مريم العجيلي
حينما كنت بعمر الثامنة عشر “سن المراهقة” كان كل همي ان اضع المساحيق خلسة عن ابي، وأتأمل المارة مع صديقتي. كان كل همي أن يراني الاخرون وأنا اتباهى بما اعطاني اياه الله من ملامح سواء كانت بنظر الاخرين جميلة او قبيحة.
كان كل همي ان ابتسم مع صديقاتي ونجهز “المقالب” ضد الاساتذة ، اتذكر مافعلنا بسيارة الاستاذ المشري حينما طعنا عجلات سيارته بالـ “موس بوخوصة” وذهبنا دون ادنى اهتمام بما سيحدث له.
اتذكر إننا كنا نتسابق على من تشارك في المناشط المدرسية حتى نلهو دون “دراسة” اتذكر العديد من الاشياء التي كانت هي اقصى اهتمامي. والآن اقارن ما كنت افكر به ومع يفعله شبابنا البواسل في شوارعنا الثكلى، ومنازلنا التي هدمت، ومدينتا الحزينة.
الان ارى اطفال بسن المراهقة، ورجالا تركوا رجولتهم ليقتلوا الوطن، ارى علامات النصر تًرفع من شباب بعمر الزهور، وقبلات تقدم للأمهات ويرحلون بصمت ورجولة.
العديد من ابناء مدينتي وبلدي يقدمون ارواحهم من اجل مدينتهم “بنغازي” من اجل بلدهم “ليبيا” دون انتظار لمقابل ما. والعديد من ابناء مدينتي وبلدي يقدمون الولاء والطاعة لأمير يمني او سوري او عراقي على طبق من وطن. فهل يقارن الثرى بالثرية؟
ارى ابناء لي لم الدهم يحاربون وهم بقمة فرحهم، نسمع اغانيهم اثناء الاستراحة في مقاطع تنشر في المواقع الاجتماعية، ثم نرى جثثهم وخبرا مكتوب “قتل اليوم…….” يمر علينا الخبر وكأننا نقرا خبر مشاركة فنان بمهرجان، او ما ارتدت هيفاء في اخر فيديو كليب لها، لا نفكر بما اعطى هذا الشاب وما حدث لقلب امه.
والجدير بالذكر، ويشار إلى ان، وحيث صرح وامتلأت ثلاجة المستشفى وحيث إن عدد القتلى قد تضاعف.. العديد من الاشارات المملة التي تنتهي بقتيل او جريح او………, نعلق بعدم اهتمام “حسبي الله ونعم الوكيل” ثم نبتعد عنهم بموعد مسلسل نتابعه بشكل يومي.
اوووف امتى تنتهي ها الحرب… ملينا، ونتناسى الام التي تشتاق الى “جنينها” الذي يحارب في محور الليثي، محور المديرية، محور القوارشة، محور سوق الحوت وغيره.
ايتها الام سامحينا ايها الابن سامحنا ايتها المدينة سامحينا ايها الوطن سامحنا، فقد اصبح مسلسل نتابعه على احدى القنوات اهم لدينا من متابعة اخباركم، وحساب عدد ساعات نومنا اكثر اهتماما من حساب عدد قتلانا وعدد الامهات الباكيات وعدد الابناء الايتام. وترليون تحية لرجال في سن المراهقة.
_________________
نشر بموقع ليبيا المستقبل