“مملكة يسودها الصمت،
الصمت الذي لا يعكره شيء
لا عصفور ولا ذبابة
ولا حتى حشرة
لا كائن حي على الاطلاق“
على هذا النحو يقدم “جاك لورين” كتاب (ملحمة فزان) للقائد العسكري الفرنسي “بول مويان” الذي قاد الحملة الفرنسية على فزان في الحرب العالمية الثانية واصفا المفازات التي عبرتها قواتهم من تشاد باتجاه الجنوب الليبي.
على عكس الجنرال “غرتسياني” في زحفه نحو فزان من الشمال الى الجنوب تنطلق الحملة الفرنسية من الجنوب باتجاه الشمال.
ما يوحد بينهما غير هدف الاستيلاء على فزان هو قوة المقاومة التي كان عليهما الاستعداد والتجهيز لمواجهتها والانتصار عليها، بالطبع لم تكن مقاومة الليبيين كما قد نتخيل، المقاومة المخيفة بالنسبة لهم كانت مقاومة الجغرافيا، كانت الصحراء والعطش، فكما كان “غرتسياني” وهو يتوجه نحو الجنوب، نحو “الكفرة” يعرف مات عانيه المقاومة الليبية من ضعف وانهاك، كان الجنرال الفرنسي وهو يتجه شمالا يعرف انتهاء المقاومة الليبية في الجنوب الليبي ويعرف ان الإيطاليين ورغم كل حصونهم المتناثرة في واحات الجنوب يعانون انهاك حروب الشمال هم وحلفاؤهم الالمان لذا كان الاستعداد والتجهيز الاهم بالنسبة له “كما كان للطليان” لمواجهة الصحراء وجيوش مملكة الصمت القاتلة.
في هذه “الملحمة” وكما يكتبها الجنرال الفرنسي نتابع شراسة مقاومة هذه المملكة، جيوش الرمل وهي تتسلل كقوى انتحارية الى محركات العربات لتدمرها، جيوش الحصى وهي تمزق اقدام الغزاة، كيران القبلي وهي تعصف بهم، جيوش لهب الشمس الحارق وهي تحرقهم.
الفرنسيون القادمون من الجنوب ينتصرون رغم شراسة المقاومة على جيوش الرمل والحصى بمعداتهم الحديثة التي صنعها وطورها انسانهم، ينتصرون على الجغرافيا التي هج ابناؤها وتركوها وحيدة في المواجهة، يدخلون الكفرة ومرزق ويصلون الى غدامس وطرابلس مع حلفائهم الانجليز بعد ان يتراجع الالمان والطليان، لتكون فزان وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية حصتهم من كعكة ليبيا اذ ذاك، لتكون الملحمة ملحمتهم والانتصار الملحمي انتصارهم على فزان المخذولة عبر كل التواريخ.
* بكل اسف الكتاب لم يترجم الى العربية.