الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
استضاف مجمع اللغة العربية بمدينة طرابلس بالتعاون مع ملتقى الخط العربي الشاعر والروائي الأردني “ايمن العتوم“، وذلك ضمن حوارية خاصة تحدّث فيها عن ملامح من تجربته الإبداعية في مجاليّ الشعر وكتابة الرواية، ظهيرة يوم الإثنين 02 سبتمبر الجاري بقاعة محاضرات المجمع، وسط حضور واسع للنخب الأدبية والأكاديمية ومحبي وقرّاء الروائي ايمن العتوم حيث تولى تقديم وإدارة الحوارية الدكتور “عبد الحميد الهرّامة” رئيس المجمع الذي أشار في مستهل مقدمته إلى أن فن الرواية لدى الغربيين وأتباعهم من العرب تعتمد على البوح وكشف المستور حينا وعلى الغموض والغرائبية حينا آخر وتستخدم العنف والهوى والتمرد على القيم لكي تستقطف القراء المراهقين والشباب الساخطين على المألوف، وأوضح الدكتور الهرّامة بأن هذا الاتجاه يُذكرنا بين مصطلح الأدب عند المسلمين ومصطلح الكتابة في الغرب ففي الأدب هنالك حمولة أخلاقية لا يسعها مصطلح الكتابة.
الغرائز في الرواية العربية
بدوره أضاف الروائي ايمن العتوم بأن محاولات اللعب على الغرائز الحسيّة في الرواية العربية هي عقدة نقص يعاني منها الروائيين العرب فقط فالكتابات الغربية في هذا السياق نسبتها محدودة جدا حتى أن بعض الكتّاب اللذين يوظفون هكذا موضوعات تثير الحساسيات يُصنفونهم على أنهم كتّاب تجاريون أو الشعبيون، وبالتالي هم منزوعي القيمة فحين تذهب إلى كـتّاب الرواية الكبار مثل داستوفسكي وتولستوي لن نجد في أعمالهم هذه الإثارة للغرائز، ولفت العتوم أن الكتابة عن الغرائز تقليد عربي للغرب في جزء منه يُعزى لعقدة نقص، وأردف قائلا : إن جُل الأدباء ممن حصروا نتاجهم الأدبي في هذه الدائرة سرعان ما انطفأ بريقهم، ولم يبق سوى الكتّاب الغائيين اللذين كتبوا لغاية رؤيوية معينة.
التحولات من الشعر إلى الرواية
كما نوه العتوم إلى أنه مذ كتب أول حرف على بياض الورق لم أكن يعرف بأنه سوف يصبح روائيا فقد كان شاعرا ما يربو عن ربع قرن من الزمان، وأشار قائلا : بواكيري مع الكتابة الروائية بدأت مع كتابتي لرواية (يا صاحبي السجن) عام 2012م، في حين أني كتبت أول قصيدة شعرية عام 1986م على إثر انتفاضة الحجارة فبعد ربع قرن من الشعر كتبت أول رواية، وبيّن العتوم قائلا : عندما دفعت روايتي الأولى إلى النشر لم يجل بذهني أنها رواية بقدر ما هي تسجيل لتجربتي كمعتقل سياسي فظننتها مذكرات أو يوميات أو سردا شاعريا حتى أني والناشر حين اضطررنا لتسميتها وقفنا حائرين إزاء الجنس الإبداعي الذي تنتمي إليه إلى أن اتفقنا على كونها أقرب للرواية فسميناها رواية
القالب الأحادي
بينما أعزى العتوم سبب انتشار رواياته وأعماله الأدبية والإقبال عليها يرجع لسبب رئيس يتمثل في أنه ينبش قلب القارئ عن إنسانيته بغض النظر عن الاعتبارات الدينية والعقدية والعرقية وما نحوها، وتابع بالقول : إني في رواياتي حرصت على الذهاب إلى الإنسان فالخروج من الأيديولوجية الضيقة هو أول أسباب نجاح أيّ روائي وأديب لذا لا أجدني ميّالا لوسم نفسي بالأديب الإسلامي أو محارب الإيمان، ويعتقد العتوم أن الأديب إذا ما صنّف نفسه فقد حوصر في دائرة ضيقة مما يُجعل الكثير من القراء ينصرفون عن قراءة ما يكتب.
القيم الإنسانية في روايات العتوم
وأكد العتوم في المقابل قائلا : ما فائدة أن يسمعني الإسلامي الذي يشبهني أو أن أقرأ للإسلامي الذي يشبهني نعم هو جزء من المرحلة لكنه ليس كل المرحلة هو السلسلة من حلقة طويلة لكنه ليس السلسلة، وأضاف العتوم بالقول : إنني أستهجن وأرفض المسميات المطلقة والأدلجة والأجندات، إذ علل العتوم أن مسألة الانتماء للحزب وللجماعة أو لفكرة واحدة تُحجّم من دور الفرد وتُحجِّر من حظوظه في التطور، فيما أضاف العتوم بالقول: إن ما دفعني لتبني الكتابة هو أنّي أحمل مشروعا رؤيويا فلا أكتب بعفو الخاطر أو بناءً على ما يطلبه الجمهور أو ابتغاء تحقيق مبيعات عالية، ومعالم مشروعي هذا أنني أحمل جملة من المُثل والقيم الإنسانية العليا لا يختلف عليها أحد مهما كانت خلفيته الدينية أو اللادينية فهذه القيم تتجاوز الأديان.