المقالة

فى رثاء ليبيا

ساْقول ان ليبيا ليست بخير. واهلها ليسوا بخير. ساْتقدم اليكم بالعزاء.. سيغضب بعضكم ويتهمنى بالتشاؤم. لكن ليبيا تدعو الى الرثاء حقا والعزاء لايكفيها مدة ثلاثة ايام فقط. وانها ليست بخير.

 ثورة 17 فبراير

عاش مواطنها البسيط فترة من الضيق دامت اربعة عقود وارتكبت كل الاشياء باْسمه ودفع الثمن من صحته وقوت عياله ووقته وانتظر الوحده العربيه ثم الافريقيه ثم تلوين العالم بالاخضر وقال طز كثيرا وسخر منه الاخرون وتبهدل فى المطارات والمنافذ وتحمل كل انواع الخوازيق وتعب فوق الارصفه وفى طوابير الجمعيات ومات فى تشاد واوغندا وفى المعسكرات وعلى اعواد المشانق وضحكوا عليه عندما اخبروه باْنه يعيش فى المجتمع الحر السعيد.

حلم بالثوره والتغيير وكان يخاف من البوح بذلك ويخشى من مستقبل الايام وعماذا تخبئه له الاجنده الدوليه المتشابكه مع النظام وترسانات الاسلحه والعصابات الثوريه والامن الرهيب الذى يسمع دبيب النمله والوشايات من البصاصين والمتطوعين ووثائق البيعه.. وعلى دربك طوالى. كان يسمع من الراديو فى البدايه ويشاهد عبر الفضائيات لاحقا كل انواع التناحر والتقاتل والمشاكل وفنون التفخيخ والحروب الاهليه والخطف والمساومه وفرض الراْى بالقوه وكل الامراض.. ثم (يتقرع) بعد الاكل ويحمد الله رغم كل شىء. رغم المعاناه والحزن والالم والداء والاعداء!!

فى 17 فبراير شعر باْن الحلم تحقق. باْن الدوله ستبنى وستنهض على الاكتاف النديه… دستور وقوانين ولوائح ونظام وحريه وعداله وامن وواجبات وحقوق. طرق وجسور ومطارات وتعليم ومستشفيات وكرامه وانسانيه وثقافه وصحافه حقيقيه وتبادل علاقات وحسن تخطيط ورؤيه للمستقبل وغد مشرق للاجيال القادمه.

دخن هذا المواطن البسيط على عتبة بيته كذا سبسى وهو قرير العين عندما قالوا له ارفع راسك فوق انت ليبى حر.. تخيل ان المستحيل تم قهره بعد ان شرب شاى الحريه فى ساحة المحكمه وهتف ورقص ودربك وكشك وطار من الفرح. كاد يموت من الفرح. وكانت تضحيات وكان ثمن وكان شهداء وكان ضحايا ومفقودين وجرحى واختلطت الامور. حمد القوم السرى. صار الجميع كلهم ثوارا… حرروه كما قالوا له وحرروا الوطن وظل يحلم بالجنه والفردوس الارضى الذى تغنى به العقيد ولم يتحقق فى ارض الواقع السابق.

مرت الايام وشعر بفص جديد خبطه فى اذنيه بقوه. شعر باْنه (يبيدل) فى الهواء (والسيله) قاسيه جدا. لم يكن يتوقع ذلك لا فى الحلم او فى العلم. كان قد قارب ان يحقق الوحده الافريقيه فشعر باْنه يحتاج الى الوحدة الليبيه. كان ينام ويصحو على صوت معمر فقط. صار يدوخ من اصوات المحللين وتعليقاتهم. خبطه جديده. تكسر الحلم. راْى المرتزقه والقتله والبصاصين وجماعة سيف واصحاب المصالح والمناضلين السابقين فى مقدمة الركب.. يقودون المسيره ويغيرون لافتاتهم وصيحاتهم وكتاباتهم. شاهد النشطاء والناشطات والادعياء يتقدمون والشرفاء يتاْخرون. لم يتغير شى فى نظره. الجماعات والتيارات والصراعات والتفجيرات وكل ماكان يسمع به او عنه صار قرب (خشمه). تكسر الحلم وتعب من الياْس حتى فارقه الياْس . الياْس نفسه مل من الليبيين!!

لم يتغير شى. الحلم طلع طرى فشى . كان معمر واحد. صاروا بالالاف. اضحى الوطن عقارات واموال وجماعات وتخويف بالسلاح ومقاطع فيديو. صار وطن (اللى سبق كلا النبق). ويعصر الحزن قلب هذا المواطن البسيط ويشعر بالقلق والخوف من المجهول . يزحف الحزن وياْكله قطعة قطعه فى الازقه والنواجع وعلى شواطى البحر وشعاب الاوديه وذرات الرمال. ويزحف الحزن ايضا فوق جدران ليبيا باْسرها.

اْلهذا قدم 17 فبراير من وراء الغيوم وعبر الليالى الحالكات والتضحيات العظيمه؟

لم يتغير شى. الحزن زاد. ليبيا تصغر فى اعين المتكالبين والمستغولين. الوطن يضيع. والياْس تخلى عنا. لاشى يدعو للتشاؤم. مايحدث مازال بسيطا. يحسن الله عزاكم فى بلادكم. يقول هذا المواطن البسيط .. فاسمعوا وعوا..!!

مقالات ذات علاقة

المحلل السياسي الليبي بين الماضي والحاضر

إبراهيم حميدان

ابتسمْ .. أنتَ في طرابلس!

جمعة بوكليب

غياب الخيارات .. بين الصفر واللا نهاية!

المشرف العام

اترك تعليق