-8-
لا أعلم كيف وجدت نفسي فجاءه برفقة زوجي وبناتي وعبدالله وزوجته في سويسرا فقد سافرنا في طائرة حطت بناء في بيرن وكنا ننوي طلب اللجؤ السياسي هناك غير إن الأمن السويسري لم يوافق على دخولنا فحجزنا في المطار وضعت وبناتي ونادية في غرفة كبيرة وطويلة جداً وحجز زوجي وعبدالله مع عدد كبير من الرجال وبعد خمسة أيام تمت إعادتنا إلى المغرب، وعند نزولنا في مطار الدار البيضاء سلمت جوازاتنا إلى رجال الشرطة أصابني خوف شديد لقد كانت تربض طائرة ليبية ستقلع بعد ساعة كنت أعتقد بأن الشرطة ستضعنا على الطائرة المسافرة إلى طرابلس غير إن الشرطة أعادت لنا جوازاتنا ولكنهم أعلمونا بالبحث عن حل لمشكلتنا.
عدنا إلى السكن بالفنادق هذه المرة سكنا فندق بوسط الدار البيضاء يطلق عليه لوزان ومكثنا به ثلاثة أيام ثم انتقلنا للسكن في شقة وسط البلد، كنا قد حملنا أمتعتنا وحقائبنا وانتقلنا إلى الشقة ولا أذكر الآن الشئ الذي نسيناه بالفندق حتى جعل زوجي يعود لإحضاره وعندما كان يهم بمغادرة الفندق التقى بأخي الذي كان يبحث عنا ووصل لتوه للسكن بنفس الفندق كانت صدفة غريبة.
والصدفة أيضاً هي التي جعلت أهلي يعرفون أنني في المغرب، فبعد مضي سنتين لا يعرفون عنا شئ ولم تصلهم أخبارنا أرسلت برسالة لم أذكر فيها مكاننا ولكني كنت قد التقطت صورة لابنتي وهي ترتدي حذاء (كاويش) له شكل مميزي وأرسلت الصورة إلى أهلي في بنغازي.. شبيه الحذاء كان يرتديه أحد أطفال جيراننا وعندما سألوا والده عن المكان الذي أحضر منه الحذاء عرفوا إنه من المغرب فسافر أخي للبحث عنا.
كان بالنسبة لي شئ رائع أن تلتقي بأحد أفراد أسرتك بعد هذا العناء والسفر الطويل والغربة خاصة وأنني لم أعلم بوصول أخي بطريقة سلسة وسهلة، فقد سمعت نادية وهي تقول لزوجها سوف تموت عندما تعلم، لقد شعرت بالخوف وحدثتني نفسي على إن شئ ما سيحدث ربما ستسلمنا السلطات المغربية أو إن أحد ما من أهلي أصابه مكروه في بنغازي…
ودخلت المطبخ وقفلت الباب أنتظر ما سيحدث عندما أعلم، وقفت خلف الباب متكئة وعندما بداء زوجي يدفع الباب من الخارج كنت أدفعه من الداخل وعندما فتح الباب وجدت أخي يقف أمامي لقد ملأت البيت صراخ بصوت عالي وأصابتني الدهشة والفرح في آن واحد لم أستطيع أن أخفي فرحتي باللقاء.
عندما غادرت بنغازي تعرض أهلي لكثير من المتاعب بحجة انتمائي لجماعة التكفير والهجرة وكان شقيقي أكثر من تعرض لذلك فقد كان يملك شاحنة يعمل بها في نقل البضائع من الميناء.. تصوروا كانوا لا يشحنون البضائع على سيارته بحجة إن شقيقته والمقصودة طبعا أنا ( زنديقة).
حتى إن أهلي عندما كنت أتصل بهم كانوا لا يردون على الهاتف وأصبح الاتصال بهم يجلب عليهم الكثير من المشاكل وكثيراً ما تعرضوا للاستدعاء والتحقيق.
غادرنا شقيقي الخميس ولكنه عاد الخميس التالي وبرفقته والدتي شئ رائع آخر هذا الشهر أن ترى والدتك أيضاً، كنا قد استبدلنا الشقة بشقة أكبر منها خلال الأسبوع الذي غادرنا فيه شقيقي وعندما عرفت إن والدتي ستزورنا.
كانت الشقة مفروشة في شارع الجيش الملكي في الدور الخامس ووصلت والدتي وشقيقي ووصل قريب عبدالله رفيقنا وخلال الأيام التي كانت والدتي معنا تتلمسني وتتأكد من أنني لازلت على قيد الحياة لقد كنت بالنسبة لها قد انتهيت.
كانت والدتي تستيقظ ليلا لتتأملني وأنا نائمة وعندما أشعر بها وأسالها تقول إنها لا زالت لم تصدق وتشعر إن ما يحدث مجرد حلم.
غادرتنا والدتي بعد أسبوع فقررنا ترك الشقة المفروشة والانتقال إلى مكان آخر لقد كانت الشقة شبهة فكثيراً ما نسمع دقات على الباب من قبل كثير من العاهرات وبنات الليل فأصابني الخوف والفزع لذا انتقلنا إلى فندق البرنس مولاي عبدالله وسكناه لمدة ثلاثة أشهر وزارني في هذا الفندق شقيقي الأكبر وعند زيارته تلك أعطاني مئتي دولار لقد كنت بحاجة لأي مبلغ أساعد به نفسي وبناتي.
في هذا الفندق كنا نشتري الوجبات الجاهزة ولا نستطيع طهو الطعام بالرغم من أننا اشترينا موقد صغير وأدوات طهي صغيرة ولكن كانت أمورنا تتدبر بطريقة غريبة أعجز الآن عن معرفة كيف كانت تسير أمورنا المالية.
قرر عبدالله وزوجته السفر إلى مصر وانتقلنا للإقامة بفندق آخر وتعرفنا على عائلة بن جلول الذين عاملونا باحترام شديد وبتميز وساعدونا كثير.
لم تستمر إقامتنا طويلاً في هذا الفندق فسرعان ما سكنا شقة بحي الزرقطوني زارنا في هذه الشقة شقيق زوجي الذي التقى بشخص يدعى سعد إسماعيل كان على معرفة به وتعلق به زوجي كثيراً فأشار على زوجي بإرسال بضائع إلى ليبيا والعمل بالتجارة وفعلاً أرسل زوجي بضائع هي عبارة عن أوني شاي وأدوات زينة ولكن كانت نتيجة هذه التجربة الخسارة الفادحة التي مني بها زوجي إذ لم يستطيع حتى رد رأسمال البضائع فقد حصل منها على مبلغ بسيط.
وبقينا فترة من الوقت حتى أشار علينا بعض الأصدقاء المغاربة محاولة الهجرة إلى هولندا وطلب اللجؤ السياسي هناك بالتنسيق مع محامي مقيم بهولندا، وقمنا بشراء تذاكر السفر وقررنا الرحيل عن المغرب.
اقرأ: رواية ديجالون – الحلقة 6
تعليق واحد
[…] اقرأ: ديجالون – الحلقة 7 […]