يمر الموكب المهيب، يتفحص السلطان الشوارع، والميادين يهز رأسه من دون أن ينطق كلمة، الوزراء، والمستشارون، والحرّاس، والكلاب رؤوس وذيول تهتز، يتوقف السلطان فجأة، يسترعي انتباهه الصّمت المهيمن على المدينة، يتساءل بينه وبين نفسه: هل أنعم الله عليّ برعية تلتزم الهدوء التام حتى لا تزعج موكبي عند العبور؟ استبعد ذلك؟ فالمفترض أن يكون شعبه مصطفًا على الجانبين مصفقًا حفاوةً، وترحيبًا، ربمالا يعنيهم أمره! يساوره القلق ،يأمر حرّاسه أن يعرّجوا بالموكب نحو المحلات المنتشرة على جانبي الطريق، فوجيء بما لم يتوقع! الناس في المحلات، عند مداخل البيوت، فوق العربات، في الميادين، الساحات، يغطون في نوم عميق، يستغرب من ذلك، يقترب من كبير الوزراء، يحدجه بنظرة صارمة، يسأله:-
– ماهذا، مابال شعبي يغيب في سبات عميق؟
يبحث كبير الوزراء عن إجابة لا تغضب السلطان، هو يعرف أن شعب معاليه يفتك به الجوع، أصيب بفقر دم، غيبوبة تجعلهم ينامون مخدرين. ليس بمقدوره البوح بذلك وإلا فقد رأسه الذي يطأطئه قبل أن يقول:-
– يامولاي، لا تقلق، الرعية بخير ،يسيطر عليهم سلطان النوم .
يصيح بجبروته في وجهه:-
– ماذا قلت؟ سلطان النوم ! كيف تسمحون لسلطان سواي أن يستحوذ عليهم، ما الذي جعلهم يخضعون له؟
يجفف الصّمت شفتيّ كبير الوزراء، يتبادل مع الحرّاس النظرات بقلق. يواصل السلطان حديثه:-
– اعدموا عددًا منهم ليكونوا عبرة لغيرهم، ثم جهزّوا جنودكم للبحث عن هذاالسلطان، احضروه مكبلًا ليعدم في الحال، ولتعلموا بأن لا سلطان غيري.
ينتشرالجنود في كل الدنيا بحثًا عن سلطان النوم للقبض عليه، يلاحقونه وهمًا عبر الأزمنة، والأمكنة، والأجساد، والعقول، بينما كل يوم، كل لحظة يزدادالنوم ثقلًا على الجفون، تسّاقط جثث تحت ضراوة الجوع، والسلطان يطارد السلطان.
المنشور السابق
محمد المسلاتي
محمد عبد السلام المسلاتي.
تاريخ الميلاد: 29/12/1949 بمدينة بنغازي.
بدأ نشر أول كتاباته القصصية بصحيفة الرقيب أواخر عام 1968 ف. وتحصل على الجائزة الثالثة في مسابقة القصة القصيرة عام 1972ف التي نظمتها إدارة الشباب والرياضة/ليبيا.
صدر له:
الضجيج قصص قصيرة 1977م.
الدوائر قصص قصيرة 1981م.
المرأة الفرح قصص قصيرة 2004م.
تفاصيل اليوم العادي قصص قصيرة 2006م.
ليل الجدات ج1 من كتاب الحكايات الرواية السيرة الذاتية 2008م.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك