يفتقر المحتوى الإلكتروني لقدر معقول من المعلومات حول الفنانين الليبيين والذين أثروا مجال الموسيقى والغناء بالكثير من أعمالهم الرائعة على امتداد العقود الماضية، وفي محاولة من «بوابة الوسط» لتزويد العالم الرقمي ببعض من سير هؤلاء، ننشر حلقات تؤرّخ لبعض من سير الفنانين الليبيين. والبداية مع عاشق طرابلس، ولد البحر والفلوكة، صديق عُمر الصادق النيهوم، أول من أدخل الفوازير للإذاعة الليبي، صاحب «منديلها الوردي»، وكل الكلمات الدافئة والرقيقة التي تقف شاهدًا على عراقة وأصالة ومدنية طرابلس، إنه الشاعر والكاتب والصحفي أحمد الحريري.
نبذة
هو أحمد أبوالقاسم الحريري ولد في 20 أبريل 1943، أحد من أهم شعراء الأغنية الليبية في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، كتب أكثر من 1000 أغنية وقدّم للإذاعة المرئية أكثر من 800 ساعة بين برامج ومسلسلات درامية ومنوعات. هو فنان استثنائي ومن نوع خاص، فقد كتب الأغنية الشعبية والطربية والوطنية والمنولوج وكتب المسلسلات والمنوعات والتمثيليات للإذاعة والتلفزيونية وكتب في الصحافة حتى أصبح من أعلامها، وقدّم برامج المنوعات والحوار.
نشأته
ولد الحريري في المدينة القديمة لعائلة طرابلسية، ولكونه ابن صياد، أثّر البحر فيه وأصبح ملهمه. درس الابتدائية إلي جنب مزاولته لمهنة التطريز ثم عمل مدرسًا للغة العربية، وهو في الثانية عشرة من العمر من شدة تمكنه منها، توفي والده وهو لا يزال في المراهقة فعمل في ملهى ليلي كمطرب تحت اسم أحمد توفيق ليعيل أمه وإخوته، بعد ذلك انضم إلى المجموعة الصوتية بفرقة الإذاعة بطرابلس، ومنها بدأت محاولاته الأولى للكتابة.
وانطلق من هناك فكتب شعرًا وأغاني بروح طرابلس، ووضع أساسًا للأغنية الطرابلسية وتعاون مع مطربي جيله أمثال: سلام قدري ومحمود كريم ومحمود الشريف، وطبعًا عراب الفنانين كاظم نديم. كتب مسلسلات ناقش فيها عيوب المجتمع فقد كان من أوائل الكتاب الليبيين الذين ناقشوا مجتمعنا وعيوبه في قالب من المواقف من الحياة اليومية، وهو من اكتشف الممثل إسماعيل العجيلي (سمعة) ويوسف الغرياني (قزقيزة) وشكل منهما ثنائيًا جميلاً. ونذكر من المسلسلات «السوس والمنحرفون»، وقد تعاون مع المخرج المصري حسين كمال في «بطاقة حب» و«كلمة ونص» و«فكر واكسب».
يعتبر الحريري هو أول من أدخل الشعر المحكي ومزجه بالشعر الغنائي، وعن هذه التجربة قال: «أعشق الكتابة بالعامية الحديثة، وأنا أعني العامية الحديثة المتشبّعة باللغة العربية، وهذا واضح في دواويني، (لو تعرفي)، و(خمسينية صائد الرياح)، و(عزف منفرد في مقام العشق)». وعن بداياته يقول: «لا شك أن الإنسان يتطور وعلى نحوٍ خاص، حين يكون مملوءًا بالطموح حتى حافته، وهذا ما حدث معي، فقد كانت الإذاعة حلمًا من الأحلام التي شبت معي وكذلك صناعة الكلمة بكل اتجاهاتها، ولقد أخلصت لأدواتي، وصقلتني التجارب، وأفادني الكتاب حين جعلته أنيسا لي، بهذا تجاوزت صعاب الأمس».
طرابلس بعيون الحريري
يضيف الحريري: «طرابلس ذاكرة في حد ذاتها، فهي نقوش محفورة على آثارها برغم أنها خسرت مدينتها القديمة نوعًا، وبالنسبة لي فإن طرابلس هي كل ذاكرتي ومنها أستمد القدرة على الرسم بالكلمات، وديواني الشعري في وزن (البورجيلة) الطرابلسي بعنوان (باب العز)، أتحدث من خلال قصائده عن مدينتي التي أعشق آدابها وفنونها وصناعاتها التقليدية وصناعها، أي بقدر ما تحمل الذاكرة من تاريخها المجيد».
مؤلفاته
من مؤلفات الحريري «لو تعرفي» (ديوان شعر)، و«جدت في عيونكم مدينتي» (رواية)، و«خمسينية صائد الرياح» (ديوان شعر)، و«عزف منفرد على مقام العشق» (ديوان شعر)، و«فراغات عاطفية» (ديوان شعر)، و«اقلب الصفحة» (ديوان شعر/ خواطر صحفية)، بالإضافة إلى مخطوطات لا زالت تحت الطبع وهي «احتجاج من العالم السفلي وقوارير» (دواوين شعر)، و«وجراحك يا شتيوي» (دراما)، «حكايات قصيرة» (قصة).
من أغانيه
ومن أبرز أغانيه: «عرجون فل وحدود الزين ولو تؤمريني وفتنا النخل، وعالموجة ومش كيف ما تصبح ومانعرفش وطير يا حمام ويا سواني الحنة، انشدني على الصحة وزي الذهب ومنديلها الوردي ويابيت العيلة ويا العنب ويا العنب، ع الموجة وتعيشي يا بلدي ويا سواني الحنة».
أغنية عرجون فل
أغنية «عرجون فل» من كلمات أحمد الحريري، وغناها الفنان سلام قدري، وتقول كلماتها:
منين فاح خداني يا عيني عرجون فل
منين فاح خداني عرجون فل
خطر عليا عمرنا الحقاني
منين فاح خداني عرجون فل
خطر عليا زينك يا عيني
وليل صابغ وسط ممي عينك
خطر عليا هلال فوق جبينك
ورموش تقيل تحتهم وجداني
عرجون فل عشيه
شميت فيه أيام حلوة هنية
منين كان بدلة مزينة المنشية
بيني وبينك كان ليه معاني
منين نهديهولك يا عيني
عرجون يحمل شوق نبعتهولك
بالسر يجمع بين قولي وقولك
بالسر يحكيلك على الوحداني
عرجون فل منين فاح خداني
خطر عليا عمرنا الحقاني.
الاثنين 29 من شهر رمضان، الموافق 04/07/2016م، طرابلس / ليبيا