رواية ماريش في الزمن الغابر. للشاعر والروائي يوسف إبراهيم
حوارات

الروائي الليبي يوسف إبراهيم: الأدب يفضح ما نحاول إخفاءه

الروائي الليبي يوسف إبراهيم يتحدث عن الرواية بكل ما فيها من شخصيات وأحداث وأزمنة وأمكنة.

صحيفة العرب :: حاورته: خلود الفلاح.

الشاعر يوسف إبراهيم.
الشاعر يوسف إبراهيم.
الصورة: عن الفيسبوك.

بين الشعر والرواية وقف الكاتب الليبي يوسف إبراهيم حائرا، ولكن يبدو بمرور الوقت قد حسم الصراع لصالح الرواية، فيقول “بدأتُ بالشعر، إلّا أن الرواية أثيرة لديّ. الرواية -كما قيل- فن إمبريالي. يستحوذ على بقية الفنون، ففي الرواية قد تجدين فصلا من مسرحية، وبإمكانكِ أن تكتبي قصة قصيرة، وفي روايتي فصل هو قصيدة شعر. الشعر لوحة فنيّة والرواية خارطة معماريّة لصرح. الشعر وقْدة انفعال أفتقدها منذ زمن والرواية نتاج تراكم فكر واختمار ثقافة. الرواية مقروءة والشعر هذه الأيّام مسكين لا يقرأه أحد. وكلاهما فضاء براح للجمال”.

في هذا الحوار يتحدث يوسف إبراهيم عن الرواية بكل ما فيها من شخصيات وأحداث وأزمنة وأمكنة. عن الخرافة والأساطير كعالم موازٍ لعالمنا.

يؤمن الروائي يوسف إبراهيم بأن أول أدوار الأدب متعة الأديب. الأديب يعيش لحظته الداخلية (الآن وهنا) ليسبر نفسه. إنه يوجد في خطّ حياة آخر موازٍ لحياته معنا في هذا العالم، خطّ حياة واقعي هو الآخر غير أننا لا نلمسه. الأدب أيضا يُمْتع القارئ، يأخذه إلى ما هو أوسع، إلى ما هو أدق، يضع عنه غربة الضيق وأغلال اللامحدد. الأدب يُقرئنا من زاوية أخرى وينير ما أظلم في دواخلنا، يفضح ما نخفيه خلف أناقة زائفة ويُسقط أقنعة اعتدناها. هو نبوءة لما هو كائن حتما، فضلا عن كونه معرٍّ لما غطّيناه من ماضٍ.

رواية ماريش في الزمن الغابر.
رواية ماريش في الزمن الغابر.

في روايته “ماريش في الزمن الغابر” اتّكأ على عالم الأساطير والخرافات. وهنا نسأله عن مدى تعمده لأن تصنع الرواية عالما موازِيا للحياة. فيقول “سردي يبحث عنّي. يبحث عنّي كإنسان مفقود وفاقد، نحن هناك وهناك ولسنا هنا، ونحن في الماضي وفي الآتي ولسنا الآن. نحن تائهون. الأسطورة والخرافة عالم آخر موازٍ لعالمنا، مرآة لعالمنا نرى فيها انعكاس ذواتنا، نرى صورتنا، ولن يتغيّر ما في المرآة حتى نتغير نحن صورا وانفعالات. الأسطورة خيالنا الجَمعي الذي صغناه لنهرب به أو لنفرّ إليه. أساطير وخرافات “ماريش في الزمن الغابر” بعضها بللتُه بماء خيالي وأعدتُ عجنه وشكّلتُه ليناسب انسياب رؤيتي كروائي. سردي يبحث أيضا عن لغة جديدة، عن متعة قراءة النسيج من حيث هو نسيج نصّ منفصل عن سياقه القصصيّ، فاللغة هي مبتدأ جمال السرد وغايته”.

يرفض ضيفنا القول بأن روايته “ماريش في الزمن الغابر” رواية تاريخية. علل ذلك بأن التاريخ لا يحفل إلا بالملوك والطغاة والسفّاحين وحروبهم الدونكيشوتيّة وإنجازاتهم المختلقة، والرواية التاريخية تتكئ على قصّة تاريخيّة، وتطوِّر تفاصيلها المهمّشة وتحتفل بالأطفال والنساء والعجائز وتتبلها بقصص الغرام ومعاناة جنود الطاغية وضعفاء شعبه المسحوق. وما جاء في روايته من أحداث ما هو إلا محض خيالات وترّهات بعضُها تحفظه الذاكرة الشعبية وبعضُها افتراه هو ذاته.

يصف صاحب رواية “الغرقى” تأثير المكان في أعماله فيقول “المكان افتراضي حتى وإن كان اسمه يحيل إلى مكان بعينه، فالمكان هو فقط جزء من أثاث المشهد. أما نحن فينبغي أن نكون هنا لا هناك. فـ”ماريش” مثلا هي عين ماء غير بعيدة من مسرح أحداث الرواية (والذي يحمل اسما آخر في الواقع)، أما لماذا انزاح الاسم ليدل على غير مسماه فتلك حيلة أدبية ذكية ابتكرها الروائي عمر الكدي منذ زمن، وأنا راقتني الفكرة وتلقفتها جاهزة ووظفتها. قد نكتب عن مكان نعرفه لأنّنا في حاجة إلى كل تفصيلة فيه لنوظفها في بنائنا الروائيّ، الرواية هي فن التفاصيل”.

وعن مدى تمكّن الروائيين الليبيين من تأسيس مشروع روائي ليبي يوضح إبراهيم “لا أدري، فهذا سؤال نقديّ، ولكن هل هم ملزمون بذلك؟ أعتقد أن الإبداع حالة فرديّة، فأنا مثلا أكتبني (أكتب يوسف) ولا أكتب ليبيا، أنا أمثل نفسي كفرد كإنسان في هذا العالم وأعبر عني، عن رؤيتي لهذا العالم عن تطلعاتي وتوقعاتي الشخصية العميقة. أمّا التصنيف فيأتي لاحقا”.

ألا يتطلع الكاتب في الوقت الراهن إلى كتابة رواية عن تجربة الحرب الليبية؟ يختم قائلا “التفاصيل ثريّة وقد عشناها وهي نصف الرواية؛ لأنّها قوام جسدها، أمّا روح الرواية فهي رؤية يقدمها الروائي من خلال التفاصيل وهي ما قد يتبلور قريبا. نحتاج إلى وقت لكي نشفى منها، الحرب داء، ولا نزال في طور النقاهة. قبل سنوات سافرت إلى الخارج للدراسة، وهناك ظللتُ أسمع (حقيقة) أصوات القذائف لستة أشهر”.

مقالات ذات علاقة

الفنان رمضان كازوز.. يحكي عن ليبيا ” الهوية ” وانتشار أغنيتها

المشرف العام

الشاعر صلاح عجينة/ الحركة الشعرية في ليبيا تحرز تقدما ملحوظا

المشرف العام

حواء القمودي: هذه حكاية مكابدات الجيلاني!!!

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق