رقص…
امتشقَ بندقيته، وجَّه فوهتها نحو الجموع الحاشدة. هيا! ارقصوا وامرحوا وغنُّوا ! لم يستجبْ له سوى القلة. اعتقدَ أنَّ الرصاص بين أقدامهم سيعزفُ لهم مقطوعةً للرقص. تملكهُ جنون العظمة، فضغطَ على الزِّناد. انطلقَ الرصاص خارقاً حارقاً ليستقرَ في جمجمته.
طَأطَأة…
جَثمَ فوقَ عقولهم الوجلةِ، سدَّ منافذَ النسيمِ العتيقِ. نفى الأفكارَ إلى جزرِ الظلامِ، سقاهمْ تعاويذهُ وطلاسمهُ. مزَّقَ كلَّ الكتبِ السَّماوية والأرضية، بَنَى لهم جنةً جديدةً للفكر. أنتَ تفكرُ.. إذنْ أنتَ ميت. قذفها في قلوبهم مغلفةً بالرعبِ حينَ لمحهم يطاردونَ بقايا نبضٍ تعثروا به في عروقهم. صفَّقوا لهُ حتَّى أُدميتْ أكفّهم. عادوا آخر النهار إلى بيوتهم. انكبُّوا على رؤوس أطفالهم، يفلُّونَ الأفكار ويرمونها في المحرقة.
اغتيال…
دخلتْ حجرتهُ في المستشفى، وهي تتذكرُ مشوارهما الطويل معاً: أولَ اللقاء، الزواج، الأولاد، الصبَّر..، الحج، والآن المرض. تنهدتْ وهي تدعو له بالشفاء. الممرضة الشابة ملطخة الوجه بالأصباغ بجانبه تحقنُ وريده بالدواء. عدم تألمه للوخز أقلق الزوجة المحبة. تقدمتْ بقلبٍ مفزوع ينشدُ حياته.كانت عينيه تتسولان وجه الممرضة الشابة. عندما غادرتْ الممرضة الحجرة مخلفةً عطرها في المكان. انتبه لوجود شريكة العمر. نظر إلى وجهها الذي طالما كان فرحه. أخبرته دمعةٌ فرتْ من عينيها أنَّهُ قد مات.