قصة

بأي ذنب قُتلت

تهيأ لها أنها تحلم حين جاءتها أصوات بعيدة لما ظنت أنها صفارات وأزيز فرفعت رأسها ناظرة إلى أختها بجوارها وحين تأكدت أنها نائمة وأنها كانت تتخيل عادت للنوم من جديد.

لكنها بعد دقائق قليلة هبت مذعورة على صوت ضجيج وصياح وطلقات رصاص فصاحت في أختها التي قفزت لتوها حتى استيقظت ابنتها فضمتها إلى صدرها في الحال وهي تهدّئها.

ـ جاءوا يا إلهام جاءوا.

ـ يا رب يا رب أين نذهب في هذا الليل؟ هل نستطيع مغادرة البيت؟

بكت بسمة وهي تنتصب واقفة وتدور حول نفسها تنظر حولها ثم ترفع يديها إلى رأسها وتغطي شعرها بأول شيء صادفته أمامها وتركض نحو النافذة لتتطلع منها إلى الخارج لكنها تعود كمجنونة وهي تلطم وجهها وتبكي بصوت مخنوق:

ـ إنهم أمام البيت.. أمام البيت.

ـ رباه دعينا نغادر قبل أن يقتلونا هيّا.

ـ كيف.. كيف إنهم أمام الباب يجرجرون جارنا عبد الرحمن.

ـ دعينا نقفز على السور ونلذ بالفرار إلى أي مكان.

ـ ماذا تقولين أنت؟ كيف سنخرج هكذا نحن الثلاثة بالله عليك؟ إنهم يطوقون المكان.

ـ سنعطيهم كل ما لدينا.

فجأة انخلع باب البيت فطارت بسمة نحو الزاوية وهي تبكي في حين هبّت إلهام واقفة جاذبة ابنتها بقوة نحوها وهي تصيح.

وقف أمامها ثلاثة رجال بسلاحهم أشار إليها أحدهم ببندقيته أن تتحرك صوب أختها وهتف بها:

ـ وينهم التريس الليّ يبّوا الحرية؟

عاد يصرخ بهما وهو يلوّح بالسلاح في وجهيهما عندما علا بكاء الطفلة وهي تتشبث بثوب أمها.

ـ وين التريس؟

ـ لا رجال بهذا البيت.

استطاعت بسمة أن تُخرج الكلمات بصعوبة من حلقها الذي غص بالعبرة فتحرك رجلان نحو غرف البيت لتفتيشها وبالداخل طفقا يطلقان الرصاص فصرخت الطفلة.

ـ سكّتي الفرخة هادي وإلا نقتلّك أمها توة.

ـ إنها صغيرة أتوسل إليك.

ـ مصطفى مصطفى؟

التفت الرجل قائلا:

ـ ما بك؟

ـ بره بحدا البوابة زوز سيارات كلهم معبّيات مواد غذائية قيسهم الجرذان كانوا بيهرّبوهم قبل ما نجوا إحني تعال نرفعوهم بسرعة.

ـ أني قاعد إهني بناخذ مونتي من الحلوات أهمّا.

تطلّع الشاب الآخر وكأنه لم ينتبه لبسمة وإلهام إلى الآن ثم قال:

ـ آما وحده فيهم؟

ـ الحق والله نبي الزوز أني.

ـ إمالا حتى أني نبيهم الزوز.

ـ واحني؟

هتف الرجلان اللذان انتهيا من تفتيش الغرف للتو.

انخرطت بسمة وإلهام في بكاء مرير وهما تلتصقان بالجدار.

ـ سكري فمك إنتي وياها قتلك أني راني انفجر روسكم بالمخزن اللي عندي كُله.

ـ فجر رأسينا وأرحنا.

هتفت إلهام فاندفع الشاب الذي دخل للتو نحوها وضربها بأخمص بندقيته وجذب نحوها الطفلة وركلهما معا دافعا إياهما للدخول إلى إحدى الغرف.

ارتاعت بسمة وطفقت تصرخ وهي تنشب أظافرها في كتفه وقد فوجئ بحركتها.

ـ راني نقتل … أمك توة راني نقتلك.

تقدم مصطفى وجذبها بقسوة من كتفها فتمزق ثوبها وجرجرها على الأرض وهي تصرخ.

انتبهت للبقية بوسط البيت يفركون أيديهم وهم يتطلعون إليها تتلوى أمامهم انتبهت إليهم بهلع ينظرون إلى جسدها المنطرح على الأرض وثوبها المشقوق يكشف عن كتفها وعنقها وجزء من صدرها.

زحفت على مؤخرتها وهي تبكي متوسلة تتراجع أمام مصطفى الذي أشار للبقية أن يتركوه معها وهو يتقدم نحوها ببطء شديد ويفك حزام بنطاله العسكري.

لحظات من عمر الزمن تأرجح فيها ما كان أكثر الأشياء يقيناً بقلب بسمة عندما حاصرها الحائط واضعاً إياها تحت رحمة يديه لحظات من عمر الزمن تجرأت فيها بسمة على أن تفكر في الله الله الذي تركها لهذا الحال هي المسلمة البسيطة التي لا تفرط في وقت واحد من صلواتها وهو يواصل تقدمه نحوها عندما شرعت أصابعه في فك الزر ومعالجة السحّاب.

لا مكان على الأرض كلها يمكنها أن تلجأ إليه منه لا بصيص أمل واحد يمكن أن يجعله يلحظ انسانيتها وهوانها مع شهوته التي أعلنت عن نفسها في انتفاخ سرواله الداخلي.

دقات قلبها علت في أذنيها وهي تحس العداء نحو كل ما حولها صاحت به ترجوه تسترحمه ألاّ يفعل بها ذلك:

ـ أرجوك لا أرجوك يا مصطفى أنا كأختك حرام عليك.

تضرعت إليه ألا يدنس عرضها لكن توسلاتها تبددت غريبة وضعيفة فيما تبقى من ليل مصراتة.

أشاحت عينيها بعيداً وهو يقترب منها بهيئة تشبه الموت شاهراً سلاحه الصغير بين رجليه في وجهها.

لم تستطع أن تنظر في عينيه يومها خافت أن ترى فيهما نفسها وهي تؤخذ عنوة على هذا النحو المهين خافت أن ترى فيهما انعكاساً لعينيها اللتين تطفران بالهوان والمذلة.

الرجلان بالخارج يحرسان افتراسه لها حتى يشرعا في اغتصابها بعده والآخر هنا يفترس اختها التي تأتيها توسلاتها وسط هياج طفلتها وهو يدأب في تعريتها وتمزيق ثيابها ليخرج ثديها الحليبي بين يديه ويعتصره بقسوة ويدأب في رشم روحها بندوب غائرة.

نهض عنها تالفة معطوبة ينهشها الخزي والقرف تلملم ثوبها الذي مزقه في حموة ارتعاشه فوقها نائحة تُعيد لملمة ثوبها المنزلي الذي تمزق وهي تمسح ماءه الذي سال على فخذيها مع الدماء لكنها لا تكاد تفعل حتى يقف الثاني أمامها وهو يمرر لسانه على شفته ويشرع في نزع بنطاله.

***********

طاش صوابها وهي تراه يشهر المسدس نحوها عضت بقسوة وفظاعة على أسنانها تلوّت أمامه بذل وهي تبكي بحرقة:

ـ حرام عليك يا أبي ماذا فعلت أنا؟

بكى الرجل وتأرجح المسدس بيده.

ـ اقتلها أنت يا مصطفى أنا لا أستطيع ذلك.

ـ لماذا يجب أن أموت أرجوك يا أبي أرجوك أنا لم أفعل شيئا أتوسل إليكم جميعا لا.

ـ اسكتي اسكتي جبتيلنا العار.

كمم شقيقها فمها حتى لا تتوسله لكنه أشاح برأسه باكيا ثم أفلت المسدس من يده وخرج مسرعا.

نهض هو والتقط المسدس ووقف قبالتها.

ـ أرجوك لا أرجوك يا مصطفى أنا أختك حرام عليك.

ـ اسكتي قلت لك اسكتي ليش ما قتلتيش روحك وريحتينا من جيفتك ليش؟

ـ حرام عليك يا أخي أنا اختك يا مصطفى أتوسل اليك ماذا فعلت أنا؟

ـ جبتيلنا العار جبتيلنا العار عليش خلّوك حية ليش ما قتلوك وريحونا منك؟

ـ وأنا شن ذنبي يا خويا حرام عليك اللي ادير فيه ربي موش حيسامحك.

ـ ربي خلقك باش يخزينا بيك بنقتلك ونفتك من عارك أني خلاص.

وحين اقترب منها مصوبا مسدسه نحوها رفضت أن تنظر في عينيه تحاشت النظر إليهما جبنت أن ترى فيهما رغبته في قتلها على شيء لم تفعله لكن حين مرقت الطلقة الأولى في كتفها وهشمت ترقوتها كان لابد أن تنظر إليه تتوسله أن يرحمها تنشده التوقف وتستدر الرثاء منه لكنه أطلق الثانية مباشرة نحو رأسها.

مقالات ذات علاقة

مُــواراة

المشرف العام

جنية “دزيرة” الملوك

محمد دربي

من الذاكرة…

المشرف العام

اترك تعليق