أَمَّا الَّتِي أُغْرِقْتُ فِي شَلَّالِهَا *** مِنْ نَظْرَةٍ أُولَى لِبَعْضِ ثَوَانِي
فَنَسِيتُ فِي أَفيَائِهَا قَلْبًا هَوَى *** بَيْنَ الْكُرُومِ وَعَطْسَةِ البُسْتَانِ
هِيَ دَارُ أُنْسِ الرُّوحِ في خَلْوَاتِهَا *** وَقَصِيدَةُ الأَشْوَاقِ وَالتِّحْنَانِ
تَغْفُو عَلَى شَطِّ الْجَمَالِ أَمِيرَةً *** وَتَدُسُّ كُحْلَ الْحُسْنِ فِي الأَجْفَانِ
تُلْقِي على كَتِفِ الأَشَمِّ بِرَأْسِهَا *** لِلْيَمِّ تَقْصُصُ سِحْرَهَا الْقَدَمَانِ
فَإِذَا تَنَاوَمَ دَاعَبَتْهُ بِلَمْسَةٍ *** تُذْكِي جُمُوحَ الْمَوْجِ فِي الْخِلْجَانِ
فِي وَجْنَتَيْهَا تَسْتَفِيقُ حَدِيقَةٌ *** وَعَلَى يَدِيهَا يَرْقُصُ الْقَمَرَانِ
وَتُبِيحُ لِلْوَادِي سَنَابِلَ سَابِحٍ *** سَالَتْ مَدِيحًا رَائِقًا وَأَغَانِي
يَتَعَلَّقُ الْمَوْزُ الصَّبِيُّ بِخَصْرِهَا *** لِيَبُوحَ لِلتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ
تَتَثَاءَبُ الْحِنَّاءُ مِنْ خِصْلَاتِهَا *** فِي شَهْقَةِ النَّسْرِينِ وَالرَّيْحَانِ
مَازَالَ يَحْفَظُ عَنْ صِبَاهَا قِصَّةً *** لِسَفِينَةٍ تَاهَتْ بِلَا رُبَّانِ
جَاءَتْ تَمُجُّ الْمُوتَ مِنْ أَشْدَاقِهَا *** فِيهَا أَمَاتَتْ غَضْبَةَ الْبُرْكَانِ
وَصَحَابَةٍ سَاءَلْتُهَا عَنْ صَحْوِهِمْ *** نَامُوا بِمِحْضَنِهَا الدَّفِيءِ الْهَانِي
سَبْعِينَ مِنْ صَحْبِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** نَشَرُوا الرِّسَالَةَ فِي تُقًى وَإِيمَانِ
قَالَتْ: هُنَا سَكَنُوا فَحِيِّي صَحْوَهُمْ *** وَاشْمِمْ أَرِيجَ الْخُلْدِ نَفْحَ جِنَانِ
وَدَّعْتُهَا وَالقَلْبُ مَأْسُورٌ بِهَا *** مُتَلَفِّتَ العَيْنَيْنِ وَالْوِجْدَانِ