” فرحة العمر لا تضاهيها أي فرحة مهما كانت قيمتها و مدى الاحتياج إليها.
الليلة هي آخر ليالي صباها. وداعا لبيت العائلة الحاضن لذكريات وأيام جميلة.
جميعهم فرحين لفرحها ويتمنون لها حياة زوجية هادئة سعيدة، هي أيضا رجت من أعماقها أن تزهر أيامها القادمة بهجة وسرورا.
الجدة كبيرة العائلة لم تتوان عن المشاركة والتعبير عن فرحتها بزواج حفيدتها الأولى رغم المرض والعجز. اشترطت أن يقام حفل الزفاف في بيتها، هي من المحافظين على العادات والتقاليد، تؤمن وتثق بها ثقة عمياء. من العار عليها أن تترك حفيدتها تحتفل خارج البيت.
استقبلت العروس بزغاريد طويلة ورقص وغناء.
طلبت من العروس بسط كفيها، رسمت فوقهما خربشات ولسانها يشيع للكفين تمتمة ثم رشتهما بريقها طارحة بركة الأجداد، وقبل جلوسها خنست في أذنها بكلمات ابتسم لها الثغر.
لم تمل الجدة الدوران بالمبخرة على الحاضرين طوال السهرة طاردة لعيون الحسد والمكيدة، و حين حان موعد رحيل العروس لبيت زوجها كسرت جرة الفخار أمامها، لم يكفها الفاصوخ لإبعاد العين و الجرة لزيادة الطمأنينة!
سعادة تعانقها لمشاركتها في مراسم العرس وتوديع موكب العروسين بزخ الماء وأهزوجة تدعو للحفظ والأمان.
*
صرخت العجوز في حفيداتها الصغيرات ” توقفن عن التنظيف فورا “.
ادهشن من طلبها وسألنها عن السبب فأجابت: “إنه فأل سيء على العروس”.
ضحكن ولم يكترثن لقولها، أكملن التنظيف والغمز إشارة بينهن.
*
لم يمض أسبوع على زواجهما حتى شب شجار بينهما لسبب تافه. لقد وقع ما كانت تحذره، عادت العروس لكنف العائلة مكسورة القلب، فيما جمعت الجدة حفيداتها موبخه: “بفعلكن الأحمق و عصيانكن لأمري هدمتن فرحها “.
بعد فوات الأوان أدركن فداحة تصرفهن وعرفن قيمة حكم الكبار وبركاتهم و مدى تأثيرها قي الحياة …”.