الروائي د.أحمد إبراهيم الفقيه
حوارات

الروائى الليبى احمد ابراهيم الفقيه أعمــالى كلهــا حصاد الغــــربة

حوار: عماد عبد الراضى

هو أحد أصحاب الفضل فى وضع الرواية الليبية على خريطة الإبداع العربى، فبالإضافة إلى غزارة إنتاجه الذى بلغ 81 عملا إبداعيا، هو صاحب أطول رواية فى تاريخ الأدب العربي، كذلك فقد نجح فى تصوير البيئة الريفية والصحراوية الليبية فى أعماله، ناقلا للقارئ العربي صورة أدبية عن المجتمع الليبى الذى لا يعرفه الكثيرون..لهذا وكثير غيره كان لصفحة “ثقافة عربية وعالمية” هذا الحوار معه.

الروائي.. أحمد إبراهيم الفقيه
الروائي .. د.أحمد إبراهيم الفقيه

> فى كتابك “القذافي البداية والنهاية” تحدثت عن طرابلس .وقد وصفتها من قبل فى رواية “نفق تضيئه امرأة واحدة” بأنها “المدينة الحائرة التي لم تعد قرية ولم تصبح مدينة، لا هي شرقية او غربية، لا تعيش في الماضي او في الحاضر”.. ويقول البعض إن ما وصفت به طرابلس ينطبق على الكثير من المدن الليبية.. فلم ذكرت طرابلس بالتحديد؟
طرابلس هى المعادل لليبيا، أو هى ليبيا، ففى العهد العثمانى كانت ليبيا كلها تسمى ولاية طرابلس، فأنا حينما أتحدث عن طرابلس فإنى أتحدث عن حالة ليبية بامتياز، فهى البوتقة التى انصهرت فيها كل عناصر الجغرافيا والتاريخ والحضارة الإنسانية فى ليبيا، فأنا فى الرواية تحدثت عن طرابلس، وطرابلس تجسد ليبيا.

> الرواية الليبية تتمثل فى أحمد إبراهيم الفقيه وإبراهيم الكونى وصالح السنوسى وخليفة حسين مصطفى.. فهل وجود أربعة روائيين فقط يكفى لوضع الرواية الليبية على الخريطة العالمية؟

بل يكفى وجود روائى واحد، كما حدث فى كولومبيا التى اشتهرت بانتماء ماركيز لها، وأيضا إسماعيل قدرى فى ألبانيا. فبروز روائي واحد يمكن أن يضع الدولة التى ينتمى إليها على طريق العالمية.

> واجهت اتهاما من بعض الجهات الثقافية المصرية بعد الثورة الليبية بأنك كنت تابعا لنظام القذافى.. كيف تلقيت هذا الاتهام؟

هذا حدث نتيجة خلافات داخلية فى إحدى الصحف المصرية، وقد تم استخدام اسمى فى هذا الصراع، والحقيقة أنى أكثر كاتب ليبى التحم بالثورة منذ اليوم الأول لتفجرها، وأتحدى أن يوجد كاتب فى ليبيا سخَّر قلمه لها كما فعلت.

> أجدت وصف البيئة الليبية فى أعمالك الإبداعية.. وكاتبنا الراحل نجيب محفوظ كان يرى-مع آخرين- أن الإغراق فى المحلية هو جسر الوصول إلى العالمية.. ما تعليقك؟

هذه المقولة تستحق أن تكون قاعدة فى الأدب. فالأدب قائم على قدرة المبدع على الغوص فى الواقع, وهذا الغوص لن يتأتى إلا فى البيئة التى عاش فيها وامتزج بها. لكن فى الوقت نفسه هناك عنصر إنسانى مهم فى التعامل مع البيئة بمفرداتها المختلفة، وهذا العنصر هو الصلة التى تربط الإنسان بالإنسان أو الجوهر الإنسانى، وهذا شئ عابر للأزمنة والأمكنة.

> فى قصتك “مرايا فينيسيا” التى صدرت مؤخرا تماهٍ ملحوظ مع قصة يوسف إدريس “السيدة فيينا”.. وكلتاهما تؤكد أن الشرق لن يمتزج أبدا بالغرب.. فهل قصدت هذا التماهى؟

أنا أنتمى إلى نفس المدرسة التى بدأها يوسف إدريس، وهو أستاذ جيلى بأكمله، وأفخر بأى تماثل بينى وبينه، لكن هذا التماثل لا يصل لأن يكون محاكاة، فأنا لم أقصد أبدا التأكيد على عدم إمكانية امتزاج الشرق بالغرب. على العكس فإن الجزء الأول من الثلاثية كان فيه نوع من التواصل واحترام الاختلاف بين الشرق والغرب.

> تعالت بعض الأصوات تنتقد الإسهاب فى قصص مجموعتك “مرايا فينيسيا”.. فهل تأثرت بتجربتك فى كتابة الروايات الطويلة أثناء كتابتك للقصص القصيرة؟

أنا بدأت بكتابة القصة القصيرة وحققت الاعتراف فى العالم العربى بأعمالى القصصية قبل أن أدخل مجال الرواية، ومن الوارد أن يؤثر فن منهما على الآخر، لكن ليس من جهة الإسهاب ,لأن جهازى الإبداعى تكون على القصة القصيرة، وهى مبنية على الاختصار فى كل شىء.

> أنت صاحب أطول رواية فى تاريخ الأدب العربي وهى رواية “خرائط الروح” ذات الطابع الملحمي التى تتكون من 12 جزءا، فهل قصدت وقت كتابتها أن تكون أطول رواية عربية؟

كان فى ذهنى تصور لرواية من أربعة أجزاء لأنى كتبت ثلاثية من قبل وهى ثلاثية “سأهبك مدينة أخرى, هذه تخوم مملكتي, نفق تضيئه امرأة واحدة”. ولم أرد تكرار الثلاثية حتى لا أسبب نوعا من الارتباك للقارئ العربي الذى قرأ ثلاثيتى، فأردت أن تكون رباعية، ولكن من خلال الكتابة وجدت أن كل أجزاء الرباعية تحولت إلي ثلاثية منفردة، فتحولت الرواية من رباعية إلي اثنى عشرية.

> أظهرت جائزة البوكر أصواتاً روائية متميزة على الساحة العربية، مثل ربيع جابر وسعود السنعوسى وأحمد سعداوى وأمير تاج السر ومكاوى سعيد وغيرهم.. ما تعليقك؟

لابد أن نضع هذه المسابقات فى إطارها المحدود جدا، لأن هناك من يعتبرونها المقياس الذى يعرفون منه جودة الأدب، وهذا أمر خاطئ، فقد لا تقل الروايات الخاسرة جودة عن الفائزة، لكن الذوق الشخصى للمحكمين له دور كبير فى هذا الأمر، لهذا فيجب أن توضع هذه المسابقات فى إطارها الحقيقى كوسائل تحفيز، ولو كان الأمر كذلك فلا مانع فى تعدد هذه الجوائز وكثرتها، ففى فرنسا أكثر من ألف جائزة للرواية لدرجة أن عدد الجوائز أكبر من عدد الروايات التى تصدر، وكلها وسائل تخفيز لا يمكن أن تكون مقياسا لجودة الأدب.

> وماذا عن المشهد الروائى فى مصر؟

مصر دائما هى السباقة للجميع فى العالم العربي. وليس غريبا أن نرى فيها هذا النشاط وهذا الزخم الروائى الكبير. فالإنتاج الروائى المصرى غزير جدا، وأنا أتابع المشهد الأدبى المصرى وألتقى بالأدباء والمثقفين بشكل أسبوعى، وهذا يجعلنى على اتصال كبير بحركة الأدب فى مصر.

> الغربة عن الوطن.. ماذا تركت فى نفسك؟.. وكيف أثرت علي عملك الإبداعي؟

أنا اخترت الغربة برغبتى، وكل البلدان التى عشت فيها سنوات عمرى كانت باختيارى وبغرض التعلم، وإقامتى الطويلة كانت فى مصر، وأجد ذلك كله خيرا لى، فلم أشعر طوال هذه السنوات بما يسمى مرارة الغربة أو ألم الفراق، فأنا منسجم مع نفسى، وأجد نفسى فى كل مكان أذهب إليه، وفى النهاية فإن مردود هذه الغربة كان إيجابيا على حياتى الإبداعية، فكل ما كتبت هو حصاد هذه الرحلة التى قد تسمى بالاغتراب أو السياحة.

________________

نشر بصحيفة الأهرام

مقالات ذات علاقة

الناقد عبدالحكيم المالكي لبلد الطيوب: رواية الصادق النيهوم (من مكة إلى هنا) هي الرواية الأولى في ليبيا

منى بن هيبة

فتحي بن عيسى: أحاول إيجاد حلقة وصل بين الكتاب الليبي وقارئ العربية في كل أصقاع العالم.

المشرف العام

عبدالحفيظ العابد: الطفل في المجتمع الليبي يعرف أكثر مما يعرفه الكبار

خلود الفلاح

اترك تعليق