قراءات

روبيك : دراما ليبية مثيرة تسلط الضوء على تغلغل مافيات الفساد والجريمة المنظمة في البلد

روبيك

إن مواجهة الأمراض والظواهر السلبية في المجتمع هي الطريق لمعالجتها لإعادة بناء المجتمع على أسس صحيحة. ومن الأدوات، التي أثبتت فاعليتها في مجتمعات عديدة، هي الأعمال الفنية ومنها الدراما. فهي وسيلة فعالة لتسليط الضوء على مثل هذه المشاكل والأمراض، وربما هذا ما يحاول المخرج (أسامة رزق) والكاتب (سراج هويدي) أن يفعلاه من خلال تقديم مسلسل جديد يسلط الضوء على عالم الجريمة المنظمة والفساد في ليبيا.

مسلسل (روبيك) المأخوذ من اسم اللعبة الشهيرة يتناول عالم الجريمة المنظمة وارتباطها ببعض الشخصيات المتنفذة في السلطة بالبلد، من خلال حكاية مروان وهو شاب ليبي يتيم كبر في بيت عمته وزوجها، ويعمل في ورشة لتصليح السيارات، يقع في غرام الشابة “أميرة” فيسعى لإثارة اعجابها ونيل موافقتها على الزواج به لكنه يصطدم برفض الأم لتقوده الظروف إلى اتجاه مختلف.

اعجبتنى فكرة المسلسل لتناوله قضية صارت تؤرق الليبيين خلال السنوات الأخيرة وهي تنامي الجريمة المنظمة المتمثلة في اعمال التهريب (مخدرات، وبشر، وسلع مدعومة) وغسيل أموال والخطف مقابل الفدية، والاغتيالات وغيرها من الاعمال غير المشروعة التي تهدد المجتمع الليبي.

مسلسل روبيك

جاء اختيار محمد عثمان في دور “الشامخ” وفتحي كحلول لدور “صاحب الورشة” وواصف الخويلدي المؤدي لدور “مروان” والممثل المخضرم محمد بن يوسف لدور “الوزير” موفق جدا، إذ قدموا أداء مقنع كثيرا ً لأدوارهم بالمسلسل، وربما يرجع التطور في أداءهم عن اعمالهم السابقة للاستمرارية في تقديم اعمال تلفزيونية ومسرحية طوال العام، وربما هذا الأمر ما جعل أداء الممثل عياد الزليطني ضعيف يتسم بالجمود والافتعال في تعابير الوجه وحركة الجسد لعدم مواكبته هذا التطور في الأداء.

اختيار الممثلات لبنى عبد الحميد في دور “والدة أميرة” مناسب لها كثيرا ً، أيضا الممثلة جميلة المبروك في دور “عمة مروان” أداءها سلس ومقنع جداً، وكذلك (منيرة بالروين) فى دور أميرة مناسب وموفق لأداءها الرائع للشخصية .

كما جاء اختيار النجمة التونسية نجلاء بن عبد الله في دور “والدة مروان” ليمنح المسلسل إضافة مهمة من ناحية الشخصيات النسائية رغم قصر ظهورها في المسلسل، إذ كان لها حضور مريح وأداء احترافي من ناحية اتقان اللكنة الطرابلسية.

مقدمة المسلسل صُممت بشكل جذاب مع موسيقى تصويرية جميلة للملحن التونسي ربيع الزموري، أما من ناحية التصوير فقد اعجبتني الزوايا والمشاهد واللقطات القريبة والبعيدة ووضوح الصورة ونقاء الصوت، هنا يظهر فارق كبير عما كنا نشاهده سابقا ً في مسلسلات محلية، أيضا التصوير في أماكن حقيقية ومفتوحة من الأشياء الجيدة المحسوبة لفريق العمل حتى وإن تم تنفيذ بعض الحلقات في تونس العاصمة التي لا تختلف بعض أحياءها عن بعض أحياء طرابلس.

أتوقع أن يثير مسلسل روبيك عند عرضه في شهر رمضان القادم ضجة كبيرة، وربما ستكون هناك حملات للطعن في المسلسل من أطراف متورطة في الفساد الكبير الذي استشرى في البلد بشكل كبير خلال السنوات الماضية.

كما ذكرت سابقا ً فإن المخرج أسامة رزق والكاتب سراج هويدي يقدمان اعمال تُعتبر نقلات كبيرة في الدراما الليبية، شكرا لفريق المسلسل مع تمنياتي لهم لمزيد من التألق والنجاح.

أمتناني العميق لثقة المخرج الكبير أسامة رزق في منحي فرصة مشاهدة جزء من العمل قبل عرضه على الشاشات.

مقالات ذات علاقة

ذاكرة الوجع: الإبادة الجماعية في ليبيا (2-2)

إبراهيم حميدان

أحلام بين الدفء ومظروف أزرق

المشرف العام

المولد…. مع اعتزازي – قراءة متثاقلة

المشرف العام

اترك تعليق