الأصوات حيث تقرأ الأعمال الإبداعية بصوتي تارة وأخرى بصوت عزيزة أو أسامة السحاتي وهدى صبري حسب الكاتبة أو الكاتب ويعده القاص سالم العبار وقد كون ملامح كثر من المبدعين اليوم على الساحة الأدبية والإعلامية عبر هذا البرنامج المهم تعلمت فيه كيف ألقي القصيد الوطني والعاطفي كيف أحكي سردا لحكايات وقصص وكيف أقرأ مقالا.. وبرنامج قضايا اجتماعية كان يعده ويقدمه الزميل عز الدين بلاعو ومعه أيضا تعلمت كيف أجسد شخوص القضايا حكاية وبكاء وخوفا وفرحا وأشكره لأنه تخيرني للعمل معه في كثير من الحلقات وكان يخرجه الأستاذ الكبير رجب العريبي.. برنامج شباب شباب.. سهرة الليل الفسيح.. والسهرة التي استمرت أكثر من 20 عاما كل أربعاء أطل فيها على مستمعيني وظلت إلى اليوم في ذاكرتهم بكل تفاصيل فقراتها بداية أعدها لي أ. عبد الله عبد المحسن ثم تركني وإياها قائلا لي لقد تجاوزتي يابنت مدارجك بعد أن وضعتك على بداياتها وأوشكتي أن تتجاوزي أستاذك (وكانت أحلى شهادة زادت ثقتي في نفسي وعملي الإبداعي من أستاذي شق روحي وعمري عبد الله عبد المحسن) لأرد عليه (العفو خويا العين ماتعلى ع الحاجب وانا ديما في حاجتك ياسندي).
حديثا علامتان فارقتان أحببتهما كثيرا هو برنامجي شمس نهارنا وتخيرت أن يكون (التيم – المقدمة) إحدى قصائدي المحكية والتي حفظها عن ظهر قلب معظم المتابعين لراديو الميعاد _ وبرنامجي التنموي المهم مجتمعيا وتربويا وإنسانيا وأحبه لأنه يشبهني يشبه جانبا تربويا أموميا في روحي وقلبي (ارتقاء) تواصل لثلاث سنوات عبر دورات برامجية متكاملة وتوقف منذ عام تقريبا لظروف الإذاعة وفي خطتي العملية أن أعود به إن شاء الله قريبا.
ومن المسلسلات العربية (المسرح وقضايا الإنسان) إعداد مسرحي وإخراج إذاعي للفاضل الكبير رحمه الله محمد بوشعالة – وسلسلة حكايات المسلاتي إخراج الأستاذ/ عوض السمين وتأليف القاص الكبير/ محمد المسلاتي وتلك استمرت لسنوات في مواسم رمضانية بدأت باللغة العربية ثم استكملناها لسنوات باللهجة العامية – كما المسلسل البدوي الذي حالفني فيه الحظ أن أتتلمذ على يد الفاضل الكبير أ. علي العريبي وكان يعلمني كيفية نطق الكلمات البدوية بشكل سليم وغناوة العلم لأنني كنت غزلان التي بني عليها المسلسل المعنون (راعي غزلان) وهو الراعي الفارس – ومسلسل يوميات هند وهيثم من تأليف القاص والكاتب الكبير محمد السنوسي الغزالي وإخراج عبد الله عبد المحسن وشاركني بطولته الفنان الرائع ابريك درباش.

– ماهي الصعوبات التي تواجهك؟
> تعب كلها الحياة فلا أعجب إلا من راغب في ازدياد.. تعودنا متاعب الحياة ولكن لا تعجبني الحروب الخفية والمنافسات غير الشريفة من يكن ندا لي فميدان الكفاح يتسع لكثير من النجاحات أما الإخفاقات التي تأتي نتيجة الفتن والدسائس تلك التي تكسر الخاطر قبل أن تكسر الخطو نحو الأمام والحمد لله تتكشف الصعاب المفتعلة فلا تصيبني إلا بطفيف الشظايا وأعود أصلب من السابق وأستمر.. وهكذا الحياة قالها لنا المولى عز وجل (وخلقنا الإنسان في كبد).

– ماهي مشاريعك القادمة؟
> كثيرة هي المشاريع آمالا وأحلاما وخططا تحت قيد التنفيذ ولكن هل في العمر عمرا للمزيد.. لعل وعسى وتبقى مشاريعنا العملية قيد الأمل تحت عين الله الذي يقول للشيء كن فيكون سبحانه. عملي الإذاعي عبر أثير الوطنية المسموعة مستمر وهناك أعمال جديدة كتبتها وكالبرنامج التمثيلي يراع من ورع رمضان 2019 وأستمر بتجهيز حلقات جديدة كونه يستنفذ الوقت والمال أيضا لحاجتي الدائمة لقراءات تاريخية ودينية تعينني في التأليف اقتباسات وإعداد لبعض الجزئيات . كما أستمر مع شركة الهدف للكتاب الصوتي وهو تطبيق عبر اليوتيوب مع ثلة رائعة لأصوات قراء متمكنين ويفيدني جدا ثقافيا وليس ماديا وأشكر القائمين على الشركة لتخيري ضمن القراء المهندس والأستاذ الجامعي/ أبوبكر المحجوب والمهندس هيثم الهنبلة.. وعملي التدريبي متواصل أيضا مع جهات مختلفة وأتمنى يصلح الله حال البلاد للبدء في تنفيذ ما توقف من مشاريع.

– هل الشعر يؤثر على حياة عفاف عبدالمحسن في تعاملاتها؟
> إذا لم يكن مؤثرا ماكان مخاض القصيد بعض من الروح وبعض من حشاشة الفؤاد وبعض من تهاويم العقل وكثير من اختلاط المشاعر الإنسانية الدافعة لمعايشة الواقع بعد اكتمال رؤى الأخيلة بكامل إنسانيتنا.. كتبت يوما مقالا تحت عنوان (شيزوفرينيا الأدباء) ونشرت في صحيفة أخبار بنغازي وكانت حول حالات الانفصام التي يعيشها الكتاب والأدباء بين كتاباتهم في قصورهم العاجية المغلقة على قيم نبيلة راقية لا ترتقي لها مطلقا معيشتهم اليومية بين أسرهم والناس والوسط الأدبي يهلل بعبقرية هذا وثقافة ذاك بينما تتجزأ لديهم المبادئ وتتغير القيم التي ينظرون بها للناس من غير أسرهم وخاصتهم.. ولم يكن نابعا هذا المقال الاستفزازي الذي ألب عليّ الوسط إلا من قناعتي أن أكون ذاتي تلك العفاف التي تكتب وتتضح شخصيتها وملامحها في أعمالها هي ذاتها عفاف المتعايشة يوميا حياتيا بين الناس وفي أسرتها أما الأقنعة فتلك تشوه العفوية والصفاء الحياتي في العلاقات الإنسانية.

– برامجك الإذاعية أضتفي لنا من خلالها الكثير.. فهل أضافت لك أيضا ما اضفته لنا؟
> قطعا ومن كل بد.. يكفي أنها أهدتني أحب ما يرغب الإنسان امتلاكه (محبة وتقدير الناس).. كما أتمنى أن كانت رسائل مجتمعية قيمية ترتقي بمن ترسل لهم وبذا تكون قد ثقلت من موازيني تحت عين الله سبحانه.. كشاهد لي لا شاهد علي.

– كيف يمكن للشاعر أن يصف عالما مختلفا؟
> ياعزيزتي الإبداع كأي عمل آخر إذا وصفت به وأصبحت بين الناس يشار إليك بالبنان (مبدع) وأي عمل هو بحاجة لأدواته نعم أنا مع كل من يقول إن الموهبة الربانية تصبغ صاحبها بهمهمات داخلية تحيل التخيل لديه جنة خصيبة من الصور غير الاعتيادية لكنه كي يصيغها جملا ممعنة عليه أن يمتلك الكلمات وتلك لا تأتي بالموهبة بل بالاستزادة في القراءة لآخرين كتبوا تجاربهم الحياتية قبلا شعرا وقصة ورواية وهما مجتمعيا وعمقا فلسفيا حكيما وحتى من كتبوها صورا عبر مجلات خفيفة الظل أو خاوية إلا من خبر في سطر واحد فكلها مجتمعة مخزون من المعاني والكلام الذي يتحد في لحظة المخاض مع الخيال ليكون إبداعا بشكل ما شعرا أو غيره ولكنه مميز مختلف.. الاختلاف لا يعني التقعر ولا الرمزية المفرطة ولا التعالي بالمرادفات على المتلقي بل ببساطة مستحيلة المحاكاة في الصورة المختارة ويحضرني قول للكاتب الكبير الجزائري (واسيني الاعرج): الكتابة ليست إكسسوارا حياتيا ولكنها رهان للدفاع عن النور في زمن استشرت ظلمته (انتهى) وهكذا الشاعر مختلفا يكتب بفعل الحب المحرك للحواس فيدفعه هذا وذاك لكل الأفعال اللاحقة كاقتفاء الفراشات قبل أن تموت ذاوية عند مصباح منير اعتقدته يدفؤها فكان هلاكها عند عتباته أوباعتقاد غريب أن الكتابة التي ستولد من رحم معاناته داء جميل يصيب به عشاقا اعتقدوا أن لغة الجسد وحدها رابطهم اللانهائي فاكتشفوا أن التوق لرؤية المحب وعشرته والاختلاط به هو الدواء من داء التعشق.. الشعر عندي شريك ينسجم ضعفي مع قوته وهنا الاختلاف.

– الفضاء الإعلامي الآن كيف تصفه لنا عفاف عبدالمحسن الإذاعية القديرة؟
> سأتيمن بحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة .. كنت ككل متذمر حزين أراه أصبح فراغا إعلايا وليس فضاء إعلاميا.. أي مفرغ من محتواه كرسالة للإخبار كما للتثقيف للترفيه كما للتوعية.. لأنني أرى شبه انهيار قيمي مهني في الفضاء الإعلامي وضياع واضح لمعناه ومضمونه المنفتح على الآخر ثقافيا وفي ذات الوقت المحتفظ بكينونته وهويته .. ولكن شيئا فشيئا ستعود كل تلك الملامح لإعلامنا حيث رفض الشارع بشكل واضح من قبل المتلقي الواعي والمربي الخائف على الجيل والأجيال القادمة والمتعلم الغيور على مجتمعه رفضوا كل تلك الترهات الدخيلة على إعلامنا بادعاءات التطوير المفتعل وبدأت صحوة لتصحيح مسار المجال الإعلامي بدء من تخير المهني الممتلك لأدواته وصولا للبرامج العقلانية الخادمة التوعوية حتى وإن كانت في قالب فكاهي فليست للإسفاف والتهريج.. سيعود فضاء له محتوى لا مجرد فراغ.

– قدمتي العديد من ورش العمل للعديد من الإعلاميين والمهتمين حدثيني عن تلك الورش؟
> أود قبلا القول إن الدورات التدريبية وورش العمل لا تفيد المتدرب بل انها تفيد كثيرا المدرب وتعد بمثابة استزادة وتجديد مستمر لمعطياته العملية ومن الشباب والشابات المتدربين استفدت أيضا فتلاقح الأجيال مهم والعمل الإعلامي سواء خلف ناقل الصوت أو كتابة صحافية ورقية أو إليكترونية وحتى التدريب هي متعة كبيرة وثقة وراحة ضمير حينما تكون في إطار رسالة تنموية لله وللوطن بجانب الرزق والمعيشة .. وقد مارست العمل التدريبي منذ فترة بشكل غير رسمي من خلال الإذاعيين الجدد في 2007 بتدريبهم خلف المايك وإعطاء الملاحظات لهم حتى يتعدل أداءهم الإذاعي بألوانه إخباري أو برامجي.. والحمد لله تتلمذ كثر على يدي وهذا يبهجني كثيرا ولكهم أولادي وبناتي.. ومن ثم رسميا في 2013 بدأت مع الكابتن سمير عبود عبر شركة ليبيا الأولى للتدريب والتطوير والتنمية البشرية حيث استكملنا حملة سمير عبود الإنسانية تزامنا مع اعتزاله وكنت مستشارا إعلاميا للحملة ومن ثم ربطنا الأمر بالتدريب التنموي إذ كانت البلاد في 2013/2014 بحاجة ماسة لمثل تلك الدورات وتخبط كثير من المنخرطين في الإذاعات والصحف الجدد في عملهم مع أهمية الرسالة الإعلامية ودور السلطة الرابعة في إعادة تعديل الموازين بعد انهيار كثير من الأسس والقيم المهنية أكثر من المجتمعية.. واستمر العمل التدريبي وعدد من الجهات ايضا تعاونت معي حتى عام 2018 وتوقفت نظرا للظروف الدائرة في طرابلس هذه الفترة بإلغاء عدد من الدورات حيث المنخرطين من البيضاء وبنغازي والزاوية ولم يتسن لهم الحضور لطرابلس.

– كيف تختتم عفاف حوارها معنا وهل نسيت أن أعرج على ناحية ما تحبين ذكرها؟
> حقيقة استوفيتني سبرا لغور ذهني بحوارك هذا زميلتي النشطة الدؤوبة وأردت فقط أن أقول نحن ياعزيزتي نكتب لأننا بحاجة للنسيان ربما وربما لأننا بحاجة للتذكر وفي كليهما استغاثة مخفية معلنة نحو من سيقرؤننا الآن أو بعد أن نموت فلنعبر تاركين أروع أثر.. فأنا أحب جدا قولا لشكسبير سأختم به حواري كتب ”لا تسمح للناس أن يسحبوك لعاصفتهم اسحبهم أنت إلى هدوئك”.

مقالات ذات علاقة

أحمد نصر: “كتبت رواية “القرية التي كانت” بعد عودتي إلى مصراتة بأكثر من خمسة عشر عاما”

المشرف العام

مأمون الزائدي: إنها تجربة خضتها بحثاً عن النص.

رامز رمضان النويصري

نويمي فيرو: الترجمة كالحب.. ليست خيانة

محمد الأصفر

اترك تعليق