المواطن في بلدي ليس رخيصاً، لأنَّ الشيء الرخيص مهما رخص فإنه ذو ثمن، أما المواطن فإنه لا يُقدر بثمن ليس لأنه غالٍ، ولا لأنه رخيص، بل لأنه لا قيمة له أصلاً.
فالمواطن بالنسبة للمسؤول يقف ناحية بياض العين، أو هو الجار الثامن، أو لعله ابن ضرته.
فتّكم بالكلام..
قبل ذلك علينا أن نسأل أنفسنا: من هو المواطن ؟
أليس المسؤول نفسه مواطناً؟ والمليشاوي هو أيضاً مواطن، وجميع المتصارعين على السلطة هم أيضاً مواطنون، والإعلاميون المزمرون و المزمزكون للمتصارعين هم أيضاً مواطنون؟!
أليس عامة الناس وجمهورهم وسوادهم هم المشجعون والمصفقون للمتصارعين على السلطة، وهم في ذات الوقت مواطنون؟!
أليس من يسرق معدات المستشفى العام ليبيعها للعيادات الخاصة هو أيضاً مواطن؟
ومن يسرق مقاعد الدراسة ليبيعها للمدارس الخاصة هو أيضاً مواطن؟
ومن يبيع أسطوانة الغاز بخمسين ديناراً هو أيضاً مواطن؟
ومن يسرق أسلاك الكهرباء ليبيعها نحاساً هو أيضاً مواطن؟
وأصحاب اعتمادات الحاويات الفارغة وأكياس الرمل هم أيضاً مواطنون.
والمتفرج الساكت الخائف الخانع الخاضع العاجز البائس اليائس هو أيضاً مواطن.
فتكم بالكلام ..
أليس الجميع يتشدقون ويتغنون بالوطن والوطنية؟ أليس الجميع يسب الخيانة والخائنين، ويلعن الظلم والظالمين، ويكره النفاق والمنافقين ؟
إذن… فمن ؟
فتكم بالكلام..
قبل ذلك علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا تعني كلمة “مواطن”؟
هل هو المقيم في الوطن؟
أم هو المولود في الوطن؟
أم هو المستفيد من الوطن؟
أم هو الآمن المطمئن، المرتاح المستريح، المعزز المكرم في الوطن ؟
الحاصل معناه..
أنه لا مواطن بلا وطن.. ولا وطن بلا قانون.. ولا قانون بلا دولة.. ولا دولة بلا نُخبة صالحة تدق أوتادها، وترفع أعمدتها، وترمم خرابها.. وتبعث الحياة في رميمها.
والحاصل معناه..
أنه لا وطن بلا مواطن.. ولا مواطن بلا عزة وكرامة، ولا عزة ولا كرامة بلا قوة.. ولا قوة بلا قانون.. ولا قانون بلا دولة.. ولا دولة بلا مواطن.
والحاصل معناه..
أن المواطن هو المبتدأ والخبر.. وهو البداية والنهاية.. وهو الأصل والفرع.. وهو الظالم والمظلوم.. والمضطهِد والمضطهَد.. والجاني والمجني عليه.. والجريمة والعقاب.. والمجرم والمعاقِب والمعاقَب.. وهو البائع والمشتري والصفقة والثمن والسوق!.
هذا عن الحاصل معناه..
أما ما لم يحصل معناه.. وما لم يُفهم مغزاه.. وما لم يتحقق مبتغاه.. فهو ابن الضرة، والجار الثامن.. والواقف ناحية بياض العين.. (المواطن) !!.