هنا مساحة نفردها لعشر نساء ليبيات تميزن فتفوقن في مناحي شتى من الحياة المعرفية والاجتماعية والسياسية ، بل وحتى في النضال المسلح ضد الإحتلال الإيطالي. هنا نستعرض لحيوات عدة نساء سجلن أسماءهن بحروفٍ من ذهب على دفاتر تاريخ ليبيا من القرن التاسع عشر -زمن سيطرة الأتراك على ليبيا- وإلى يومنا هذا ..
مبروكة العلاقية
ولدت نهاية القرن التاسع عشر لأسرة تمتهن الزراعة في صبراتة.
لم تكن قبل الغزو الايطالي الا فتاة ليبية عادية لتتحول بعدها إلى رمز ملهم لليبيات. فلقد خلعت ملابس النساء وحلقت شعرها ولبست ملابس المقاتلين الرجال والتحقت بالمجاهدين الليبين كمقاتلة تحت قيادة “سوف المحمودي” ثم كقائدة لمجموعة من الفدائيين الذين يهاجمون معسكرات وتجمعات الطليان.
“كانت تمتطي جوادا اسودا وتنادي رفاقها بالهجوم على الطليان والصمود , كانت بملابس الرجال, وكانت تقود المهاجمين , ورغم اصابة يدها اليسرى بجرح كبير الا انها واصلت النداء للرجال بالصمود والاستمرار في الهجوم, انها جان دارك ليبيا” هكذا يصفها مراسل جريدة “بازل جورنال” السويسرية الذي كان يغطي حرب الطليان على ليبيا.
في تركيا كتبت عنها الكاتبة التركية “فاطمة علية” مقالا في “جريدة الصباح” تمدح فيه بطولات العلاقية والليبيات ونضالهن ضد الغزو.
هاجرت بعد الاحتلال الى تونس وانقطعت اخبارها حتى توفت .
مبروكة العلاقية وجه اخر للمراة الليبية المقاتلة .
زعيمة الباروني
هي ابنة المجاهد المعروف سليمان الباروني , ولدت زعيمة الباروني عام 1910 بتركيا وتلقت تعليمها الابتدائي بتركيا وباللغة التركية, ولم تتعلم العربية قراءة وكتابة الا بعد عودتها لليبيا صحبة والدها الذي عاد للوطن لمقاومة الاحتلال الايطالي , مكلفا بذلك من الدولة العثمانية التي ظل يدين بالولاء لها.
عرفت زعيمة الباروني ليبيا كأرض لمقاومة الغزاة الطليان , ولم تمر مرحلة من بداية حياتها في ليبيا الا وبها مواجهات ومقاومة عسكرية وسياسية وثقافية للاستعمار الايطالي .
تلقت تربيتها وتكوينها الثقافي في بيت مقاوم للغزاة , ورفض لسيطرة اوروبا على البلاد العربية وخاصة لليبيا, وكان والدها الى جانب كونه قائد سياسي ليبي ,كان شاعرا , لايتوقف عن قول شعر المقاومة للاستعمار .
وسط هذا المناخ ولدت موهبة زعيمة الباروني الادبية , واخذت تكتب فنا حديثا في ذلك الوقت هو فن القصة. كانت تتكيء على موروث الحكاية الشعبية الليبية والمقامات العربية و وقصص البطولة والفداء التي كانت تطالعها في كتب الادب العربي وسير المسلمين الاوائل.
شرعت تنشر كتاباتها الادبية في الصحف والمجلات الليبية ونشرت عام 1950 كتابها الاول “القصص العربي” لتكون احد رواد القصة الليبية واول كاتبة ليبية تصدر مجموعة قصصية.
اهتمت بجمع ونشر شعر وتاريخ والدها المجاهد سليمان الباروني .
عملت مدرسة بالمدارس الابتدائية ثم انتقلت لادارة قسم “محو الامية” بالتعليم الليبي لتساهم عمليا ولتكون رائدة من رواد مشروع النهضة الليبية الحديثة.توفت عام 1976م.
حميدة العنيزي
ولدت بمدينة بنغازي عام 1892م وتلقت تعليمها بتركيا , حيث اوفدت لتلقي التعليم هناك, لتكون اول ليبية توفد الى خارج البلاد لغرض الدراسة.
نالت الدبلوم العالي للتدريس من تركيا واجادت اللغة التركية والفرنسية الى جانب العربية.
عادت الى بنغازي بليبيا لتفتتح اول فصل دراسي لتعليم البنات القراءة والكتابة الى جانب الحياكة والتطريز والتدبير المنزلي , ولعدم وجود مبنى مدرسي لتعليم البنات افتتحت حميدة العنيزي فصلا دراسيا للبنات بمنزل اسرتها ببنغازي.
أسست عام 1954م جمعية “النهضة النسائية” وكانت جمعية اهلية تعنى بالمرأة وتعليمها والدفاع عن حقها في التعليم والعمل.
ساهمت في تدريب فتيات ليبيا على اعمال التمريض وساهمت في تاسيس حركة المرشدات بالكشافة الليبية عام 1960م.
أشرفت على تأسيس أول معهد للمعلمات ببنغازي , وساهمت أيضاً في تكوين جمعية الكفيف الليبية. أمضت السيدة حميدة العنيزي حياتها في خدمة قضايا المراة وخاصة التعليم ..
توفيت عام 1982م بعد قرن من الحياة والكفاح من أجل نهضة ليبيا ورقيها.
مرضية النعاس
ولدت مرضية النعاس 1940م في مدينة درنة.
أصبحت درنة في تلك الفترة إحدى ساحات المواجهات الحربية بين الحلفاء و المحور لتكون طفولتها الاولى, طفولة حرب وقصف طيران على مدينتها ودخول وخروج قوات اجنبية متقاتلة على أرضها .
تلقت تعليمها في درنة بعد انتهاء الحرب واستقلال ليبيا , لتكون من جيل الاستقلال وتكون الكيان الليبي الحديث.
كانت درنة احدى حواضر ليبيا الهامة,وأكثر المدن الليبية انفتاحا على العصر الحديث, وكانت أهم مظاهر ذلك التحديث “تعليم المرأة واشراكها في الحياة العامة.
نالت مرضية النعاس التعليم والتشجيع وتفتحت موهبتها ككاتبة للقصة القصيرة وللمقالة الصحفية , واهتمت في ادبها بهموم المرأة وحقها في التعليم والعمل وانتقدت كل العراقيل التي تعترض طريق المرأة الليبية .
نشرت أعمالها القصصية ومقالاتها في الصحف والمجلات الليبية وأصدرت روايتها الأولى “شيء من الدفء” عام 1972م ثم مجموعتها القصصية “غزالة” عام 1976م ثم روايتها الثانية “المظروف الأزرق” عام 1982م و”رجال ونساء” عام 1993م.
تعتبر مرضية النعاس إحدى رائدات كتابة الرواية في ليبيا .
لطفية القبائلي
ولدت في طرابلس عام 1948م وتلقت تعليمها بها حتى تخرجت من معهد المعلمات وعملت بالتدريس , بدأت مبكرا في الكتابة الأدبية , فكتبت القصة القصيرة وعملت بالصحافة بمجلة البيت التي أسستها السيدة خديجة الجهمي في ستينيات القرن الماضي, وساهمت في ابراز الكثير من الصحفيات والكاتبات ومن بينهن لطفية القبائلي.
وصلت في عملها الصحفي الى رئاسة تحرير “مجلة البيت” التي كانت مجلة الاسرة الليبية والتي تخصصت في مناقشة قضايا المرأة والاسرة.
اهتمت لطفية القبائلي في قصصها ومقالاتها الصحفية بقضايا المرأة وحقها في التعليم والعمل والتعبير عن الننفس بحرية .
نشرت انتاجها القصصي بالجرائد والمجلات الليبية .
صدرت مجموعتها القصصبة الاولى “اماني معلبة” عام 1977م.
تولت في رابطة الكتاب الليبيين مهمة “الأمين المساعد” لرئيس الاتحاد.
شريفة القيادي
ولدت بطرابلس عام 1947م وتلقت تعليمها الابتدائي والاعدادي والثانوي بها.
درست بكلية المعلمين ونالت ليسانس في “الادب ” منها ثم نالت درجة الماجستير في “الادب الحديث” .
بدأت الكتابة للاذاعة واعداد البرامج الثقافية والتي تعني بالادب وشؤؤن المرأة في ستينات القرن الماضي وتعتبر من رائدات العمل الاذاعي بليبيا.
نشرت انتاجها في الجرائد الليبية منذ ستينات القرن الماضي وانتمت للجيل الثاني من كتاب القصة القصيرة في ليبيا وساهمت في تطوير هذا الجنس الادبي الى جانب كتاب جيلها والجيل الذي سبقهم .
رغم بداياتها المبكرة الا انها لم تصدر مجموعتها القصصية الاولى “هدير الشفاه الرقيقة” الا عام 1983م و مجموعة”كأي امرأة اخرى” عام 1984م.
كتبت الرواية وصدرت لها رواية “هذه انا” عام 1994م ثم رواية “بصمات” عام 1999م.
تعتبر اول باحثة تعد دراسة عن الادب النسائي في ليبيا تحت عنوان “رحلة القلم النسائي الليبي” وتعتبر هذه الدراسة من المراجع الهامة لادب المراة في ليبيا.
صدر لها كتاب “حولهن” تناولت فيه سير واعمال رائدات عربيات عملن وكتبن دفاعا عن قضايا المراة العربية .
توفت شريفة القيادي عام 2014م .
نادرة العويتي
ولدت بدمشق عام 1949م لاسرة ليبية مهاجرة اثناء الاحتلال الايطالي.
درست بدمشق قبل ان تعود الى ليبيا وتبدأ بنشر اعمالها الادبية في الصحافة ثم عملت بالصحافة بعد ان تحصلت على دورات في الصحافة بالقاهرة على يد صحافيين مصريين .
عملت بمجلة البيت وكانت تهتم بالادب النسائي وتشرف على المواهب الجديدة وتحرر الصفحات المخصصة لذلك.
نشرت اعمالها القصصية في المجلات والصحف الليبية والعربية .
كغالبية الكاتبات الليبيات ورغم بداياتها الادبية المبكرة فلقد تاخر صدور مجموعتها القصصية الاولى الى عام 1988م ثم صدرت مجموعتها الثانية “اعترافات اخرى” عام 1994م.
الى جانب القصة القصيرة كتبت نادرة العويتي الرواية , وصدرت لها عام 1983م رواية ” المرأة التي استنطقت الطبيعة” .
خديجة الجهمي
ولدت ببنغازي عام 1921م وتلقت تعليمها بالمرسة الايطالية التي كانت تدرس الى جانب المنهج الايطالي مواد اللغة العربية والدين الاسلامي.
كان والدها شاعرا ومثقفا وكان يعمل بمطبعة جريدة “بريد برقة”.
تعرض والدها للتحقيق معه من سلطات الاحتلال لان ابنته “خديجة” وجهت رسالة الى “موسليني” تطالبه فيها بترك ليبيا لاهلها ومنحها استقلالها.
تطوعت اثناء الحرب العالمية الثانية وعملت بالتمريض اثناء تعرض بنغازي للقصف والدمار.
غادرت الى القاهرة لاكمال دراستها الاعدادية والثانوية بمدرسة عابدين وانتسبت هناك للنادي الليبي لتمارس نشاطها الثقافي التنويري وسط الجالية الليبية بمصر.
بعد تخرجها من القاهرة عام 1956م عادت الى ليبيا لتعمل مذيعة بالاذاعة الليبية ولتكون اول مذيعة اخبار ليبية .
قدمت الكثير من البرامج الاجتماعية والثقافية واصبحت سريعا من اشهر مقدمي البرامج في ليبيا .
كانت خديجة الحهمى شاعرة غنائية كبيرة واشتهرت لها الكثير من الاغاني التي كانت تقدمها تحت اسم “بنت الوطن”.
أشرفت على تاسيس مجلة “المراة” عام 1964م ورأست تحريرها عام 1965م واسست اول مجلة اطفال في ليبيا هي “مجلة الامل”.
ترأست الاتحاد النسائي الليبي عام 1972م.
توفت السيدة خديجة الجهمى عام 1996م.
تعتبر خديجة الجهمى اكثر رائدات النهضة في ليبيا شهرة وتأثيرا.
خديجة عبدالقادر
ولدت بطرابلس عام 1938م وتلقت تعليمها بها ثم اوفدت الى مصر للدراسة في مركز التربية الاساسية للعلم العربي وحصلت منه على دبلوم في “التنمية الاجتماعية”.
شاركت في الحلقة الدراسية التي نظمتها “اليونسكو” بالقاهرة عام 1959م وكان موضوع الحلقة “دور المراة في تنمية المجتمع”, لتكون اول باحثة ليبية تشارك باسم بلادها في ندوة دولية خارج الوطن.
سافرت الى بريطانيا عام 1961م والقت محاضرة بجمعية التاج البريطانية عن المراة في ليبيا .
نشرت ثلاتين مقالا بجريدة طرابلس الغرب عام 1963م بعنوان “ليبية في بلاد الانجليز” وسجلت فيها انطباعتها ورؤاها للمجتمع الانجليزي في ذلك الوقت لتكتب اول ادب رحلات لكاتبة ليبية.
ساهمت في تاسيس جمعية النهضة النسائية بطرابلس عام 1961م بدعم وتشجيع من حميدة العنيزي .
أصدرت كتابها “المراة والريف في ليبيا” عام 1961م .
خاضت تجربة التدريب العسكري عام 1956م بمصر اثناء العدوان الثلاتي وتطوعت للتدريب والقتال .
توفيت السيدة خديجة عبدالقادر عام 2009م في طرابلس.
خديجة عبدالقادر هي الشقيقة الوحيدة للشاعر علي صدقي عبدالقادر.
وداد الساقزلي
ولدت ببنغازي عام 1937م وتلقت تعليمها الابتدائي بها وواصلت تعليمها حتى الشهادة الثانوية , لتلتحق بجامعة ادنبرة ببريطانيا لتتخرج منها عام 1961م كصيدلانية ولتكون بذلك اول صيدلانية ليبية , درست هذا التخصص دراسة اكاديمية متخصصة, باحدى ارقى الجامعات البريطانية.
بعد تخرجها انتسبت وداد الساقزلي لجمغية الصيادلة البريطانية وصارت عضوا عاملا فيها.
تلقت تدريبا بمستشفى ويستمنستر البريطاني ونالت بعد ذلك عضوية جمعية الصحة الملكية البريطانية.
عادت الى ليبيا وعملت بمؤسسة التامين الاجتماعي كصيدلانية متخصصة , بصيدلية المؤسسة.
وداد الساقزلي تعتبر رائدة عمل الصيدلة في ليبيا ومن اوائل النساء الليبيات اللاتي درسن باوروبا بمنحة دراسية حكومية , تخرجن من ارقى الجامعات اوروبية.