من بعض الوجوه
لا أحد يعرف أكثر من الليبين أنفسهم بأنّ حالة البلد تظل على ما هي عليه مادام ليس لها سلطة سياسية دستورية موحدة لا تزري بفكرة السلطة، وستبقى على ذات الحال إذا ما ظلت السلطات الحالية الإنتقالية الهشة منفردة بالإشتغال في السياسة المفرطة في العبث لغايات لا تتعلق بأمن هذا البلد واستقراره وتقدمه و اِزدهاره بل بالإشتغال في تنافس محموم للتشبث بالسلطة لكسب الغنائم والنفوذ استمراراً في الفوضى والفلتان والإستهتار بمستقبل البلد.
تفرق الناس وتناثرهم
فقد الإنسان الليبي قدرته على إدارة أزمته وعلى جميع الصعد السياسية والإجتماعية ، وناله العجز على أن يجد عند جيرانه الحلول لمشاكله المتفاقمة فوجد نفسه يهيم في الهواء المترب كالمعزول ، فأخذ يشعر بالعجوزة والإضطراب في الفعل والقول ، وغدا يشعر بفقدان الثقة في الساسة والمثقفين والعسكريين وفي الماليشي والملتحي الديني فلجأ إلى جالب المسرات الـ “انترنت ” والسّْلْفي و ” الميديا الإجتماعية ” للتسلية والهرب من وضع البلد المرير، فتغاضى عن قضاياه الكبرى التي ترتبط بكيتونته بالعيش في كيان سياسي منظم ، وفتح باب العبط والمشاكل مع أقرانه على النت وازداد عشقه لذاته على صفحات ” الفيسبوك”. ولولا هذه الحركة الفياضة واسعة الإنتشار على النت لذهبت سعادة الإنسان الليبي هباءً منثوراً.
حكومة البشائر
إن فكرة السياسة في الوضع الليبي تظهر جلياً بدرجة كافية. وبعبارة أخرى لابد أن يعترف المرء بأنّ: ” من ليبيا يأتي الجديد” دوماً. وموضوع السلطة والحكم ممكن أن ينير لنا بعض الحلول للأزمة الليبية. ففي عرضٍ على الـ ” يوتوب ” لا يخلو من عبث فيه عزيمة واصرار يخاصم فيه المتحدث ذاته ويخاصم بقية الساسة على السلطة إذ ترى وتسمع عن المتحدث ما يشبه أمر البطولة الجامعة لذاتها أسباب القوة والمناعة والخيال الفسيح ووتستشعر في هذا اليوتوب حرارة التوتر. لا ريب لقطةٌ تحتاج للتأمل: ” إنّي والله.. إنّي أتكلم بهيبة ملك الملوك.. قائدٌ مُقيد بحكمة العزيز المعز.. ناصرٌ، مستنصرٌ بقوة العزيز الجبار.. فارسٌ متفرسٌ بعزة من القدير العظيم، شاهراً سيفي للحق منتصراً بإذن الله.. ثقة معززة مظفرة.. ومدد ونصرة وهيبة وسلطان وملك الملوك ” وفي نفس اليوتوب يقول عن نفسه بأنّه: ” حاكمٌ مُتحكم للحق.. كونوا ملوك حق وإنّي لكم من المنذرين “. هكذا كانت الكلمات للعلو ولابد من سلطة مهيبة كي يأتي الخلاص لليبيا ولابد أنْ يكون على يد ” الفارس المتفرس” الجامع لنفسه لذائذ حاكمٍ يظهر: ” بهيبة ملك الملوك “. أليست هذه من بشائر انبلاج ” الحق” وسط الزحام؟