إبراهيم دنقو
تقبع وحيدة علي جانب الطريق، هي مجرد صخرة، لايهتم لها Hحد، تركتها الالات عند تسوية الطريق منذ سنوات طويلة، وقفت عليها الأرانب والدئاب في ليالي الشتاء الباردة، ونحتت الريح أحافيراً غائرة علي جنباتها.
كانت تستقبلني بصمت، هي محطتي الأولي، ألقي بحقيبتي المهترئة بجانبها، أجلس عليها وحيدا منتظرا، منصتا إلي هدير السيارات القادمة من الشرق، وهي تتوهج كانها تولد من قرص الشمس البرتقالي الصاعد بتكاسل من الافق، أقف متحفزا، أمد يدي، تقترب السيارات اللامعة مسرعتا، الوح بيدي متوسلاً، اعرف أنها لن تقف، يتمزق قلبي وهي تمزق الصمت من حولي مبتعدةً، لأعود إلي صخرتي، أحكي لها آمالي البائسة وبعضاً من مراراتي.
أراهم يتوافدون، ابناء قريتي، هم مثلي يطاردون الاحلام، لفظتهم قريتنا الصغيرة، بعد ان طال الفطام، مستقبلهم هناك، خلف تلك الطريق التي تطعن الأفق، كلما تزايدوا كلما قلت حظوظنا في الركوب، ويستمر الهدير، سيارة، سيارتان، ثلاث، ألعن حظي البائس، أتمشي قليلا، لأقتل الوقت.
تخرج سيارة من بين نخيل قريتنا، هو الحاج مهدي، كانت بيجوا بيك أب، نركب علي مضض، في صندوق السيارة، تلفح الريح وجوهنا القروية، من بين القش المتطائر في صندوق تلك السيارة، استرقت النظر الي تلك الصخرة، وهي تبتعد، تودعني بصمت كما استقبلتني بصمت، تتلقفني المحطات، ترافقني حقيبتي المهترئة وقلب تعب من طي المسافات، لكن تلكم الصخرة تربعت في تلافيف داكرتي، كشاهد علي معاناتي ومعاناة غيري ممن وقفوا علي قارعة الطريق يشدون الرحال، إلي مستقبلٍ موعود.
ادنبرا