تراث

الزكرة والزكار.. فن ليبيا وفرحتها

قد يخفى على كثير التنوع الثقافي الليبي الناتج عن عوامل عدة، ربما أهمها اتساع الرقعة الجغرافية للبلاد، إضافة لموقعها الجغرافي الذي جعل منها منذ القرن الثامن قبل الميلاد معبرًا بحريًّا بين أفريقيا وأوروبا لتجارة القصدير والفضة، وأيضًا معبرًا صحراويًّا رابطًا بين شمال أفريقيا ووسطها والذي عُرف بـ«طريق الحرير».

عن الشبكة
عن الشبكة

وكذلك لتعاقب الحضارات من الجرمانتيا والبونيا والرومانية والإغريقية والبيزنطية وصولاً للإسلامية، وحتى الاستعمار التركي العثماني والاستعمار الإيطالي كانا سببًا في تنوُّع الحياة الثقافية والفنية الليبية.

ومن بين الفنون التي حافظت إلى حدٍ كبيرٍ على هويتها رغم انتشارها في معظم المناطق الليبية فن «الزكرة» أو «الغيطة»، الذي يسمى العازف فيها بـ«الزكار»، التي ارتبط وجودها بالمناسبات الاجتماعية السارة والسعيدة مثل الزواج وطهور الأبناء لتشمل حفلات النجاح والتخرج أيضًا.

وهي معتمدة على عدة آلات أهمها النفخية أو «الزردة»، التي تُشبه في شكلها القصبة المعروفة مع اختلاف كونها بقصبتين تلتقيان في الرأس مكونة من الخشب و«الزرنة» أو «الزكرة» وتتركب من قطعتين خشبيتين، الأولى وهي الجزء الأكبر والظاهر وتكون في شكل بوق كبير توشحه سبعة ثقوب هي أوزان السلم الموسيقي المعروفة، والثانية قطعة صغيرة هي الصفارة أو المزمار يصنع من القصب أو من قرون بعض الحيوانات وهي عادة لا ترى وقابلة للفصل والوصل ويرجع تاريخ هذه الآلة إلى حدود القرن 18 الميلادي.

ويحتاج عازف هذه الآلة لتدريب متواصل، ولابد أنْ يتمتع بنَفَسٍ قوي لأنَّها تحتاج لمجهود مضاعف، وبالنسبة لتاريخها فنجد الأقوال تتضارب فهناك مَن يقول إنَّها لآلة موجودة منذ عصور سحيقة وآخرون يقولون إنَّ تجار القوافل أتوا بها من أدغال أفريقيا.

الآلة الثانية هي «الدنقة» وهي تشبه «الطبلة»، إلا أنَّها تكون في شكل أقرب للأسطواني من وجهين مكونين من الجلد الرقيق بوسط خشبي وتعلق على الكتف الأيسر للعازف الذي يستعمل عصا معقوفة للضرب على الوجه الأمامي لاستخراج الصوت القوي باليد اليمنى.

في الوقت ذاته يستخدم العازف أصابع اليد اليسرى باستخراج باقي الإيقاعات الموسيقية في تناغم إبداعي وهذه الآلة أيضًا لا يوجد تاريخٌ محددٌ على نشأتها أو بداية استعمالها إلا أنَّها مرتبطة هي الأخرى بأفريقيا والتي تعتبر من أشهر الآلات الإيقاعية فيها، التي بدت معروفة للعالم أجمع وارتبطت بالموسيقى الأفريقية وارتبطت في بعض المناطق، خاصة في طرابلس والغرب الليبي ومنطقة الجفرة والواحات بشخصية «بوسعدية» أو «الرجل المقنع» وهو أسلوبٌ يرجع في جذوره إلى التقاليد الأفريقية القديمة.

وكان أبو سعدية يقوم بعزف «الدنقة» والغناء والرقص أثناء تجواله في شوارع القرى والمدن الليبية في مواسم معينة.

ونجد كثيرًا من الفنانين الليبيين، خاصة في فترة ستينات القرن الماضي استعانوا «بالزكرة» وولفوا بينها وبين باقي الآلات لتقديم أعمالهم الغنائية التي فعلاً أصبحت مميزة ومحطة مهمة في تاريخ الفن والغناء الليبي ومن هؤلاء الفنانين: علي القبرون وعبد اللطيف حويل وسلام قدري في طرابلس والفنانان علي الشعالية وشادي الجبل في بنغازي.

مقالات ذات علاقة

العين دمعها سيل مزنه أبروق

جمعة الفاخري

قدرت تنسي ودى

المشرف العام

وين الغالي يا دار..!!

ناجي الحربي

اترك تعليق