من أعمال التشكيلي عادل الفورتية
قصة

للإبداع وجه آخر !!

من أعمال التشكيلي عادل الفورتية

قال لي بثقة مفرطة و بشكل مفاجئ :

للإبداع وجه آخر !

فقلت له مازحا ، كعادتي معه في مفتتح أي حديث :

يا ساتر !

فضحك و قال متسائلا ، بعد أن لكزني في كتفي :

تقليب صفحات كتاب و قراءته ، هو الدخول في زمن آخر ، أليس كذلك ؟!

قلت له مازحا :

هل هذه فلسفة ؟!

قال مؤكدا :

كما تشاء ، إذا كانت الفلسفة ، تعني الاستنارة !

فسألته جادا هذه المرّة :

استنارة ، هذا قول جميل ؟!

فقال مبتسما :

أجل ، فتقليب صفحات كتاب ، و قراءته ، هو استقطاع من الزمن الواقعي ، و استبداله بالولوج إلى عالم الزمن الافتراضي !

قلت له زيادة في طلب الإيضاح :

هم ، و لكن كيف ذلك ، هل من أمثلة ؟!

فاستدار ناحيتي بشكل كامل و قال ، و يداه لا تكفان عن الحركة و التعبير :

خذ عندك ، تأخذ الرواية ، مثلا ، من وقتك ، بضع ساعات من الزمن الواقعي ، متواصلة أو متقطعة ، و لكنها تنقلك إلى زمن افتراضي قد يمتد إلى سنوات ، من خلال سرد الأحداث و الوقائع ، ومن خلال الحوارات بين الشخوص أو بين الشخصيات و ذواتها !

و عندما لم أعلّق ، مكتفيا بابتسامة رضى و توافق ، تحفّز و قال :

ماذا يمكن أن نسمي ذلك ، هه ؟!

أليس حقا ، للإبداع ، وجه آخر ؟!

فقلت له منبهرا و مستسلما في آن :

أجل ، حقا ، للإبداع ، وجه آخر !

فتشجع و أخرج من جرابه عدة قصاصات و قال :

اسمع ، هذا شيء كتبته عن الفن و الإبداع الأدبي ، يؤكد ما قلته لك الآن ، و أريدك أن تسمعه !

و شرع ، دون انتظار رد مني ، في قراءته مستمتعا ، و بصوت بدا  عميقا و واضحا ، كما يلي :

للفن و الإبداع الأدبي , عموما ,

منطق ,

لكنه , خارج نطاق منطق العقل !

الفن و الإبداع الأدبي ,

هما الوحيدان القادران على اختراق الحجب !

الفن و الإبداع الأدبي ,

لا يعطيان إجابات ,

هذا ليس من اختصاصهما ,

إنهما يطرحان الأسئلة , فقط !

الفن و الإبداع الأدبي ,

لا يخدعان ,

فهما من يمنحان للحياة معنى !

الفن و الإبداع الأدبي ,

سلاح القوة الناعمة ,

و ركيزة من ركائز الحضارة !

الفن و الإبداع الأدبي ,

ليسا مصدرا للمعلومات و الأخبار ,

إنهما يسربان إيحاءاتهما فقط !

الفن و الإبداع الأدبي ,

لا يدعوان إلى يقين جاهز ,

إنهما يدفعان إلى معانقة الشك النبيل !

الفن و الإبداع الأدبي .

نسيم ناعم ,

في نهار فائض !

جرعة ماء منعشة ,

في صحراء تحترق !

الفن و الإبداع الأدبي ,

رسائل للسمو و النبل ,

و دعوات للصعود إلى ذرا عالية ,

حيث تفوح روائح أزهار اللوز ,

و تشرق الشمس ,

بضوء البرتقال !

مقالات ذات علاقة

شَـوَاطِئُ الْغُرْبَةِ

المشرف العام

نهاية رجل غبي

رشاد علوه

البيت

فتحي نصيب

اترك تعليق