من أعمال التشكيلية سعاد اللبة
قصة

الكهف

علي فنير

من أعمال التشكيلية سعاد اللبة
من أعمال التشكيلية سعاد اللبة

أتخذ مجلسا له في وسط الصحراء تحت تلك الصخرة الكبيرة التي كانت تنشر الظل في قيض الضهيرة …. السراب يترآي له من بعيد بحيرة من ماء منعش … يتماوج سطحها ويبرق .. أعد لنفسه كأسا من الشاي الاخضر … أحتساه ببطء وهو يتامل الصحراء ويشاركها بقلبه صمتها وخشوعها أسترخي قليلا ثم نهض ليتمشي بمحاذاة الصخور الضخمة التي نحتتها الصحراء والتي ظلت صامدة الآف السنين في وجه العواصف الرملية شاهدة علي روعة الصحراء وغموضها الأبدي …أسترعي انتباهه كهف نحت بعناية وسط الصخور …. تخفي مدخله سدرة ضخمة تزيد ذلك الكهف جلالا وغموضا لم يري هذا الكهف من قبل …. أقترب من مدخل الكهف بدافع الفضول مدخل الكهف مظلم وبارد أحس بالانتعاش خطا الي داخل الكهف بخطي حذرة مترددة أحس وكأن قوة ما قد دفعنه الي داخل الكهف تدحرج في الظلام ليسقط في هوة عميقة صرخ من الرعب والخوف … هل هي النهاية أغمض عينيه … توقف تدحرجه الي داخل الكهف فتح عينينه ببطء ليجد نفسه في عالم آخر عجيب ….. لقد عاد الي الماضي بكل تفاصيله الرائعة … ها هي أمه كعادتها أمام بيتهم العتيق وقد جمعت أعواد الحطب لتعد لهم طعام الغذاء وأبوه بلحيته البيضاء الجليلة ومسبحته الطويلة في يده قد أفترش الكليم أمام باب البيت يراقب اخوته وهم يلعبون وسكون قدسي جميل يلف المكان
كم هو في شوق ليحتضن أمه ويغرق في حضنها ويقول لها بأنه يحبها وكم هو في شوق ليحتضن أبيه ويقبل يده ويتوسد ركبته وينام ويد أبيه تعبث بخصلات شعره بحنان وحب …. أتجه الي حيث يجلس أبيه بخطوات مترددة … خطوات معدودة وسيكون مع أبيه وامه اقترب واقترب وفي تلك اللحظة أحس بنفسه يتدحرج من جديد في ذلك الكهف المظلم نادي علي أبيه تردد صدي صوته في الكهف بلا مجيب …. أستيقظ فزعا ليجد نفسه تحت تلك الصخرة والعرق يبلل وجهه ولحيته قام متثاقلا طاف حول الصخور طويلا يبحث عن ذلك الكهف بلا جدوي وصورة الماضي لاتزال عالقة بذهنه تمني أن يكون ذلك الكهف موجودا وأن يعود الي الماضي ولو لمرة واحدة فقط ليقول لمن رحلوا بأنه يحبهم وأنهم لايزالون يسكنون قلبه وينيرون ظلمة حياته وأنهم لم يغادروه أبدا رغم رحيلهم .
بقلم /علي فنير
09/فبراير 2014

مقالات ذات علاقة

البيضة والدجاجة الحمراء

عائشة إبراهيم

أمواج بلا شاطئ

حسين بن قرين درمشاكي

امرأة في ثوب العار

سعد الأريل

تعليق واحد

عواطف 18 أكتوبر, 2016 at 20:24

قصة جميلة ….. العودة للماضي حلم مستحيل

رد

اترك تعليق