متابعات

خليفه حسين مصطفى… رواية ليبية لم تكتمل‎

تصوير: سالم أبوديب.

ندوة خليفة حسين مصطفى1

يوم الثلاثاء 2016/2/2 وكان الثلاثاء الأول من شهر في فبراير… أنفاس الشتاء مازالت تغمر طرابلس، جاء المساء بموعد جديد، موعد ظل أصدقاء (دار الفقيه حسن) يرفدونه كل شهر بنشاط متميز. وكان (أدب الرواية لدى خليفه حسين مصطفى) هو محور لقاء هذه الأمسية التي قدمت لها وأدارتها باقتدار الأستاذة فريده طريبشان التي رحبت بالحضور الكريم وحيته، وقدمت نبذة ضافية حول حياة وابداع خليفه حسين مصطفى سردت خلالها مجملا لسيرته ونشاطه الثقافي ونتاجه الروائي والقصصي والمسرحي وكتاباته في مجال المقالة الأدبية.

شارك في الندوة، الأساتذة: رمضان سليم بورقة عنوانها (خليفه حسين مصطفى… ذاكرة الكلمات)… علي المقرحي الذي كتب عن (ملامح الإغتراب في ابداع الروائي خليفه حسين مصطفى… متاهة الجسد نموذجاً)، عبدالسلام الفقهي الذي جاءت ورقته بعنوان (متاهة الجسد… قراءة في رواية ليالي نجمه).

وقد تحدث الأستاذ رمضان سليم – وهو كاتب مهتم بالأدب وبالسينما وأصدر عدداً من الكتب من بينها: (الفرد في دائرة المغامرة) و(رحلة الكشف والإكتشاف) – في شهادته حول المبدع خليفه حسين مصطفى عن مجمل ماتركه من نتاج إبداعي، معرباً في حديثه عما يلقاه خليفه حسين مصطفى، بل وكل المبدعين في مختلف المجالات من اهمال وعدم وتجاهل مؤكداً على أنه لا بد من دراسة الإبداع نقدياً من أجل إحياء الحياة الثقافية وبث الحيوية فيها ثم سرد باقتضاب السيرة الإبداعية لخليفه حسين مصطفى متطرقاً في سرده إلى جوانب ومواقف من حياة وشخصية المبدع الراحل تكشف عن ميزاته الانسانية والتزامه باخلاص لابداعه وحرصه على ممارسة الكتابة كالتزام حياتي يثابر على ممارسته باسترار وبدقة، وذلك ما جعل منه كاتباً غزير الانتاج الذي يستحق من المهتمين الكثير من العناية والنقد شأنه شأن كل الابداع الليبي الذي لم يلق ما يستحق من ذلك.

ثم القى علي المقرحي ورقته (ملامح الاغتراب في ابداع الروائي خليفه حسين مصطفى) مستهلاً حديثه بجملة “قد يكون هناك أمل” تفتتح رواية (متاهة الجسد) التي اختارها موضوعاً لورقته، حيث رأى أن خليفه حسين مصطفى يمهد لنا الطريق ويدعونا الى عالمه الابداعي بهذه العبارة التي حدث بها نفسه عمر عبد الحميد الذي حيك من خيوط سيرته نسيج رواية متاهة الجسد، وأن تلك دعوة لا تخلو من اغراء ولا تبرأ من غواية، خصوصا وهي تجئ كفاتحة لمتاهة الجسد، فهي كما يقول: “لا تقرر يقيناً فلا شئ.. خصوصا الأمل.. يبدو مؤكداً ولا مضموناً، فقد يكون هناك أمل وقد لا يكون، الأمر الذي يجعل من قبولنا هذه الدعوة واقدامنا على ولوج عالم مبدع من وطننا لمّا يلق.. شأن مبدعينا جميعا.. ما يستحقه من اهتمام ومن درس نقدي”، ليشير بعد ذلك إلى عدم امكانية دراسة وفهم الابداع بمعزل عن واقعه التاريخي أو خارج الاطار المكاني والزماني الذي تكوًّن فيه ومضى في تحليل الظروف التي تكون وولد فيها نتاج خليفه حسين مصطفى، والتي احتوتها فترة الحكم الديكتاتوري الذي هيمن على ليبيا لأكثر من أربعة عقود، ليخلص الي أن ذلك الحكم قد “شوه الإنسان الليبي وغربه عن ذاته ومواطنيه ووطنه والآخرين جميعا”، فقد قرأ المقرحي اسم المؤسسة التي كانت المكان الذي دارت فيه اكثر احداث رواية الجسد رأى في (الشركة العربية العامة لخدمات البيئة ومكافحة التلوث) التي استشرى الفساد في مفاصلها معادلاً أدبياً أبدعه خليفه حسين مصطفى لمؤسسة قائمة في الواقع آنذاك وهي (الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى)، لينطلق من بعد في البحث عن ملامح الاغتراب كما قرأها في أبطال رواية متاهة الجسد.

ندوة خليفة حسين مصطفى3

ثم جاءت ورقة (متاهة الجسد… قراءة في رواية ليالي نجمه) للكاتب والصحفي المتميز عبدالسلام الفقهي الذي استهل حديثه بتحية مستحقة أسداها لروح المبدع الكبير خليفه حسين مصطفى الذي كما قال علمه أبجدية العمل الصحفي عندما عملا معاً في الملحق الثقافي لصحيفة الشمس، وفسر الاستاذ الفقهي سبب اختياره تسمية متاهة الجسد، بأن الجسد بكل ابعاده وأحواله وتجلياته قد وظف كرمز ففي الادب القديم استخدم كرمز للهروب من التابوات المعروفة… الدين والجنس والسياسة… فمعروف أن الجسد في الادب العربي وخصوصا عند المتصوفة قد اعتبر سجناً حاولوا التخلص منه، وفي الغرب استعمل الجسد وسيلة للهروب من الخطيئة والتكفير عنها، كما أنه يرمز الى الدلالات إضافة رمزيته المتعلقة بالعصر وآفاته وامراضه المختلفة. ويؤكد الاستاذ عبدالسلام الفقهي على أن الرواية تظل بتصويرها لتفاعل الصراع الحياة بأبعاده المختلفة أكثر الاجناس الابداعية قرباً من الواقع، تتكئ في ذلك على خلفيك واسعة من الخيارات والتصورات السردية التي يمكن أن توفر باستمرار امكانية الحصول على المؤونة اللازمة لمحاكاة النموذج البشري بانفعالاته وأنساقه السلوكية الثقافية، وهي إلى ذلك مدفوعة بفتنة الخيال اللعوب التي تمنحنا هذه المتعة في إعادة صياغة تفاصيل الحياة، وارجاعها مسكونة بالتساؤلات المصيرية لأحداث الحياة على وجه المستديرة.

وبدأ بعد في سرد قراءته لرواية “ليالي نجمة” التي تشخص الحياة الليبية في خمسينيات القرن الماضي بالمدينة القديمة في طرابلس، وتحاول تفسير مواقع وردود أفعال الشخوص عبر بوابة الثالوث المحرم.. الدين والجنس والسلطة، والنظر من خلالها الى البنية السلوكية المكونة لتلك الشخوص بازاحة الستار عن ارتباكها واختيارها الهروب، ثم يتنقل الأستاذ الفقهي في ورقته بين أحداث الرواية وشخوصها، رابطا بينها لاستكناه مصائر تلك الشخصيات وما يكمن وراءها من دوافع، وما لذلك من دلالات، ودون يفوته إعطاء الإطار الزماني والمكاني وكذلك الظروف الموضوعية التي تدور في إطارها أحداث الرواية ما تستحقه من بحث وتحليل، ليخلص الى القول في ختام ورقته، أن البغاء التهم مشهدية العمل لم يحقق المتعة للذين يظلون يركضون خلف سرابه حتى تصدمهم الحقيقة.

وقد قفى بعض الحاضرين على الورقات بكلمات تناولوا فيها ما جاء الورقات المقدمة كما أضافوا بعض الملاحظات ولم يفتهم التعبير عن اهتماماتهم الثقافية وإنشغالهم بهموم الابداع والمبدعين حيث تحدث الأساتذة .. إبراهيم حميدان.. منصور أبوشناف.. مفتاح قناو.. يونس الفنادي.. وحواء القمودي، كما القت أرملة الكاتب خليفه حسين مصطفى السيده نعيمه البكوش، التي لبت دعوة أصدقاء دار الفقيه حسن لحضور الأمسية، كلمة قصيرة شكرت فيها المشرفين على الندوة والداعين إليها وروت بعضاً من طقوس خليفه حسين مصطفى المتعلقة بالكتابة والتي تؤكد على التزامه ومثابرته وأخذه الابداع على محمل المسؤولية والالتزام الحياتي.

_____________________

نشر بموقع ليبيا المستقبل

مقالات ذات علاقة

كلية الآداب والعلوم الانسانية سايس تفعِّل برنامج “المتطوع” كتجربة متنوعة ودامجة، وتحتضن ورشا وطنية للابتكار والحافزية

عزيز باكوش (المغرب)

صالون حنان محفوظ الثقافي يحتفي بحكاية زلة

مهند سليمان

حوارية عن الإعلام الليبي بين الحقيقة والاستشراف

مهنّد سليمان

اترك تعليق