المقالة

كيف نستعيد ليبيا التي تسكن فينا ؟ .. زكريا العنقودي

ربما صار الأن استعمال الشكل الاثري للمعمار الليبي القديم ) شبه ظاهرة (وموضة ) ينتهجها الاثرياء لتزيين واجهات وحدائق واستراحات قصورهم ..أما (نادر الطوير ) المعني بقصتنا الصحفية هذه ، فقد فتح عينيه على البيوت والقصور والمسلات التي بناها الليبيون بأيديهم لحساب الرومان

الليبيون  شيدوا كل العمار القديم الموجود بليبيا قال لي شخصيا  الاستاذ (يوسف الختالي )* لقد ثبت بما لايدخله الشك ان قوس (ماركوس اوريليوس ) هو قوس ليبي بامتياز ، ليس لكون من شيده وبناه هم الليبيون كما كل الاثر الروماني القديم، بل لأن مقاوله ومن دفع نفقاته كان تاجرا ليبيا شيده كمشروع هدية لأخر اباطرة روما العظام بعد حرب خاضها وانتصر فيها ، كذلك المهندسون الذين اشرفوا على تصميمه لهذا هو يختلف عن كل الاقواس الرومانية الموجودة بالعالم .

اثبت الاستاذ ( يوسف الختالي) كل هذا واقره خبراء الاثر الروماني  من الايطاليين انفسهم…. لكننا نحن فقط وكالعادة  آخر من يعلم !!! . …..

(نادر الطوير ) بفطرته ادرك هذا ،  فدرس كل الجبال التي تحيط بقريته(العمامرة ) الواقعة بضواحي مدينة (مسلاتة ) وشمالها تحديدا .. ادرك انواع الصخر(ابن ارضه )  التي شيد بها اجداده تلك القصور والقلاع والبيوت  الرومانية ، فشرع مبكرا في بناء بيته الخاص له ولزوجته واولاده على ذاك النمط القديم وبنفس اساليب اجداده ..اذكر كيف كان يضحك عليه الناس حينها ورأيت بعيني الان المهندسين وخريجي الجامعات كيف يحجون اليه للاستشارة وكيف يحل لهم كل العقد التي تواجههم في اختيار الصخور التي تناسب كل منطقة لحده يقول نادر (الصخر الذي بني به المعمار القديم بطرابلس ويستشهد بأسوار السرايا ليس نفس الحجر الذي بنيت به البيوت بمسلاته فهنا لايوجد بحر وتختلف كذلك  درجة احتمال كلتيهما لعوامل التعرية والزمن ) ..

كلام كبير لم يتعلمه (نادر) بالمدرسة ولا من الكتب ، فقط  من خلال الاكثار من التأمل وعميق النظر ، والسعي حثيثا (مع أنه يدرك انه يصفق بيد واحدة ) لكي نكون (هكذا يرددها بصيغة الجمع )  اوفياء لأرث الاجداد في زراعتنا في ازيائنا في فروسيتنا في معمارنا  ،في كل ما لا يرفضه العلم ، ولايجري بنا للخلف  عكس اتجاه الساعة .. لكنه يعزز وجودنا بإبراز  ثقافتنا وتشبثنا بهويتنا .. سعيا حثيثا لكي نكون كما كنا سابقا ليبيين .. ونعيش حاضرنا ايضا كليبيين …ولنبني لمستقبل  أولادنا بيوت ومدارس ومراتع للعبهم.. بنفس تلك الحجارة ونفس ذاك الطين  وبنفس تلك الانماط التي شيد بها الاجداد بيوتهم وقلاعهم ومزارعهم ،  لنشيد (ليبيا ) التي تسكن فينا ونسكن اليها ..ولا كل هذا الزيف الذي نسميه معمارا الأن ، وهو لايمت لنا بصلة مع ذلك نحسبه علينا ونسكن فيه .

بهذا اقفل (نادر) لي الفصل الاول من حكايته والذي خصصناه للحجر القديم  ورحلته التي صارت اقل جهد ومشقة بدن  بفضل التقنية صوب المعمار  . ..
وبدورنا اقفلنا هذه المقدمة لــ (قصتناالصحفية ) التي اشتغل عليها وبطل أول فصولها (نادر الطوير ) وقضيت لأجلها قرابة اسبوع بمدينة (مسلاتة) والتي بدورها كانت أول حكايتنا ومشروع بحثنا هذا  ..مكلفا من قبل ادارة الموقع في أن اسعى بحثا وتنقيباً في جذورنا كليبيين ، علّنا نجد ترياق الامل الذي نحتاجه كي نضمد به جراح حاضرنا ونعود للمسير بممشى التاريخ كما سار عليه الاجداد قبل 7000 عام ..

علّنا نعثر (عليه)  ذاك الليبي الأصيل الحامل للبصمة الجينية الأولى..  بصمة جذر تكويننا كليبيين أو نجد اثراً منه أو دليل يقودنا لنكتشف كيف استطاع أن يصنع لنفسه اكسير خلوده وصموده  ليومنا هذا وبداية منذ فجر التاريخ..
.هذا الليبي  الذي وضع ليبيا في اهم مجلدات التاريخ ، فصول كتبت عنه  وعنها ، دونها المؤرخون بحبر من ذهب،  روت للعالم الكثير الكثير من انجازاته  والتي منها اعمدة ومسلات اسوار وجداريات وأول الاهرامات والتي عدت كلها اساسات ارتقت عليها كل الحضارات التي جاءت بعده

وكشاهد ومثال  منها عينة مختارة ، من جرة ليبية من نفائس التاريخ وخوالده ،تفيد  بأنه صاحب اكبر وأول  (غاليري ) مفتوح  للنقوش والرسوم  الصخرية بالعالم وذلك بمتحف طبيعي بالهواء الطلق بجنوب ليبيا وتحديدا بجبال( تاسيلي و اكاكوس ) ..

اعتذر عن هذه الخاتمة والتي خشيت يشوبها الملل لكني اجزتها لنفسي لضرورتها للحكايات التي سترد بعدها .
كم كان جميلا أن اعود لعملي كصحفي لأشتغل عملا ميدانيا  على الارض لاشيء يشغلني سوى البحث والتقصي وعن ماذا ؟؟؟!!!ا ..
……..عن ليبيا التي لانعرفها ……………..

مقالات ذات علاقة

علاقة الاتزانية بالوضع المحلي والدولي

علي بوخريص

الحروب الأهلية لا تنتهي ويستمر صراعها

خالد الجربوعي

المصير الثقافي !

المشرف العام

اترك تعليق