إنه شخصٌ استثنائيٌّ.. مختلفٌ حدَّ التقزُّزِ.. هو ذلك الذي انتفضَ آمرًا أهلَ العرسِ حين سقطت طاسة شاي فانكسرَت قائلاً في حكمةٍ بليغةٍ ” ما توقفوش العرس.. خلُّوا الأمور تمشي ” فغدت مثلًا..!!
إنه شخصٌ مثيرٌ للانتباه بطرائقَ مختلفةٍ، طرائقَ سمجةٍ واعتباطيَّةٍ وعبثيَّةٍ، مثيرٌ للعواصفِ من نسمةٍ عابرةٍ، مثيرٌ للفوضى، لكنَّهُ أكثرُ إثارةِ للشفقة عليهِ من كلِّ هذا..
الشوراخ.. يخرج من مكانٍ غير منظورٍ، كما يقولُ معلقِّو الكرة، يخرجُ في كلِّ الأوقاتِ ليعلنَ عن حضورِه.. ، وهو حضورٌ – غالبًا – ما يثير سخط النَّاسِ عليه، واستصغاره.. مجرَّد الحضورِ ولو كانَ فاضحًا ومأسويًّا، ومثيرًا للتأفُّفِ منه، هو تمامًا كحضورِ الصُّراخِ تعبيرًا عنِ الألمِ، أو القيء تعبيرًا عن إصابة المعدة ببكتيريا ضارَّة..
الشوراخ.. لا ينتبه له أحدٌ إلا إذا لجأ للشورخة، واستخدم إمكانياته العالية في الإعلان عن وجوده، كأن يأتي متأخِّرًا في صلاةِ الجمعَةِ ويشقُّ الصفوفَ، ويتخطَّى الرقاب، حتى يقفَ بالصَّفِّ الأوَّلِ.. ثم ينظرُ يمنةً وشمالاً ويتنحنح مرتين أو ثلاث ليطمئنَّ على أنَّ الجميعَ قد شاهدوه.. ثم يكبِّر للصلاة..
الشوراخ.. يمكن أن يقفَ رافعًا صوته، معارضًا الخطيب، أو منبِّهًا الإمام، أو داعيًا إلى أمرٍ ما، دائمًا لا يعنيه.. وموش في محله أبدًا.. في إطار الشورخة..!
الشوراخ عالي الصَّوتِ جدًّا.. وهذا مهمٌّ للفت الانتباه إليه، فهو يوقنُ جيِّدًا أنَّ لا أحدَ يسمعُهُ.
الشوراخ يمكن أن يقف في المقبرة.. ليقول أي شيء: هاتوا رملة.. اسمينتوا.. الفاتحة يا جماعة.. ديروا طابور.. اللِّي حضر عزَّا.. المهم حقُّوني وخلاص..!!
وهو كثيرُ التَّلفُّتِ لأنَّهُ يعتقد أنَّ أحدًا لا يراه.. من مؤهلاتِهِ الشورخيَّةِ الصراخ وإثارة الضجيج، وإثارة الفتنِ في كثيرٍ من الأحيانِ، الشوراخ يملك جرابًا مملوءًا بالعصيِّ، عصا القبيلة ليتكئ عليها عندَ الضرورةِ، فهو في الحقيقة لا قبيلةَ له في هذا البلد، وعصا الوطن إن كان عليه أن يزايد على أهل البلد الأصليِّين.. وعصا الدين إذا كان لزامًا أن يخوض في فتوى ما.. أو عصا الشهادة، ليزعمَ أنَّ شعبًا كاملاً من أهله وأبناء عمومته شهداء.. وهو في الحقيقة لا ينتمي للشهادَةِ بقطرة دمٍ، ولا بنقطة مسكٍ، ولا للحربِ ولو بسماعِ جلجلتها..!!
الشوراخ حريصٌ على تأكيدِ صفتِهِ النادرة، بـ (تكبير الشورِّخ)، فإن دخلَ أيَّ مكانٍ يقلب الدنيا، فهو يكبِّرُ الأشياءَ بمكبِّرٍ من نوعيَّة تلكم التي يمكنها أن ترصدَ حركة نملة على سطح القمر، إن وجدت هناك طبعًا..!
الشوراخ يعرف كلَّ شيءٍ ، وأي شيءٍ ، ويفتي في كلِّ شيء، ويعاند في كلِّ شيء.. ويمكنه تحليل أي شيء وتسفيه أي شيء.. بدءًا من طريقة عمل (الزميتة) وانتهاءً بالمركبات الفضائيَّة، نعم، إنه يعرفها فهو يركبها في رحلاته الشورخيَّة اليوميَّة..
أحاديث الشوراخ تتناول كلَّ شيء بسذاجةٍ مطلقةٍ، وسطحيَّة بالغةٍ، فهي عن الأدبِ والفنِّ والكرةِ، والعولمة وسباق التسلُّح، والحرب الباردة، والبورصة العالمية، وثقب الأوزون، والمسيخ الدجَّال.. ومليون موضوع آخر.. وكلُّها ليسَ له عنها فكرة واضحة..!
الشوراخ مريضٌ، والمرضُ تاجٌ على رأسه لا يراه.. بينما يراه الأسوياءُ غيرُهُ، غيرُ الشوراخة..
الشوراخ كائنٌ نرجسيٌّ، يقفُ أمامَ مرآته طويلاً عشرات المرات في اليوم ناظرًا إلى وجهه، ليطمئنَّ على مؤهلات الشورخة عنده، يتفقَّدها عنصرًا عنصرًا ويمضي إلى عالم الشورخة بكلِّ ثقةٍ.
الشوراخ يفتعلُ مشاكلَ لا يحلُّها سواه، ليس لعجز الآخرين، وإنما لأنها تعني غيرَه..!!
الشورخة فوضى عارمة، فوضى خلَّاقة، وهدَّامة، ومربكة، هي فوضى الفوضى..!
الشوراخ… أخٍّ منه ومن شورخته التي تشرخ القلب، إنها تملك خاء الأوساخ والأكواخ والأفراخ، والأسباخ..!
والشورخة ليست حكرًا على أحدٍ، فقد يكون الشوراخ مواطنًا بسيطًا مغمورًا، مغمورًا بالشورخة حتى أخمص قدميه.. وقد يكون إنسانًا متعلِّمًا، وقد يكون شيخ قبيلة يتعب قبيلته بما يثيره من فوضى، وقد يكون مسؤولاً معتبرًا ينزف شورخةً.. ومنهم ساسة وزراء وحكَّامٌ وملوك ورؤوساء دول. كم أنها ليست مقتصرَةً على الذكور، ثمَّة كبار الشوراخات..
وليست الشورخة محكومةً بزمنٍ معيَّنٍ، فلكلِّ زمنٍ شوراخوه..
والحديث عنه يطول بلا انتهاء.. ولا شكَّ أنكم تعرفون كثيرًا من صفاتهم وتصرُّفاتهم وعاهاتهم.. ويمكن أن تضيفوها وأنتم تتذكَّرونهم من الأهل والأصدقاء وزملاء العمل والمشاهير..
وسأتوقَّف..!!!
فقد شعرت أن حديثي عنهم _ وهم لا يستحقونه – قد يراه بعضكم (تكبير اشورِّخ)..
المنشور السابق
المنشور التالي
جمعة الفاخري
جمعة سعيد محمَّد الفاخري. شاعرٌ وقاصٌّ وصحفيٌّ ومذيعٌ وإذاعيٌّ ، وباحثٌ في المأثور الشَّعبيِّ. مـواليـد : 1966م. اجدابيا / ليبيا. رئيس تحرير صحيفة المأثور الشعبي. مستشارٌ ثقافيٌّ للرَّابطةِ العربيَّةِ للقصَّةِ القصيرَةِ جِدًّا، وهو عضوٌ مؤسِّسٌ ونشطٌ بها. عضو لجنة الحكماء والعقلاء ببلديَّة اجدابيا ـ سابقًا. عضو لجنة الخبراء باجدابيا.
أعدَّ وقدَّم البرامج التلفزيونيَّة للتلفزيون الليبيِّ مرئيًّا: برنامج (ميعاد أجواد) جزءان. برنامج (من ذاكرة راوٍ) جزءان. برنامج (مقارناتٌ شعريَّةٌ). برنامج (في رحابِ قصيدَة). برنامج (مساء الوطن) برنامجٌ أدبيٌّ مسموعٌ يُعنى بأدب الثورةِ، عبرَ أثيرِ إذاعتي: الجبل الأخضر المحليَّة، واجدابيا الحرَّة المحليَّة). أعدَّ وقدَّمَ برنامج (بريدُ الثُّوَّار) برنامجٌ أدبيٌّ مسموعٌ يُعنى برسائل المستمعين للثُّوَّار في الجبهات أثناءَ الأيَّام الأولى للثورة. أُذيعَ عبرَ قناةَ (ليبيا الحرَّة) المسموعة بالجبل الأخضر. أعدَّ برنامجَ (دروب وطيوب) برنامجٌ مسموعٌ قدَّمتْهُ الإذاعيَّةُ عزيزة عبد المحسن. قدَّمَ برنامجَ (رحاب فصيحة) برنامجٌ مسموعٌ قدَّمته إذاعة اجدابيا المحليَّة، من إعداد الدكتورة إبتسام عامر. أَعَدَّ وقدَّمَ بعضَ التحقيقاتِ المرئيَّة. عَمِلَ مُحَلِّلاً سياسيًّا مع قناة الحدث الفضائيَّة أثناء ثورة فبراير. عَمِلَ مراسلاً لقناةِ (بلادي) الفضائيَّة أثناء ثورة فبراير. أَعَدَّ ودرَّسَ في دوراتٍ تدريبيَّة لرفعِ كفاءَةٍ الإذاعيِّين والإعلاميِّين، بمدن البيضاء، اجدابيا، جالو، طرابلس. كما أَعَدَّ ودرَّسَ دوراتٍ في دقائقِ اللُّغةِ العربيَّةِ، والأخطاءِ اللُّغَوِيَّةِ الشَّائِعَةِ، وفنِّ الإلقاءِ.
غنَّى لَهُ كثيرٌ منَ المطربين والمنشدينَ قصائدَ فصيحةً وعامِّيَّةً، منها قصيدة هي ليبيا، وطني، قلوب للوطنِ، وطن الفوارس، إلى أمِّي، أميرة ذاتي، كن قريبًا، رسالة من شهيدٍ، من شهيدٍ لأمِّه، تفوُّق، يا بلادنا (ملحمة غنائيَّة وطنيَّة) مشاغيل، عدِّي الملامة، نهديلك في عيدك زهر.).وغيرها.
المُؤَلَّفَاتُ الأدبيَّةُ: 1 ) صفرٌ على شمالِ الحبِّ " مجموعةٌ قصصيَّة ". 2 ) رمادُ السَّنواتِ المحترقَةِ "مجموعةٌ قصصيَّة". 3) اِمرأةٌ متراميةُ الأطرافِ مجموعةٌ قصصيَّة. 4) اِعترافاتُ شرقيٍّ معاصر. ديوان شعر. 5) حَدَثَ في مثلِ هذا القلبِ. ديوان شعر. 6) شيءٌ من وهجِ القلبِ. "تأمُّلاتٌ في الأدبِ والحُبِّ والحيَاة". 7 ) عناقُ ظلالٍ مراوغَةٍ. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 8 ) توقيعاتٌ على وَجْنَةِ القَمَرِ. ديوان شعر. 9 ) تقمَّصتني امرأةٌ. " ديوان شعر ". 10 ) التَّرَبُّصُ بوجْهٍ القمرٍ. مجموعة قصصيَّة. 11 ) رفيف أسئلةٍ أخرى. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 12 ) ربيعٌ على جناحي فراشة. خطراتٌ أدبيَّة. 13 ) حبيباتي. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 14 ) أسيرُ بقلبٍ ملتفتٍ. شَذَرَاتٌ جَمَاليَّةٌ. 15 ) مراسِمُ اقترافِ وطنٍ. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 16 ) ظلال ومرايا. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 17 ) عِطرُ الشَّمسِ قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 18 ) قَهْقَهةٌ شَهِيَّةٌ قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 19 ) عصيرُ ثرثرةٍ قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا. 20 ) سطرُ روايتي الأخير قصصٌ قصيرةٌ.
التَّكريماتُ/ منحتَهُ الخرطومُ عاصمةُ الثَّقافَةِ العربيَّةِ 2005 ( درع الثقافة العربيَّة ). كرَّمتْهُ صحيفة أخبار اجدابيا بدرع التَّميُّز.. كرَّمَهُ ملتقى القصَّةِ القصيرةِ جدًّا بحلب في دوراته ( 5/6/7/8). كرَّمهُ ملتقى القصَّةِ القصيرَةِ بالرَّقَّةِ - سوريا، في الملتقى العربي للقصَّة القصيرة 2009م. كرَّمَهُ نادي الاتحاد الرياضي بدرع 2010 م. اختاره موقع بلال الثقافي بالبيضاء شخصيَّةَ العام الثقافيَّة بليبيا 2010 م. كرَّمَهُ فرعُ المؤسَّسَةِ العَامَّةِ للثَّقَافَةِ بالمنطقةِ الوسطى 2010 م. أهدى إليهِ فرع كشافة اجدابيا درعًا تذكاريَّةً في الذِّكرى الخمسين لتأسيس الحركة الكشفيَّة ، 2009م. كرَّمه المهرجانُ الوطنيُّ للإبداعِ الثَّقَافِيِّ المغاربي ، تونس 2014م. كرَّمته جامعة الحاج لخضر بباتنة - الجزائر 2014م. كرَّمته جمعيَّة شروق الثقافيَّة بباتنة – الجزائر2014م. فضلاً عن تكريماتٍ أخرى من عددٍ كبيرٍ من مؤسَّساتٍ ثقافيَّةٍ وتربويَّةٍ، ومهرجاناتٍ وملتقياتٍ أدبيَّةٍ وفكريَّةٍ محليَّةٍ وعربيَّةٍ.
الدِّراساتُ والأبحاثُ / أُجْرِيَتْ على إبداعِهِ القصصيِّ والشِّعريِّ دراساتٌ أكاديميَّةٌ عدَّةٌ في جامعاتٍ ليبيَّةٍ مختلفةٍ ، فضلاً عن دراساتٍ وأبحاثٍ أدبيَّةٍ أُخْرَى.. أصدرَ عنه الدكتورُ مسلك ميمون كتابًا نقديًّا عنونَه بــ( إواليات التَّخييل في قصص جمعة الفاخري ) 2014.
التَّرجماتُ / تُرْجِمَتْ بعضُ قصائدِهِ وقصصِهِ للِّغةِ الإنجليزيَّةِ، وتُرْجِمَ ديوانُهُ (اعترافاتُ شرقيٍّ معاصرٍ ) للفرنسيَّة. كما تُرْجِمَتْ بعضُ نصوصِهِ الأدبيَّةِ للِّغَةِ السُّويديَّةِ والفارسيَّةِ والفرنسيَّةِ والإنجليزيَّةِ والأمازيغيَّةِ.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك