أعتقد جازما أننا في حيرة كبيرة نحن الذين هنا، كذلك نحن الذين هناك، طالما ثمة هنا، وهناك من يسكب المزيد من البنزين على النار لكي نحترق ولا يبقى أخيرا سوى الرماد. لو سألت أي مواطن ليبي بسيط سيقول لك: قد تعبنا، تعبنا إلى الحد الذي أمسى فيه التعب ضربا من المتاه؛ لنغدو كمن ينتظر مجهولا غامضا، لا يعرف سره غير علام الغيوب.
الذين هنا: لم يعد في وسعهم إضافة أحزان أخرى فوق أحزانهم. ولا يتوقف هذا الشأن عند من فقدوا أبناءهم وأحبابهم، أو من تهدمت بيوتهم وهُجّروا من مدنهم وقراهم وواحاتهم وصاروا شتاتا داخل الوطن، بل يشمل البسطاء الطيبين الذين ملوا من مكابدة الوقوف في طوابير المصارف والخبز والبنزين. وصاروا يتطلعون إلى بصيص من أمل، والتشبث بقشة من رجاء تهبهم أمنا وطمأنينة وسلاما.
الذين هناك: ثمة من ترك الوطن بحثا عن السلام لنفسه وعياله، وثمة أيضا من يريد أن يتنفس بحرية، ليقول كلمته من دون أن يتعرض لكتم أنفاسه؛ لأن بعض من عبّروا عن رأيهم هنا، وبطريقة سلمية، قد اختفوا فجأة، ولم نعد نعلم فيما إذا كانوا أحياءً، أو موتى.
وهكذا سنظل في حيرة، إلى أن يتفق الليبيون على حب ليبيا، ليزهو الوطن بأبنائه، ويعم السلام، وتخرس إلى الأبد أبواق الشقاق، وتقفل دكاكين الفتنة التي ما انفكت حتى لحظة كتابة هذه الكلمات على إثارة المزيد من دسائس الفرقة، لمجرد أن بضعة أوباش من سلالة العملاء واللصوص لديهم أطماع في تقطيع المزيد من أوصال الوطن، ونهب أرزاق العباد.
إذا كنت تقدس أشخاصا وتعبد أصناما وتنحاز إلى قبائل ومناطق وأحزاب وشلل، هذا شأنك طالما لن تقتل بشرا أو تخنق أنفاس الكلمة أو تبيد مزرعة وتهدم بنيانا. لكن إلام سنظل رهن هذه الأهواء الفاسدة، التي ستفرقنا عوض أن تجمعنا. فقط دعونا نتفق على حب ليبيا وحدها، كمدخل لترميم بيتنا، والحفاظ على وحدتنا وهويتنا؛ لعلنا بذلك نمهد دربا آمنا لمستقبل أجيالنا القادمة. فقط: أن يكون ولاؤنا لليبيا وحدها، ليبيا بإنسانها وذاكرتها وأرضها وبحرها وأحلامها.
المنشور السابق
المنشور التالي
مفتاح العماري
مفتاح أحمد عبد السلام العمّاري .
اسم الشهرة : مفتاح العمّاري .
ولد في بنغازي 16 يوليو 1956 .
يكتب الشعر منذ منتصف عشرية السبعينيات ، وله أيضا انشغال بكتابة السرد والمقالة .
حضر العديد من ملتقيات الشعر ومنتديات الأدب والفن في ليبيا وخارجها .. مثل مهرجانات المدينة / أحمد رفيق المهدوي /المربد / ربيع الفنون : القيروان / شعراء المتوسط : لوديف / ربيع الشعراء : باريس., وغيرها من المناسبات الثقافية والملتقيات الشعرية في تونس / الجزائر / المغرب / سوريا /مصر / الأردن / اليمن ،وغيرها .....
نشر نتاجه الشعري والأدبي منذ منتصف عشرية السبعينيات من القرن الماضي ،في عديد الصحف والمجلات الوطنية والعربية .
قدّم إلى المؤسسات والهيئات الثقافية الوطنية بعض المقترحات الثقافية التي تنصب في خدمة المشهد الثقافي الوطني .. تتلخص في تصورات وأوراق عمل لجوائز وإصدارات أدبية .
شارك في عضوية العديد من لجان تقييم مسابقات الشعر والكتابة الأدبية للمواهب في ليبيا .
تحصلت مسرحيته ( برج العقرب ) على جائزة العرض المتكامل خلال الدورة الثامنة لمهرجان المسرح الوطني . سنة 1999 ف .
صدر له :
1. قيامة الرمل .شعر 1992/ الدار الجماهيرية / طرابلس .
2. كتاب المقامات / شعر 1993 دار الملتقى – ليماسول .
3. رجل بأسره يمشي وحيدا / شعر 1993 دار غربة – بيروت .
4. السور / مسرحية 1996 الدار الجماهيرية طرابلس .
5. فعل القراءة والتأويل/1996 مقالات في النقد الأدبي الدار الجماهيرية طرابلس .
6. منازل الريح والشوارد والأوتاد / شعر1996 / الدار الجماهيرية – طرابلس .
7. ديك الجن الطرابلسي / شعر 2000 . الدار الجماهيرية _ طرابلس .
8. رحلة الشنفرى / شعر 2000 / الدار الجماهيرية . طرابلس .
9. جنازة باذخة / شعر 2001 / مجلة المؤتمر .
10. مشية الآسر / شعر 2004 .مجلس تنمية الإبداع/ بنغازي .
11. عتبة لنثر العالم / مقالات/ مجلة فضاءات 2005 طرابلس .
12. نثر الغائب / سيرة شعرية 2007 / الهيئة العامة للثقافة / طرابلس
13. برج العقرب / مسرحية 2007
14. مفاتيح الكنز / قصص وحكايات 2007
15. السلطانة / شعر . 2007
16. نثر المستيقظ .نصوص .2007
17. فن العزلة . مقالات 2009
18. فسيفسائي . شعر .2009
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك