من مواليد مدينة درنة في آخر الأربعينات حيث نشأت وتعلمت صنوف المعرفة في بيت يجلّ المعرفة تلقيت أبجدية الاهتمام بالقراءة حيث والدي كان معلماً من الرعيل الأول وكان يمتاز بأصالة النظر العقلي ، متعمقاً في التعليم وله الفضل الأول في فتح باب الثقافة وتحصيل المعرفة إذ كانت له مكتبة عامرة بالكتب والمجلات المتنوعة كمجلة الهلال المصرية فكنت أقرا شتى الموضوعات في الأدب والفكر السياسي ومبكراً بتشجيع منه موضوعات مختلفة تركت أثراً عميقاً في ذهني مما جعلني أمتلك قدراً لا بأس به من التعليم والثقافة وقليل من ذلك الغنى والتنوع الثقافي والسياسي الذي كان في متناول والدي.
التحقت بالمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية ومن الإعدادية كان لدي ميل إلى الكتابة والانخراط في نشاطات ثقافية بسيطة ولكنها ممتعة كإصدار ” جريدة حائطية ” وخاصة في الثانوية ثمّ في نادي ” دارنس ” وهي جميعاً بدايات متواضعة بجهد ومجهود كبيرين . كانت تلك المرحلة بالغة الأهمية ولم أكتب عنها بعد ( أذكر أنني ومجموعة من الشباب قمنا بتأسيس رابطة ثقافية أطلقنا عليها أسم ندوة الصداقة تهتم بقضايا الفكر والمسرح والسياسة ).
انتقلت إلى الجامعة في بنغازي وهذه كانت فاتحة عالم آخر مختلف أنواع المعرفة التي أتاحتها لنا المراكز الثقافية الليبية والمصرية للاطلاع على بعضٍ من الكتب والمجلات من مختلف الدول العربية . فقد كانت مرحلة تعلمت فيها أكون على خلاف مع الواقع السياسي الرسمي ، كانت مرحلة بحث عن صيغة من الحراك الثقافي تتجاوز النمط التقليدي إذ كان البلد يمر بمرحلة تاريخية كانت جديرة بالتمعن والتدقيق وهي الأخرى لم أكتب عنها إلا اليسير ) . مرحلة كان النظام السياسي يجدف نحو الهشاشة على كافة المستويات .
في الجامعة ساهمت في نشر بعض القصص على صفحات ” جيل ورسالة ” ، في السنة الثالثة قمت بتحرير نشرة صباحية في كلية الاقتصاد وكانت تعني بشؤون الطلبة وقضايا مختلفة . وفي السنة الأخيرة في الجامعة قبل رحيلي إلى أمريكا أصدرنا مجلة تعني بشؤون الفكر وكان من المساهمين مجموعة من الطالبات والطلبة وسُميت ” مجلة الفكر” غير أنْ كل المساهمين فيها أما كان معيداً أو على أبواب التخرج فكان ذلك العدد الوحيد حسب علمي وأذكر أنْي ساهمت فيها بمقالة عن رواية الطيب صالح ” موسم الهجرة إلى الشمال ” .
بعد ذلك عُينت معيدا بكلية الاقتصاد ( 1975) وفي نفس الفترة تمّ تكريم الطلاب الأوائل وكنت أحدهم غير أنْها كانت مناسبة تاريخية أنْ التقي بها مع الوالد حيث تمّ تكريمه باعتباره من الرعيل الأول في التعليم الليبي ومن الأوائل الذين ساهموا في بناء التعليم في ” درنة” وكانت أعظم حدث بالنسبة لي أنْ بانْ يُكرم والدي وأكرم في نفس المناسبة في ذات” عيد العلم ” . كانت من أثمن اللحظات إذ الاعتراف الثمين لما انجزه الرعيل الأول في مسيرة التعليم في البلاد.
بعد ذلك أنتقلت إلى امريكا لدراسة الاقتصاد وفي الفترة بعد التخرج ساقني الدهر إلى الانضمام مبكراً في أحد فصائل المعارضة فساهمت في الكتابة في مجلة التنظيم لسنوات عدة بالضافة إلى مساهمات في صحف عربية وفي كلا الحالتين كنت استخدم اسماء مستعارة. في البداية كانت مرحلة مدهشة وغنية للمشاركين فيها وخاصة فيما يتعلق بالوطن والمشاريع المحالة للمستقبل. غير أنها لاحقاً تحولت إلى مجموعات ضيقة (اولاد البلاد).
في سنوات لاحقة اكتشفت الخطأ الكبير بانضمامي لهذا التنظيم إذ كان هدراً لأفضل سنوات عمري فعكفت على الكتابة الخاصة ومن أهم هذه الكتابة كتاب عن الميثولوجيا الاقتصادية في أواخر الثمانينات وفي بداية التسعينات كتبت العديد من المقالات في نقد الخطاب السياسي للمعارضة الليبية بخط اليد وكنت أقوم بتوزيعها على بعض الأشخاص ثم وضعتها في كتاب وكلا الكتابين مازالا في حوزتي ولم يتم نشرهما. ( مكتوبة بخط اليد)
خلال هذه الفترة انشغلت في العمل وفي كتابة بعض القصص القصيرة و معظمها بخط اليد و في سنوات لاحقة بدأت أعيد صياغتها كما كتبت عدة مقالات في موقع ” ليبيا و طننا” باسم مستعار وفي عام 2010 بدأت في كتابة سلسلة من حكي تتعلق بمدينة درنة و أسميتها ” مرايا السحائب” إذ من العنوان كنت أعني يمكن قراءتها بعدة معانٍ و استخدمت هذا الاسم ” رجب محمود دربي” للتعبير عن أهمية ” رجب و محمود دربي” فالأول خدم درنة بكل إخلاص و ساهم في إنشاء ” نادي درنس ” حتى بعد العمل جلّ نشاطه كان في النادي و هو الذي جلب التلفزيون و جاء بالإبراهيمي مدرباً للنادي و الذي كان مشرفاً على أن ينال النادي بطولة الدوري حتى تنظيف النادي كان يقوم به ، ولم تقال في حقه كلمة شكر واحدة وكان ذلك تجاهلاً من مدينة درنة لصنيع هذا الرجل ، أما الثاني فـ ” محمود” وهو كان من الرعيل الأول في التعليم وله باع طويل في التعليم من العمل في سلوق عندما كان عمره 17 سنة حتى مرّ على مدارس كثيرة مثل مدرسة شحات وقاد جنازة صديقه عبدالكريم جبريل و أمضى كل عمره في التعليم و الخدمات الإنسانية ولم تكرمه مدينة درنة حياً أو ميتاً ( عندما كان حياً في منتصف السبعينات تمّ تكريم الرعيل القديم بينما تجاهلت درنة تكريمه ، بعدها بأسبوع واحد جاءه تكريم من الدولة وهو تكريم للرعيل الأول في ليبيا و قد قابلته هناك في عيد العلم حيث كُرمت في نفس اليوم) ، لذا اخترت الاسم أنْ يكون” رجب محمود ” . كتبتُ 6 أجزاء ونُشرت في ليبيا وطننا وليبيا المستقبل خلال عام 2010م.
مع مشاغلي في العمل و في السياسة و مع بداية 17 فبراير كتبت مقالات كثيرة واحتفظت بالاسم ” رجب محمود ” وكنت أنشر في ” ليبيا الجديدة ” و “ليبيا المستقبل” و “المنار” و ” الوطن الليبية وهذه بعثت لها مقالة عن محنة دستور 1951 من أربع أجزاء لم تنشر إلا جزئين ) و نشرتُ في ” ليبيا اليوم ” ونشرت مقالة في “بلد الطيوب” بعنوان ” قمران ” باسم ” رجب محمود” وثمّ ساهمت في الكتابة على موقع ” ليبيا المستقبل ” و أخيراً بدأت بعد أنْ جاوزت السبعين من عمري الكتابة على موقع ” بلد الطيوب ” ، أنشر مقالات مختلفة و قصص قصيرة .